لم يكن سوق السينما خلال العام المنصرم واضح المعالم، فالجمهور لم يعد يذهب إلى دور العرض بالكثافة التى كان عليها فى السنوات السابقة، والنجوم تتقاضى الملايين لم تعد أفلامهم تحقق الإيرادات الفلكية باستثناء نجم واحد هو أحمد حلمى الذى لا يزال محافظاً على مكانه فى قمة شباك التذاكر برغم عدم وجوده على أفيشات السينما طوال العام، وهناك نجوم خرجت تماماً من السباق واتجهت للدراما التليفزيونية مثل عادل إمام ومحمد سعد، وخلال عام 2012 عرض نحو 30 فيلما ، لم تحقق النجاح المطلوب سواء المادى أم حتى النقدى باستثناء فيلم أو فيلمين, مما استوجب معه عدة تساؤلات هل ستنتهى ظاهرة أفلام النجم السوبر خلال 2013 ؟ وهل سيبتعد المنتجون عن صنع الأفلام ذات الميزانيات الفلكية؟ وهل ستفرز الساحة نجوماً جددا يتقاضون أجوراً معقولة، بحيث لا تزيد التكلفه الإنتاجية للفيلم على 4 أو 5 ملايين جنيه، وما شكل الأفلام فى الفترة المقبلة، أسئلة كثيرة يجيب عنها صناع السينما فى التحقيق التالى. هناك 3 مستويات لصناعة الأفلام الأول هو أفلام النجوم السوبر والذين يتقاضون عنها الملايين، ويتكلف الفيلم الواحد ما يقرب من 20 مليون جنيه، وهناك أفلام متوسطة التكاليف تعتمد على نجوم جدد أو ممثلين ممتازين، لكنهم ليسوا نجوم شباك وتتكلف أفلامهم من خمسة إلى 7 ملايين جنيه، أما الفئة الثالثة فهى الأفلام التى تصنع بوجوه جديدة ولا تتكلف شيئاً وقد تنجح أو تفشل لكنها لا تخسر بل إن بعض المنتجين يعتمدون عليها فى الوقت الحالى بشكل أساسى للوجود، هذا ما أكده المنتج وائل عبدالله وأضاف، السوق السينمائى حالياً غير واضح المعالم ومعظم المنتجين متوقفون أو على الأقل منتظرون ما سيحدث فى الفترة المقبلة نظراً للخسائر الكبيرة التى تكبدوها أخيرا، لذلك سنجد فى الفترة المقبلة عددا أكبر من أفلام الفئة الثانية مقابل عدد أقل نسبياً لأفلام النجوم برغم تخفيض أجورهم بالفعل، وذلك بسبب اختفاء التوزيع الخارجى الذى يسهم فى نجاح العملية الإنتاجية فى الوقت الذى لا يغطى التوزيع الداخلى التكلفة الفعلية للفيلم، فمثلاً فيلم تكلف 20 مليون جنيه حقق إيرادات وصلت 15 مليونا، وبحسبة بسيطة نجد أن دخل المنتج الفعلى من هذا المبلغ لا يتعدى 6 أو 7 ملايين فمن أين يعوض ما دفعه؟ هذه هى المشكلة الحقيقية للأفلام الكبيرة، أما الأفلام المتوسطة فالمخاطرة فيها كبيرة أيضاً، لكن السوق قد يستوعبها لذلك نجد أن عددها أكثر وسوف تزيد فى الفترة المقبلة بشرط الاعتماد على السيناريو الجيد والإخراج المتميز. تخبط فكرى نحن نعمل بدون إستراتيجية واضحة بهذه الكلمات بدأ المنتج “ محمد العدل “ حديثه مؤكداً أن جمهور السينما الآن يغير نجومه كل 10 سنوات على أقصى تقدير ومشكلة السينمائيين تكمن فى أنهم لم يفكروا فى هذه النقطه ويدرسوها ويضعوا