أكدت مجلة "فورين بوليسي" الأسبوعية الأمريكية اليوم الأربعاء، أن الوقت قد حان للتوصل إلى إتفاقية للتجارة الحرة بين الولاياتالمتحدة وأوروبا لتعزيز التعاون بين الجانبين اللذين يمثلان أكبر شراكة تجارية في العالم، مشددة على أن هذه الإتفاقية تعد السبيل الوحيد كي ينتعش الإقتصاد الأمريكي والأوروبي مرة أخرى. ولفتت المجلة الأمريكية - في مقال تحليلي أوردته على موقعها الإلكتروني- إلى أنه في وقت سابق من الشهر الجاري،أعربت مجموعة عمل رفيعة المستوى، تأسست عام 2011 من قبل مسؤولي الإتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة لدراسة جدوى إتفاقية التجارة، عن نيتها لإطلاق مفاوضات التجارة الرسمية بين الجانبين. ومن المقرر أن يصل المفوض التجاري الأوروبي كاريل دي جوشت واشنطن مطلع الأسبوع المقبل لإستكمال دراسة تقرير مشترك بين الإتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة يحدد الأهداف المحتملة لإبرام إتفاقية من هذا القبيل. وأشارت المجلة إلى الظروف الماسة والضرورة الملحة لإبرام مثل هذه الإتفاقية، والتي تتمثل في أن معدل النمو الأمريكي قد يتدنى في نسبته إلى أقل من 3 $ خلال العام المقبل، في حين قد يصل معدل النمو الأوروبي أقل من 0.3 $ (على إفتراض أن اليونان والدول المحيطية الأخرى ستظل جزءا من الإتحاد)، وفقا للتقديرات الأخيرة من قبل صندوق النقد الدولي. وأوضحت المجلة أنه من شأن إبرام إتفاقية التجارة الحرة بين الولاياتالمتحدة وأوروبا أن يسهم في تحسين آفاق النمو عند كلا الجانبين على حد سواء. وذكرت أن "إزالة العوائق التجارية عبر المحيط الأطلسي -من التعريفات واللوائح الحكومية المتضاربة التي تعوق التعامل بين الشركات الرئيسية مع الفروع التابعة لها لدى الجانبين- من شأنه أن يؤدي إلى زيادة في الناتج المحلي الإجمالي لكل من الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة بنسبة 3% . وأوضحت مجلة "فورين بوليسي" - في تحليلها- أن هناك ثلاثة عوامل أساسية ينبغي أن تتضمنها إتفاقية التجارة الحرة المرتقبة عبر المحيط الأطلسي:الأول أنه يتعين أن تهدف هذه الإتفاقية إلى القضاء على كافة المعوقات التي تحول دون زيادة تدفق وحجم التجارة بين الشركاء مثل الولاياتالمتحدة والإتحاد الأوروبي اللذين لديهما مستويات عالية مشابهة من الرقابة التنظيمية. وأشارت المجلة في هذا الصدد إلى أن إتفاقية التجارة الحرة تضع معايير مشتركة أو عملية للاعتراف بالنظم التنظيمية المتعادلة والتي من شأنها أن تحد من المعوقات التجارية. وأضافت "فورين بوليسي" أن ثاني هذه العوامل الأساسية التي ينبغي أن تتضمنها إتفاقية التجارة الحرة المرتقبة عبر المحيط الأطلسي: هي أنه ينبغي أن تغتنم المفاوضات بشأن التماسك التنظيمي هذه الفرصة لتجاوز قطاعات الغذاء والعمل والبيئة إلى قطاعات إضافية مثل الخدمات المالية. وأشارت الى أن ثالث هذه العوامل، هو أنه "يجب أن تتبنى إتفاقية التجارة الحرة عبر المحيط الأطلسي فكرة التنسيق عند وضع القواعد المالية والخطوط العريضة لإطار مرن ولكن مدروس للعمليات الإدارية الحدودية المتزامنة". وأضافت أن العامل الرابع والاخير هو، أنه ينبغي أن تكون صفقة الأطلسي إتفاقية عالمية بقدر كونها إتفاقية ثنائية، بمعنى أنه ينبغي أن تتضمن الإتفاقية بين واشنطن وبروكسل المبادىء الأساسية لعدم التمييز، وذلك بأن يسمح للبلدان الأخرى الوصول إلى الأسواق الأمريكية والإتحاد الأوروبي بسهولة، في حال إستطاعت أن تثبت مدى مطابقتها للمعايير التنظيمية التي تدعو إليها أوروبا والولاياتالمتحدة، إضافة إلى وضع أفضل الممارسات التي يمكن أن تكون بمثابة حافز تعتمد عليه الأسواق الناشئة. وخلصت مجلة "فورين بوليسي" إلى أن هذا الشرط الأخير، على وجه الخصوص، يعكس واقعا أن وجود علاقة وثيقة عبر المحيط الأطلسي لاتعطى معنى سياسيا هاما فقط، بل أيضا أن هناك إقتصادا عالميا أكثر تطورا..مشددة على أن إتفاقية التجارة الحرة بين الإتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة لن تعزز النمو الإقتصادي العالمي وحده، بل يمكن أن تسمح أيضا للولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي بتصدير المعايير والسياسات إضافة إلى السلع.