الأمين العام الجديد لمجمع البحوث الإسلامية يوجه رسالة للإمام الطيب    «سجل الآن» فتح باب التقديم على وظائف بنك مصر 2024 (تفاصيل)    محافظ الإسكندرية: استثمارات مشتركة بين مصر والسعودية لتحقيق تنمية متكاملة    ننشر أسعار اللحوم والدواجن اليوم الثلاثاء 24 سبتمبر 2024    شركة مياه الشرب بقنا ترد على الشائعات: «جميع العينات سليمة»    موعد صرف الدعم السكني لشهر سبتمبر    وزير الخارجية ونظيرته الكندية يبحثان إلغاء التأشيرات المسبقة    السعودية تتابع بقلقٍ بالغ تطورات أحداث لبنان وتجدد تحذيرها من خطورة اتساع العنف    جيش الاحتلال الإسرائيلي: صفارات الإنذار تدوى جنوب وشرق حيفا    جسر جوي وبري لنقل المساعدات والوقود من العراق إلى لبنان    جوتيريش يجدد دعوته إلى أطراف الصراع في لبنان وإسرائيل لحماية المدنيين    تضامن وتحذيرات.. تفاصيل اجتماع وزراء الخارجية العرب بشأن لبنان    مسؤول أمريكي: الولايات المتحدة تُعارض غزوًا بريًا إسرائيليًا للبنان    ملف مصراوي.. قائمة الزمالك لمواجهة الأهلي.. أزمة أحمد فتوح بالسوبر الأفريقي.. وسرقة حسام غالي    أسامة عرابي: مباريات القمة مليئة بالضغوط ونسبة فوز الأهلي 70%    وكيل ميكالي: كان هناك سوء تفاهم مع اتحاد الكرة.. ومرتب المدرب لم يتضاعف    «ساعدني لإكمال الدراسة».. مهاجم الإسماعيلي يروي موقفًا مؤثرًا لإيهاب جلال    موتسيبي: زيادة مكافآت الأندية من المسابقات الإفريقية تغلق باب الفساد    "لم أقلل منه".. أحمد بلال يوضح حقيقة الإساءة للزمالك قبل مواجهة الأهلي في السوبر الأفريقي    محافظ الجيزة يعاين جهود السيطرة على حريق مدينة الإنتاج الإعلامي    بلاغ جديد ضد كروان مشاكل لقيامه ببث الرعب في نفوس المواطنين    عاجل - الثلاثاء يشهد طقسًا حارًا ورطبًا في معظم الأنحاء مع تحذيرات من التعرض للشمس    "هذا ما لم نسمع به من قبل".. كيف علق عمرو أديب على تقدم أحمد سعد ل"خطبة" طليقته؟    مؤسسة محمد حسنين هيكل تحتفل بميلاد «الأستاذ».. وتكرّم 18 صحفيا    مدين يكشف كواليس مكالمة عمرو مصطفى والصُلح بينهما    مسعد فودة: اتحاد الفنانين العرب يواصل رسالته في دعم القضايا العربية    أضف إلى معلوماتك الدينية| دار الإفتاء توضح كيفية إحسان الصلاة على النبي    دولة آسيوية عظمى تؤكد أول إصابة بمرض «جدري القرود»    الصحة اللبنانية: ارتفاع شهداء الغارات الإسرائيلية إلى 492 والمصابين إلى 1645    أحمد سعد: اتسرق مني 30 قيراط ألماظ في إيطاليا (فيديو)    إصابة 5 أشخاص في تصادم سيارتين بطريق أبو غالب في الجيزة    هل منع فتوح من السفر مع الزمالك إلى السعودية؟ (الأولمبية تجيب)    فرنسا تدعو لاجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي حول لبنان    هبوط تجاوز ال700 جنيه.. سعر الحديد والأسمنت اليوم الثلاثاء 24 سبتمبر 2024    أول تعليق من هند صبري بشأن الجزء الثاني ل«أحلى الأوقات»    تأثير القراءة على تنمية الفرد والمجتمع    وزير الأوقاف يستقبل شيخ الطريقة الرضوانية بحضور مصطفى بكري (تفاصيل)    مسؤول بمجلس الاحتياط الأمريكي يتوقع