لها الحلول، فالمشاهد فى عمر ال 17 ارتبط بالنجوم أمثال “ أحمد السقا وهنيدى وسعد وكريم “ وغيرهم أثناء بداياتهم، لكن هذا المشاهد نفسه أصبح الآن على مشارف الثلاثين من العمر، وهناك جيل جديد فى مرحلة المراهقة يبحث عن نجوم جدد، فى نفس الوقت الذى تمر فيه السينما المصرية بأزمة سواء على مستوى السيولة المادية وعدم وجود منتج جاد أم عن طريق عزوف الجمهور عن الذهاب للسينمات، وبالتالى هناك خسارة كبيرة لصناع الأفلام فى وقت ينسحب فيه الموزعون من السوق، لذلك أعتقد أن الفترة المقبلة سوف تشهد أفلاماً تعتمد على السيناريو والإخراج أكثر من الاعتماد على أسماء النجوم، لكن ليس معنى ذلك أن تختفى هذه النجوم إنما سيكون هناك تطعيم بينهم وبين الجيل الجديد، لأن السينما لا تسطيع أن تسير فى اتجاه واحد، وعن نفسى كانت لى تجربه منذ ثلاث سنوات عندما أنتجت فيلمى “ ولد وبنت وتلك الأيام “ لكن معايير السوق وقتها لم تسمح بنجاح التجربة، لكن الفرصة مهيأة الآن لذلك لكنها تحتاج لتضافر جميع الجهود وإلا ستنهار هذه الصناعة العريقة بعدما شاهدنا ما وصلت إليه إيرادات الأفلام التى عرضت خلال 2012 باستثناء حالة أو اثنتين على أكثر تقدير. سوق غير مستقر من الصعب دراسة السوق السينمائى الآن لأننا فى فترة انتقالية تتمثل فى كيف يسترد المنتج أمواله التى دفعها فى وقت السوق غير مستقر تماماً، هذا هو رأى المنتج “كريم السبكى" الذى يرى أن إيرادات المواسم الرئيسية خلال عام 2012 تعتبر هزيلة جداً وصاحبتها خسارة للمنتجين، فهل تكمن المشكلة فى الفيلم أم فى الجمهور الذى تغير ذوقه؟ فأنا لا أستطيع الإجابة عن هذا السؤال الآن لكن فى نفس الوقت علينا ألا نغفل أن السوق عرض وطلب، والنجم الذى ينجح ويحقق إيرادات يأخذ الأجر الذى يستحقه مهما كان كبيرا، برغم اقتناعى بأن الفترة المقبلة ستشهد كماً أكبر من الأفلام متوسطة التكلفه بعدد من الوجوه الجديدة وسيكون الاعتماد على الموضوع كما حدث فى فيلمى “ ساعة ونص و عبده موته “ فى المقابل سيكون هناك إنتاج أقل حسب حاجة السوق للأفلام ذات التكلفة الكبيرة التى بها أسماء لامعة لكنها لن تنتهى كما يتصور البعض. مستقبل غامض أما “عبد الجليل حسن" المستشار الإعلامى للشركة العربية فقال: نحن نعيش أياما غريبة لا يستطيع أى شخص أن يستقرئ المستقبل، والسينما هى جزء من المجتمع لذلك فهى تمر بحالة عدم استقرار حتى الآن، والجمهور لم يعد يذهب لدور العرض كما كان وبالتالى انعكس ذلك على الإيرادات ومن ثم على إنتاج أفلام جديدة، فنحن نكمل الأفلام التى بدأت التصوير منذ فترة لكن حتى الآن لم نقرر الدخول فى إنتاج جديد حتى تتضح الرؤية، أما مسألة أجور النجوم فهى تخضع للعرض والطلب لأن النجم الذى يحقق إيرادا كبيرا يرفع أجره تلقائياً والمنتج لا يمانع طالما سيكسب من ورائه.