عبد اللطيف نصار - لا يمكن الحديث عن السلفية الجهادية في العالم دون ذكرها في لبنان، ذلك البلد الصغير في مساحته 10 آلاف كيلو متر مربع أي 1 %من مساحة مصر والواسع في تأثيره علي المستوي الإقليمي والدولي، في ظل وجود 18 طائفة دينية وعرقية وسياسية وغيرها و113 حزبا متفرقة الاتجاهات والمشارب، وبالتالي فلبنان ساحة مفتوحة للجميع ليأتي بلاعبيه فالملعب يتسع للجميع والشاطر يكسب، ولكن الحقيقة أن المكسب يكون للآخرين وليس للبنان، ومن هذا الفهم ونظرا للظروف السياسية التي كان يمر به لبنان منذ عقود ماقبل الحرب الأهلية في أواسط السبعينيات، ولانعدام دور الدولة في تلك المرحة استقبل لبنان أشخاصا وأفكارا ربما كان في غني عنها، ومن هذه الأفكار والحركات السلفية الجهادية التي شكلت حالة خاصة بدأت مع تنظيم القاعدة بقيادة أسامة بن لادن في أفغانستان .. وانتقلت إلى لبنان على إثر ما سمي بأحداث الضنية عام 2000، ولاتزال مستمرة حتي الآن في مدينة طرابلس بين العلويين المؤيدين للنظام السوري وبين السلفيين في جبل محسن والمؤيدين للثورة السورية. نفوذ القاعدة كانت لمعارك نهر البارد التي جرت بين الجيش اللبناني وتنظيم فتح الإسلام الحدث الأبرز الذي فتح الباب واسعاً على هاجس انتشار السلفية الجهادية في لبنان ونفوذ القاعدة بين تلك الحركات واحتمال تمدد الفتنة المذهبية من العراق إلى لبنان، ومع نجاح ثورات الربيع العربي وظهور الإسلاميين في الواجهة خرجت الشعارات السلفية إلى العلن وأعطت زخماً لتلك الجماعات. وعصبة الأنصار منظمة فلسطينية مسلحة، أسسها هشام شريدة، الذي قضى نحبه في الصراعات مع حركة فتح، ويتمركز وجودها في مخيم عين الحلوة بجنوب لبنان، ويقال إنها ليست حركة سلفية في أصولها بالمطلق، لكنها تأثرت بمجموعة من الأفكار السلفية، وارتبط اسمها بعملية اغتيال نزار الحلبي، رئيس جمعية الأحباش، وأسهمت في وضع حد للاشتباكات التي اندلعت بين الجيش اللبناني وجند الشام على خلفية أحداث نهر البارد، ويتلخص هدفها الرئيس في استعادة الخلافة الإسلامية، وأرض الجهاد عندهم هي الأرض التي تحتل من العدو ولبنان يجب أن يكون منطلقاً للجهاد في سبيل الله، إن كان باتجاه قتال اليهود، أو باتجاه تقديم الدعم. من أبرز الرموز السلفية في لبنان حاليا الشيخ الدكتورحسن الشهال، الشيخ الدكتورعمر بكري فستق، الشيخ داعي الإسلام الشهال، الشيخ سعدالدين كبي، الشيخ عبد الهادي وهبي، الشيخ فؤاد ازمرلي، الشيخ بلال حدارة، الشيخ نديم حجازي، الشيخ بلال دقماق، الشيخ صفوان الزعبي، الشيخ زكريا المصري، الشيخ أحمد عمورة، الشيخ جميل حمود، الشيخ رائد حليحل، الشيخ سالم الرفاعي، الشيخ زهير الشاويش، الشيخ د. عدنان محمد إمامة، الشيخ حسن عبد الرحمن والشيخ قاسم عبدالله. وتنتشر السلفية في لبنان في مدينة طرابلس كبري مدن الشمال اللبناني ومدينة صيدا والبقاع ومناطق متفرقة من لبنان، بالإضافة إلي وجودها في المخيمات الفلسطينية. ويؤكد الخبير في الحركات الإسلامية والسلفية الشيخ عمر بكري، أن تنظيم القاعدة لا يشارك في ثورات الربيع العربي، بل هو يستريح استراحة المحارب، وينتظر جمع الغنائم، معتبراً أن الحالة الإسلامية عموماً والسلفية الجهادية هم المستفيدون من هذه الثورات التي ينتج عنها إطلاق المعتقلين الإسلاميين من السجون سواء في مصر أم في تونس أم في ليبيا وهؤلاء كلهم يحملون الفكر الجهادي، وبالتالي فإن القاعدة ستعيد تجنيدهم وهذا سيشكل انتصاراً كبيراً لها، لافتاً النظر إلى أن الفضل في الربيع العربي يعود للشيخ أسامة بن لادن، الذي بدأ هذا الربيع بعملية 11 أيلول، وأجبر أمريكا على أن تخلع قناع الديمقراطية وأن تعطي الضوء الأخضر لطواغيت العرب لمحاربة الإسلام السياسي، إسلام الخلافة والجهاد. التمويل ولكن من أين ينفق هؤلاء علي مايفعلون سواء كان دعوة أم جهادا حسب رؤيتهم؟ يقول الناشطون إن هناك أربع جهات عربية أساسية وهي: الكويت والسعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة، وتضاف إلى ذلك شخصيات وجمعيات إسلامية تنتشر في العديد من أنحاء العالم، ومن أبرز الهيئات الكويتية الداعمة للتيار السلفي: جمعية إحياء التراث الإسلامي، التي كانت تدعم الشيخ داعي الإسلام الشهال في طرابلسوبيروت، لكن بعد بروز بعض الإشكالات على صعيد ما يقوم به من نشاطات، تحوّلت إلى دعم الشيخ صفوان الزعبي، والشيخ نديم حجازي، وجمعيات أخرى، وقد تولى الزعبي إقامة مدرسة ضخمة في طرابلس باسم مدرسة جمعية الأخوة اللبنانية - الكويتية.