تخفيض الفائدة الأمريكية عدة مرات في العام المقبل    مصر للطيران تعلن تعليق رحلاتها إلى لبنان    الفوائد الصحية لممارسة الرياضة بانتظام    محارب الصهاينة والإنجليز .. شيخ المجاهدين محمد مهدي عاكف في ذكرى رحيله    تعرف على موعد ومكان عزاء رئيس حزب الحركة الوطنية    ارتفاع حصيلة مصابي حادث أسانسير فيصل ل5 سودانيين    اخماد حريق نشب بمخلفات في العمرانية الشرقية| صور    هيفاء وهبي جريئة وهدى الإتربي تخطف الأنظار.. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    إبراهيم عيسى: تهويل الحالات المرضية بأسوان "نفخ إخواني"    حتحوت يكشف رسائل محمود الخطيب للاعبي الأهلي قبل السوبر الإفريقي    وزير البترول يؤكد استدامة الاستقرار الذى تحقق في توفير إمدادات البوتاجاز للسوق المحلي    الآن رابط نتيجة تقليل الاغتراب 2024 لطلاب المرحلة الثالثة والشهادات الفنية (استعلم مجانا)    أحمد موسى يناشد النائب العام بالتحقيق مع مروجي شائعات مياه أسوان    طريقة عمل الأرز باللبن، لتحلية مسائية غير مكلفة    عمرو أديب: حتى وقت قريب لم يكن هناك صرف صحي في القرى المصرية    الاقتصاد ينتصر| تركيا تتودد لأفريقيا عبر مصر.. والاستثمار والتجارة كلمة السر    جامعة عين شمس تستهل العام الدراسي الجديد بمهرجان لاستقبال الطلاب الجدد والقدامى    في إطار مبادرة (خُلُقٌ عَظِيمٌ).. إقبال كثيف على واعظات الأوقاف بمسجد السيدة زينب (رضي الله عنها) بالقاهرة    خالد الجندي: بعض الناس يحاولون التقرب إلى الله بالتقليل من مقام النبى    أستاذ فقه يوضح الحكم الشرعي لقراءة القرآن على أنغام الموسيقى    وكيل الأوقاف بالإسكندرية يشارك في ندوة علمية بمناسبة المولد النبوي الشريف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نازحو العراق بين المعاناة والعودة والاستغلال السياسي
نشر في الأهرام العربي يوم 18 - 01 - 2018


تشكل ازمة النازحين العراقيين من ديارهم عقبة كؤود في وجه الحكومة العراقية، فبعد تحرير البلاد من شيطان داعش، فان ازمة النازحين بقيت مشتعلة بوصفها أكبر تحدي تواجه حكومة بغداد باعتبارها أزمة انسانية واجتماعية واقتصادية كبرى، وذلك بالنظر الى عدد النازحين الذي يفوق خمسة ملايين عراقي داخل الوطن وخارجه. ورغم ان وزارة الهجرة والمهجرين، قد أعلنت مؤخرا عن عودة نحو 45% من النازحين الى ديارهم واستقرارهم في محافظاتهم غير النسبة الأخرى وهي قرابة ثلاثة ملايين لا يزالون يواجهون ظروفا معيشية شديدة الصعوبة تدفع بعضهم للانتحار داخل مخيماتهم التي يفتقد أكثرها مقومات الحياة الآدمية الكريمة. فأزمة حركة نزوح العراقيين قد تعمقت بشكل كبير في المناطق التي سيطر عليها تنظيم الدولة داعش منتصف 2014، كما ازدادت عمليات النزوح بعد انطلاق العمليات العسكرية سواء هربا من داعش او من العدالة. مأساة النازحين في داخل العراق نفسها عانى اكثر من ثلاثة مليون عراقي مآسي في مجالات الحياة اليومية من نقص حاد في الصحة والتعليم والخدمات الضرورية خاصة ماء الشرب والصرف الصحي ، بينما تجاهل الاعلام الاستقصائي معانتهم واكتفى