لم يتلق دعوة.. لكنه سجل الحضور مبكرا. ذهبت أبحث عنه بين الحضور صباح الأحد الماضى أثناء افتتاح عدد من المشروعات القومية فى إقليم قناة السويسوسيناء. لم أجده، لكن التاريخ دوَّن على مقعده لافتة بعنوان:«سيناء فى شخصية مصر».
أتحدث عن عالم الجغرافيا الأشهر الدكتور جمال حمدان (1928-1993)، الذى أبدع فى وصف سيناء، وقراءة مستقبلها وأمنها القومى. نعم كان عالم الجغرافيا السياسية المصرى محقا، عندما قال: إن سيناء ليست مجرد صندوق من الرمال، كما يتوهم البعض، إنما هى صندوق من الذهب مجازا كما هى حقيقة إستراتيجية.
الرئيس عبد الفتاح السيسى، منذ اليوم الأول لتوليه مهمة قيادة مصر، وضع سيناء فى بؤرة اهتماماته، بل أعطاها أولوية فارقة، لما تمثله من أهمية جغرافية وتاريخية للدولة المصرية. فلسفة المشروعات القومية الكبرى، التى تشهدها منطقة قناة السويس، والأنفاق التى تربط الشرق بالغرب، إنما هى رؤية الرئيس السيسى فى بناء الدولة المصرية، والحفاظ على أمنها القومى، وذلك وفقا لإستراتيجية وتخطيط علمى مدروس، يضمن تحقيق الحماية المستقبلية لحدود هذا الوطن من أية تهديدات، يمكن أن تواجهه. تأتى فلسفة التنمية والعمران فى مقدمة الأهداف التى تقود إلى ترسيخ وبناء وحماية الدولة.
فلو أخذنا على سبيل المثال، ثمار افتتاح الأنفاق التى تربط الغرب بالشرق، فنحن أمام انتهاء العزلة تماما، وأن سيناء سوف تشهد نهضة غير مسبوقة، اقتصاديا واستثماريا، سيما أنها تتميز بأفضل الموارد الطبيعية، التى تسهم فى خلق حالة صناعية واستثمارية، تتيح لأصحاب المشاريع التنقل بسهولة ويسر، هذا فضلا عن أن هذا المشروع التاريخى، سيزيد مساحة الكتلة البشرية فى سيناء، عن طريق ربطها بالدلتا، الأمر الذى يقود إلى حدوث طفرة مؤكدة فى الزراعة، وتبادل السلع الغذائية، إذ أن سيناء ستتحول إلى مركز رئيسى يستقبل جميع المنتجات من مختلف محافظات مصر.
الرئيس السيسى لديه تصور، صار يتحقق على أرض الواقع، ويهدف إلى خلق حياة جديدة فى سيناء ومدن القناة، فالتنمية هى السلاح الأقوى لمواجهة الإرهاب، والمواجهات الأمنية وحدها لا تكفى، لكن التوسع البشرى، والبناء التنموى، وزراعة الصحراء، وذوبان البشر، شرقا وغربا، وإقامة مشروعات قومية عملاقة، من شأنها تحقيق النهضة والنقلة فى اقتصاد هذه البقعة الغالية، هذه هى أقوى الأسلحة لمواجهة موجات التطرف المتلاحقة، عبر أزمنة طويلة، فلا شك أن هذه الإنجازات التى تشهدها منطقة سيناء، ستسهم بشكل كبير فى تقديم أجيال جديدة وفق معطيات وواقع مختلفين، وبالتالى فإن النتائج المستقبلية، ستكون أيضا أكثر اختلافا وتميزا لصالح الدولة المصرية. وبقراءة الأرقام الكبيرة التى تتضمن إجمالى عدد المشروعات المنفذة والمستهدفة خلال السنوات الست منذ عام 2014 إلى 2020، وتصل إلى نحو 994 مشروعا، بتكلفة تقديرية 795 مليار جنيه، فنحن أمام حقيقة وواقع لا يمكن إنكارهما، وعلينا البناء عليهما والحفاظ على نتائجهما، والعمل على تطويرهما مستقبلا، فما يحدث الآن فى إقليم السويسوسيناء، إنما هو عبور إلى المستقبل.. عبور بالأرض والعرض والأبناء والأحفاد إلى بر الأمان.. بل إنه عبور بفكرة الوجود والثبات والرسوخ، وبالتالى فإن الاصطفاف خلف الرئيس عبد الفتاح السيسى فى هذا التوقيت، واجب وطنى، لابد منه، فاللحظة صعبة، والتحديات متشابكة بل معقدة، الرئيس قالها صراحة: «من كان سيقف معنا لتعويض خسائرنا لو كانت قد استمرت الأوضاع الأمنية فى التدهور؟» مؤكدا أن الأشقاء وقفوا معنا فى البداية، إلا أننا يجب أن نعتمد على أنفسنا، وقال الرئيس إنه لو كانت المظاهرات هى السبيل لبناء مصر، لتقدم صفوف المصريين بالتظاهر فى الشوارع ليل نهار، وجاءت رسالة الرئيس قاطعة عندما قال: إن البلاد تبنى بالأمن والاستقرار والسلام والعمل، ونحن نقوم ببناء الدولة حاليا، فى الوقت الذى نبذل فيه الدم فى مواجهة الإرهاب، وإنه من حقنا -كمصريين- ألا نكون متخلفين فى ذيل الدول، وإنه من حقنا -كأمة- أن تأخذ مكانها بين كبرى الدول بالعلم والاستقرار والأمن والبناء والتعمير.
نعم.. ما يفعله الرئيس السيسى الآن، سيجنى ثماره ملايين الشباب الذين يرتبط مستقبلهم بالمشروعات القومية الآن، فما حدث خلال السنوات الخمس الماضية، كان يحتاج إلى عشرات السنوات لإنجازه، لكنها الإرادة فى بناء الدولة المصرية وحمايتها والحفاظ على استقرارها، وسط المتغيرات التى تشهدها المنطقة.
تحيا مصر.. تحيا مصر.. تحيا إنجازات السيسى فى «شخصية مصر».