قال وزير الداخلية الليبي الجديد عاشور شوايل في مقابلة مع رويترز إن نحو ستة آلاف مسلح بدأوا التدريب لتأهيلهم للعمل ضمن قوات الشرطة في إطار حملة لنزع سلاح الميليشيات التي تعوق عملية الانتقال الديمقراطي في ليبيا. تولى شوايل أستاذ القانون السابق ذو الصوت الهادئ مسؤولية تأسيس جهاز شرطة وطنية شرعية وفعالة أواخر العام الماضي بعد أن عينه رئيس الوزراء الجديد علي زيدان في منصبه ليواجه بذلك أصعب تحديات السياسة الداخلية في البلاد. وبعد الإطاحة بالقذافي في عام 2011 شكلت السلطات الانتقالية لجنة أمنية عليا تضم رجال ميليشيات يسعون للتصدي لآخرين يتحدون أجهزة الأمن لاعتقادهم بأنها لا تزال خاضعة لسيطرة أنصار القذافي. غير أن اللجنة الأمنية العليا التي تمولها وزارة الداخلية صارت أفضل تسليحا وقوة من الشرطة الرسمية واتهم عدد من أعضائها بالخطف والترهيب مما يزيد من حالة الفوضى التي تعاني منها ليبيا. وقال شوايل في المقابلة إن حوالي ستة آلاف من عناصر الميليشيات -حوالي عشرة بالمئة من أعضاء اللجنة الأمنية العليا- وافقوا على الانضمام للشرطة النظامية منذ بدء برنامج قبول المنتسبين الجدد في نهاية العام الماضي. وأضاف أنه جرى تشكيل 37 لجنة تدريب للشرطة تعمل تحت سلطة وزارة الداخلية للتعامل مع المجندين الجدد. وأبدى شوايل استعداده لتعديل شروط القبول للسماح بالتحاق مجندين يبلغون من العمر 40 أو 45 عاما أو غير الحاصلين على شهادات الثانوية العامة للتعجيل باندماج اللجنة الأمنية العليا مع الشرطة الوطنية وإفساح المجال لجميع الراغبين في خدمة الوطن. وقال "من يبحث عن الأمان.. من يبحث عن الاستقرار.. من يبحث عن الشرعية.. من يبحث على وظيفة يساهم فيها في بناء دولته بشكل حضاري.. بشكل آمن يتجه إلى لجان القبول لأن الولاء ليس للشخص .. لله وللوطن." وفشلت عدة محاولات سابقة لدمج رجال الميليشيات في الشرطة غير أن شوايل شدد على أن الخطة الجديدة أكثر فعالية لأن الليبيين ضاقوا ذرعا بالقوى المسلحة في الشوارع. وقال إن هذه المرة ستكون مختلفة لأن الشارع جاهز لذلك والليبيين مستعدين لإعادة بناء وطنهم وإحلال الاستقرار به. وأضاف أن الجميع لديهم أبناء وبنات ومصالح شخصية ودولية ولكن لا يمكن تحقيقها إلا في مناخ من الاستقرار ومن خلال مؤسسات الدولة. وعبر شوايل عن ثقته بأن المزيد من أعضاء اللجنة الأمنية العليا سيختارون الانضمام إلى الشرطة لأن الحوافز تتضمن رواتب ثابتة ورعاية صحية مدفوعة مقدما مما سيساعدهم على شراء منازل وتكوين أسر. وقال المتحدث باسم الوزير إن هناك طلبات جديدة تقدم من رجال ميليشيات كل يوم دون أن يكشف عن أرقام. ولم يفصح شوايل عن حجم مشكلة المسلحين الذين ما زالوا يرفضون أجهزة الأمن مكتفيا بالقول إن الحل يكمن في طرح أفكار خلاقة للتغلب على هذا الوضع مع تجنب المواجهة. وأقر الوزير بأن الكثير من رجال الميليشيات لا يزالون ينظرون إلى الشرطة على أنها إحدى المؤسسات الموصومة بالديكتاتورية التي مارسها القذافي على مدى 42 عاما. وقال شوايل إن هناك بعض رجال الميليشيات لهم أجندات خاصة سواء من داخل ليبيا أو خارجها ولديهم مشكلات شخصية مشيرا إلى أن هناك من يعلمون أن بناء الدولة قد يعني احتمال دخولهم السجن. وأضاف أن هناك عدة أفكار يجري بحثها في لجنة حكومية خاصة للتعامل مع الرافضين للاندماج في الشرطة. وتابع أن السلطات ستتواصل معهم لتطلع على احتياجاتهم ومن ثم تحاول تلبيتها مشيرا إلى أن البعض ينظر إلى مسؤولي الحكومة على أنهم أعداء. ولد شوايل في مدينة بنغازي شرق ليبيا عام 1954 وتلقى تدريبا كضابط شرطة في مصر في سبعينات القرن العشرين وعمل في شرطة بنغازي. وفي عام 2000 حصل شوايل على درجة الدكتوراه من جامعة عين شمس بالقاهرة وعاد لدراسة القانون في جامعة بنغازي إلى أن لفت انتباه زيدان. غير أن مشواره إلى الحكومة كان مليئا بالمشكلات. فقد اتهم شوايل بأنه أحد فلول نظام القذافي وكذا عدد من الوزراء الآخرين واندلعت احتجاجات أمام المؤتمر الوطني العام احتجاجا على تعيينه. وأحيل شوايل إلى الهيئة العليا لتطبيق معايير النزاهة والوطنية وهي هيئة مشكلة من خبراء قانونيين شكلها المجلس الوطني الانتقالي الليبي لدراسة خلفيات المسؤولين الحكوميين. وقضت محكمة استئناف الشهر الماضي بتبرئة شوايل من أي علاقة بنظام القذافي.