بنقل البيانات الرسمية وتصريحات السياسيين. وفي ظل المعاناة اليومية التي يعيشها سكان المخيمات من النازحين العراقيين، فانهم دفعوا ثمنا باهظا للهاجس الأمني بسبب المخاوف الأمنية من إمكانية تسلل إرهابيين بين صفوفهم. وتعددت مظاهر معاناة النازحين من تكدس العوائل الكبيرة العدد في مخيمات صغيرة دفعت بعض افرادها للانتحار نتيجة الظروف النفسية الصعبة من جراء الظروف المعيشية القاسية داخل المخيمات، كما أدى هذا التكدس لانتشار الامراض والأوبئة مثل الكوليرا في في بعض المخيمات، بينما ينقص العلاج والمستشفيات المتنقلة للمصابين وسرعة انقاذهم. ووفقا للجمعيات الاهلية المعنية بأوضاع النازحين، فانه تم رصد العديد من المشكلات التي لم تجد طريقا للحل من بينها، ازدياد المخاوف من تفشي الأمراض المعدية بين النازحين الساكنين في حقول الدواجن والأبنية التي تشترك فيها مجموعة من العائلات بالمأكل والملبس والمشرب، بجانب انتشار مشاكل التسول والتشرد، حيث اصبحت مهنة التسول شائعة بكثرة في صفوف الأطفال والنساء وكبار السن في كل مكان. كما اتسعت رقعة مشكلة البطالة، بسبب معيشتهم في مناطقهم الجديدة التي لا توفر لهم فرص العمل التي كانوا يشغلوها في مدنهم قبل نزوحهم والأنكى من ذلك هو ضياع فرص التعليم أمام تلامذة الابتدائية وطلبة المدارس المتوسطة والإعدادية. وبالضرورة فان المنظمات المحلية لم تقف مكتوفة الايدي تجاه ازمات النازحين، وبذلت قصار جهدها لعلاج مشكلاتها، لكنها واجهت نقصا حاد في الامكانيات المادية اللازمة لتغطية الاحتياجات الضرورية للنازحين، فلجأت الي الميسورين والمتطوعين وغيرهم من رجال الأعمال لسد النقص الكبير في المواد الغذائية والمستلزمات الأولية، بينما ظلت المشكلة الأكبر في إيجاد مساكن للنازحين، في ظل عدم توفر أماكن لإيوائهم، بعد ان امتلأت البيوت والبنايات الفارغة والهياكل وبعض المدارس بالنازحين. مشكلات اجتماعية حفلت المخيمات بأنواع مختلفة من المشاكل والمشاجرات بسبب أن كل شخص يريد ان يحصل على حقوق ومكاسب اكبر من غيره داخل المخيم الواحد، ومن ثم تنشأ المشاكل على المياه ودورات المياه وعلى توزيع المواد الغذائية. وكان شحة المياه قاسما مشتركا في كل مشكلات المخيمات، فقد يتقاسم اكثر من 16 مخيم في خزان مائي واحد، وصاحب هذا الشح المائي مشكلات كالبطالة والقلق والخوف من المستقبل والجوع والبرد وانعدام الخدمات والصدمة الناتجة عن التحول من مجتمع المدينة إلى الخيمة. وبحسب الباحثين النفسيين فان حياة النازحين داخل المخيمات تولد أنواعا عدة من الاضطرابات الاجتماعية والمشاكل كبيرة خاصة في ظل النقص في التعليم والثقافة والمشاريع التوعوية وضعف الرعاية النفسية. مما أدى الى مشاكل عائلية و أسرية و أحيانا أدى إلى الزواج الغير متكافيء او زواج القاصرات و تعدد الزوجات و غيرها من المشاكل التي تغير في سمات العائلة العراقيه المتعارف عليها بسبب حكم الظروف الطارئة و الصعبة فساد اداري ومالي انتشار الفساد المالي والإداري تسبب في ضياع حقوق النازحين وساهم بشكل كبير في استمرار معاناتهم، حيث تسبب هذا الفساد في وقوع