العبرة بالنتائج. القمة العربية الأوروبية، جاءت فى الوقت والمكان المناسبين. مصر نجحت بامتياز فى استضافة مشرفة لقادة وزعماء دول الاتحاد الأوروبى. الحدث يحتاج إلى رجل قوى وصاحب رؤية. الرئيس عبد الفتاح السيسى، استطاع بكل قوة أن يمر بأفكار مصر والعرب داخل عقول القادة الأوروبيين، ويؤكد أمام العالم أن الاستقرار «خط أحمر». مصر تنتقل من مرحلة إلى أخرى.. لم تقف مكتوفة الأيدى خلف أسوار الأيديولوجيات.. ثقل وقوة وصعود واكتساب مساحات إقليمية ودولية. أهم رسائل القمة العربية الأوروبية ما يلى: إن الدولة المصرية لها خطوط حمراء لا تسمح بتجاوزها، فضلا عن تأكيد مكانتها، ومركزية الدور الذى تلعبه بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى منذ أن تولى المهمة عام 2014. اختيار شعار «الاستثمار فى الاستقرار»، رسالة قوية وواضحة لمواجهة ما يسمى بالفوضى الخلاقة، التى ظهرت فى عهد الرئيس الأمريكى السابق أوباما، وكانت تهدف إلى تمزيق الشرق الأوسط، وهذا الشعار يأخذنا إلى ضرورة الحفاظ على الدولة الوطنية بمفهومها الوطنى، وسط تحديات إقليمية ودولية كبيرة تهدف إلى إسقاط الدول المستقرة. حرصت القمة العربية الأوروبية على التأكيد، بأن غياب الدولة الوطنية هو العنصر المشترك فى جميع الأزمات، فغياب الدولة الوطنية سبب مباشر فى تفاقم وباء الإرهاب والهجرة غير النظامية، وإثارة الفتنة بين الشعوب وتفتيت المجتمعات. الرئيس السيسى وقادة ورؤساء العالم العربى، كانوا حريصين على ترسيخ مفهوم احترام الآخر، وعدم التدخل فى شئون الدول الأخرى، سيما أن العلاقات بين الدول، وفقا لما تنص عليه العلوم السياسية، تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة. اللافت للنظر ويستحق التوقف كثيرا، هو مجىء 28 زعيما ورئيسا من دول الاتحاد الأوروبى، فى قمة نادرة تعقد للمرة الأولى، وخلق حوار حقيقى لم يحدث منذ عام 1973، عندما تم قطع النفط العربى عن أوروبا، فهذا يعنى أننا أمام تحول حقيقى فى المشهد الإقليمى والرؤية الأوروبية تجاه ما حدث، وما يحدث فى العالم العربى، فضلا عن أن استضافة مصر لهذه القمة، وما شهدته من حضور رفيع المستوى، يعكس قناعة أوروبية بسلامة النهج المصرى داخليا وخارجيا. القمة كانت منبرا قويا أمام العالم، نجح من خلاله الرئيس السيسى فى طرح رؤى ومبادرات كاشفة وجريئة فى ملفات مختلف عليها بين الأوروبيين أنفسهم، مثل المقاتلين الأجانب العابرين للحدود، والدول التى توفر غطاء سياسيا ودعما ماليا للتنظيمات المتطرفة. جرأة وقوة وصراحة وصدق كلمة الرئيس السيسى فى الجلستين - الافتتاحية والختامية- تؤكد أننا أمام قائد يقف على أرضية صلبة، ويصر على الحفاظ على مقدرات الشعوب، ونهاية زمن الوصاية من قبل دول على دول أخرى. مصر وضعت قضايا وملفات اعتبرتها مركزية فى النقاش فى مقدمتها: القضية الفلسطينية، وضرورة أن يكون هناك حل عادل للقضية يقوم على حل الدولتين، وقيام دولة فلسطينية على حدود 4 يونيو 67، وعاصمتها القدسالشرقية، أيضا ملف عودة الدولة الليبية بعد الصراع والسباق الأوروبى عليها، وكذلك الأمر بالنسبة للدولة السورية، وضرورة الحل السياسى العاجل فى اليمن. من العناوين المهمة لهذه القمة تلك التى تعلقت برفض السلوك الإيرانى المزعزع للاستقرار، ووقف نزيف تدخلها المستمر فى الشئون الداخلية لدول المنطقة، ودعمها للإرهاب والجماعات المتطرفة، مثلما الحال فى اليمن، وأن الحرب على الإرهاب لابد أن تكون شاملة وجامعة، لا يتم تفصيلها على هوى المحركين والممولين والمستفيدين منها، وبالتالى فإن المواجهة لابد أن تشمل جميع التنظيمات، بما فيها جماعة الإخوان الإرهابية. اللافت للنظر أيضا أن ممثل الرئاسة الأوروبية، استمع بشكل مباشر وأمام العالم إلى رد الرئيس السيسى فى المؤتمر الصحفى على أحد المراسلين، وهو يقول للعالم: «خلينى أقول للمراسل، الأولوية عندكم فى الدول الأوروبية (تحقيق الرفاهية)، أولويتنا إحنا الحفاظ على بلدنا وحفظها من السقوط والخراب والانهيار». وأضاف: «الأولويات والأهداف مختلفة بيننا، لا يمكن أن نغفل ما يحدث فى منطقتنا العربية، من فضلكم وإنتو بتردوا على الواقع فى منطقتنا، تبصوا على منطقتنا، وده مش معناه التجاوز فى حقوق الإنسان، أرجو أن تتفهموا أن شرم الشيخ، المدينة الجميلة اللى إنتوا قاعدين فيها، يمكن أن تتحول بعمل إرهابى واحد إلى مدينة أشباح». وتابع السيسى: «عندما يحدث حادث إرهابى واحد، تتحول لمدينة أشباح لمدة 3 أو 4 سنين، وده مش معناه تجاوز لحقوق الإنسان.. حجم التحديات داخل مصر كبير، مصر تتعرض خلال 5 سنوات لآلاف الأعمال الإرهابية، تتصور مواجهتها هيترتب عليها إيه؟ الأولويات اللى عندنا مهم تشوفها بظروفنا إحنا». وعن أحكام الإعدام، قال: «أنتم تتكلمون عن الإعدام.. نحن نقدر ذلك، لكن نرجو ألا تفرضوا علينا شيئاً، هنا لما يقتل إنسان فى عمل إرهابى، الأسر بتيجى تقول لى (عاوزين حق ولادنا)، ودى ثقافة منطقتنا، وده حق بيتاخد بالقانون، لو طالبت أوروبا ترجع عقوبة الإعدام، أنتم عاوزين تعلمونا! إنتو مش هتعلمونا إنسانيتنا.. احترموا أخلاقنا وإنسانيتنا». خلال ال 48 ساعة, هى عمر القمة خلقت النقاشات واللقاءات الثنائية مساحة واسعة غير مسبوقة، للتفاعل المباشر الذى يعكس صدى إيجابيا للرأى العام الأوروبى، سيما أن هذه النقاشات تضمنت الملفات المسكوت عنها، التى كانت تمثل نقاطا ملتهبة دائما فى ملفات مثل: الإرهاب والهجرة غير الشرعية وحقوق الإنسان.