منذ أن خلق الله عز وجل الإنسان وأعطاه القدرة على السعى والانتشار، وهو يعمل بدأب للحصول على الغذاء الذى يتمكن به من العيش والديمومة والإبقاء على ذاته، مما جعل السعى نحو إشباع رغبات الجسم وتلبية احتياجاته من الطعام أمرا فطريا، وتعتبر التغذية مقوّماً من المقومات التى تضمن بقاء الإنسان على قيد الحياة، والتغذية السليمة تمنح الإنسان الحصول على جسم صحيّ وخال من الأمراض، وتكون بمثابة جدار واقٍ وحامٍ للجسم من التعرّض للكثير من الأمراض الخطيرة للسرطانات والنوبات القلبيّة وغيرها من الأمراض، التى تنتج عن سوء التغذية والغذاء غير الصحى والمتوازن، وصدق الله العظيم إذ يلفتنا فى كتابه الكريم أن نتفكر فى غذائنا حيث يقول جل جلاله " فلينظر الإنسان إلى طعامه " وأن نتأمل دقة العمليات الحيوية الغذائية وإعجازها فى الجسم الحى . والتغذية فن بالإضافة إلى كونها علماً، فعلى الرغم من أن الإنسان يستجيب غريزيًا للجوع فيأكل ، فإن ما يختاره من طعام يتأثر بأمور كثيرة كالعادات والتقاليد الشعبية والخبرات المكتسبة والدين والعقيدة، فتفضيل نوع من الأطعمة على نوع آخر، لا يحدده بالضرورة على ما فيه من عناصر غذائية بل غالبًا ما يمليه المجتمع وعاداته، إن التغذية السليمة وبالكميات الكافية ضرورة للنمو والوقاية من الأمراض والمحافظة على الصحة – وحديثًا تعتبر العادات الغذائية الصحية عاملا ضروريا فى انخفاض معدلات الإصابة بالأمراض المرتبطة بالتغذية مثل أمراض القلب والسرطان والسمنة والضغط العالى وهشاشة العظام فى البالغين والأنيميا وتسوس الأسنان فى الأطفال.
كذلك تؤثر العادات الغذائية السيئة - خصوصا ونحن فى النصف الثانى من شهر رمضان - مثل الإسراف فى الأكل أو انخفاض عدد الوجبات أو عدم تنوع الوجبة الغذائية على نمو الأطفال ومستوى التطور الذهنى لهم لذلك تحرص الكثير من الدول المتقدمة على رفع مستوى الوعى الغذائى من خلال برامج التثقيف الغذائى فى وسائل الإعلام المختلفة وكذلك من خلال الدورات التدريبية الموجهة لمختلف أفراد المجتمع بهدف المساعدة فى تخطيط الوجبات الغذائية المتوازنة، التى توفر للإنسان كفايته من العناصر الغذائية المختلفة. لكى يصبح الغذاء متزنًا وصحيا يجب أن يتوفر فيه الآتى:
احتواؤه على كمية من البروتين تكفى لإمداد الجسم بالأحماض الأمينية الضرورية واحتواؤه على مصدر لتوليد الطاقة (الدهون- الكربوهيدرات – البروتين) واحتواؤه على كمية كافية من الفيتامينات والأملاح المعدنية وكذلك احتواؤه على كمية مناسبة من الماء وخلوه من المواد السامة والضارة، إذا لم يتبع الإنسان قواعد التغذية السليمة والعادات الغذائية الصحيحة يحدث ما يسمى بسوء التغذية .
ويقصد بسوء التغذية الزيادة أو النقصان فى عنصر أو أكثر منالعناصر الغذائية التى يحتاجها الجسم، مما يسبب ضرراً صحياً على الفرد، وتعد مشكلة سوء التغذية من أهم المشاكل التى تواجهها المجتمعات، وخصوصا المجتمعات النامية، حيث تطال حوالى 20 % منهم من بلدان العام النامي، ولسوء التغذية آثار وظلال سلبية على الأفراد والمجتمعات على حد سواء، فتناول الغذاء السليم عامل ضرورى لتحقيق الشعور بالصحة وخصوصا فى الشهر الكريم، لذا يعتبر علم التغذية من العلوم الطبيعية التى تركز على صحة الإنسان فى جميع مراحل نموه، ففى مختلف فروع الطب العلاجي، كثيراً ما يواجه الأطباء مشاكل صحية ناتجة عن خطأ فى التغذية سواءً بالإفراط أم بالقصور، مما يؤثر بشكل مباشر على الوظائف الحيوية لمعظم أجهزة الجسم، ومن هنا تتضح صحة ما اعتقده أجدادنا القدماء، بأن المعدة هى بيت الداء وأن الحمية رأس الدواء، وأن ما يعالج بالغذاء لا يلزم له الدواء. الأطفال والمراهقون والحوامل والمسنون هم أكثر فئات المجتمع فى أمس الحاجة للتغذية السليمة، ولذلك فإن التوعية الغذائية السليمة من شأنها ليس فقط ضمان الصحة الجيدة لهؤلاء الفئات المجتمعية المختلفة، وإنما أيضاً لها بعد اقتصادي، حيث إن التغذية الأفضل قبل و فى أثناء التعرض للمرض، من شأنها تحسين الوضع الصحى الوقائى من جهة، وتقصير مدة البقاء فى المستشفى من جهة أخرى, مما يقلل نفقات الرعاية الصحية، وبالتالى تخفيف العبء على ميزانية الدولة.