العديد من الاخطاء والعشوائية في آلية توزيع الغذاء والدواء على العائلات في المخيمات . تعمق هذا الفساد من خلال سرقة مساعدات النازحين من جانب بعض المسئولين عن هذه المخيمات ان كنا لا نستطيع التعميم إنما حدث الكثير من الخروقات . ورقة انتخابية وتتواصل معاناة النازحين مع استخدامهم ورقة في أيدي النخب السياسية، خاصة مع كثرة عددهم الذي يربو على ثلاثة مليون نازح لم يعودوا حتي الان الي ديارهم. فالانتهازية بين الكتل السياسية توظف النازحين كأحد اوراق اللعبة في الانتخابات المقرر اجراؤها مايو المقبل، فبينما ترفض القوى السياسية السنية إرجاء الانتخابات حتى عودة النازحين إلى مدنهم المستعادة من داعش، إلا أن ترك المخيمات والعودة إلى مدنهم قبل رفع مخلفات الحرب منها ما يعرضهم لخطر الموت.. بينما تري الكتل السياسية الأخرى ضرورة عودة النازحين الى ديارهم حتى يشاركوا بأصواتهم في الانتخابات وحتى يتحقق لهم الاستقرار الاجتماعيّ المفقود منذ عدة سنوات، ولكن العجلة في نقل النازحين الى محافظاتهم قد يصدم بنقلهم الى مناطق غير آمنة مما يعرضهم لأخطار جسيمة. سواء من الأطراف التي تستعجل عودة النازحين أو الجهات التي تري تأجيل عودتهم لديارهم خاصة وان بعضهم يحقّق فائدة ماليّة من النزوح والنازحين ومن مصلحته بقاء هذه الظاهرة الفوضوية، فمن المؤسف حقا ان يجري استثمار هذا الملف الانساني الشائك للنازحين ويصبح لعبة في المزايدات السياسية الجارية الآن في العراق. وفي تقديري انه يجب الوقف الفوري لهذه المزايدات السياسية السخيفة واللاإنسانية التي تتلاعب بمصير وحياة النازحين كما يجري الآن بصفة خاصة في الموصل والأنبار وغيرها. وانني أناشد الحكومة العراقية ان تنحي ملف النازحين جانبا بمعزل عن الصراعات السياسية الحالية، وان تسعى إلى تشكيل هيئة خاصّة بالنازحين تكون لها المسئولية الكاملة في بحث مشكلاتهم وسبل حلها بعيدا عن الكتل السياسية المتصارعة في البلاد. وفي تصوري ان الحكومة مطالبة بسرعة تشكيل لجنة تحقيق منجزة بحق من يثبت تورطه في سرقة أموال النازحين، وان تتحرى الدقة فيمن يتولي توزيع احتياجاتهم من المأكل والمشرب والدواء. وتبقي المهمة الأكبر لدى حكومة بغداد هي بذل أقصى الجهود لإعادة اعمار المناطق المحررة وضمان التعايش السلمي بين مكوناتها، وتخصيص الأموال من صندوق دعم المحافظات المتضررة لبناء بيوت منخفضة التكلفة وإعادة تأهيل المشاريع الخدمية لضمان عودة النازحين لمناطقهم. كما يجب على الحكومة الاسراع بحشد الدعم الدولي لتوفير الغطاء المالي اللازم لجهود اعادة الاعمار وتوفير فرص العمل، وذلك من خلال عقد المؤتمرات الدولية لتوضيح حجم معاناة النازحين وحاجتهم الملحة لإعادة اعمار مواطنيهم وحاجتهم الشديدة لفرص العمل وغيرها من أشكال الحياة الانسانية الكريمة. وجميعنا يعلم التكلفة الكبيرة لعلميات إعادة الإعمار، وهو ما يؤكد ضرورة دعم المجتمع الدولي والعربي، خاصة أن بعض الأحياء دمرت بالكامل بفعل الإرهاب، كما أن 55% من الأسر لا يزالون نازحين داخل وخارج العراق.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.