ما الذى يجعل إيران تقف موقفها الصلب فى الحرب الكلامية المشتعلة بينها وبين الولاياتالمتحدة، على خلفية الاتفاق النووي؟ وهى الحرب التى تتزايد حدتها يوما بعد يوم السياسة الإيرانية تبنى مواقفها على عدد من المرتكزات فى صراعها مع الولاياتالمتحدةالأمريكية اهمها أن هناك موقفا دوليا لا يساند الموقف ، خصوصا مواقف الدول العظمى كروسيا والصين، ودول الاتحاد الأوروبى، بخلاف بعض الدول الإقليمية التى تعد علاقاتها بطهران فوق صفيح ساخن، وفى مقدمتها إسرائيل.
كما تبنى إيران مواقفها على أساس أن المجتمع الدولى لا يريد أن يذهب إلى صراعات مسلحة إقليمية ودولية، تهدد الاستقرار العالمى، وتخلق صراعات مسلحة لأنها بالقطع هى البديل لإفشال الاتفاق التفاوضى، وهذه الصراعات يمكن فتحها لكن لا يستطيع أحد وقفها، وأنها كفيلة بتهديد الأمن والسلم الدوليين، وتدمير الاقتصاد العالمى، فى وقت ما زال الاقتصاد العالمى لم يتعاف، خصوصا أن إيران دولة نجحت فى امتلاك قاعدة عسكرية متنوعة، ولديها تحالفات إقليمية ودولية، ولديها أوراق كثيرة يمكن استخدامها.
كما أن البديل للاتفاق النووى هو عودة إيران إلى الإنتاج النووى واسع النطاق، الذى يمكن أن يتحول لإنتاج السلاح النووى، وفقا للمخاوف الغربية والإقليمية، ربما تحت ذرائع حماية الأمن القومى الإيرانى، وبالتالى يخسر العالم بأكمله، ويشكل خطرا كبيرا على الأمن والسلم الدولي، ويشعل سباقا للتسلح النووي.
وهناك نقطة مهمة توضح عدم قلق إيران من فرض عقوبات أمريكية جديدة عليها، خصوصا على الجانب الاقتصادى، حيث اعتادت إيران لعقود عديدة، على الحصار الأمريكى الذى لم يتوقف منذ اندلاع ثورة الخمينى حتى الآن.
ومن وجهة النظر الإيرانية فإن الموقف الأمريكى ينطلق من عدة محاور، فى مقدمتها أن ترامب وإدارته يدركون مخاطر الانسحاب من الاتفاق النووى، لكنه يريد أن يحقق عدة مصالح؛ أولاها الضغط على طهران، ومحاولة إعادة صياغة الاتفاق بشكل جديد، يقلل فيه مكاسب إيران، ويضاعف المكاسب الأخرى، حيث يرى ترامب أن الاتفاق سيفرج بمقتضاه عن نحو 150 مليار دولار، وهذا يقوى ويدعم إيران واقتصادها وقوتها العسكرية.
كما يحاول ترامب إدخال الصواريخ الباليستية ضمن الاتفاق، فيضع قيودا على إنتاجها، بينما الاتفاق المبرم لم يضع أى قيود عليها، وإيران بالطبع ترفض هذا تماما، برغم امتلاكها ترسانة ضخمة تضم العديد من الصواريخ الباليستية.
ويسعى ترامب إلى إضعاف القوى العسكرية التابعة لإيران، مثل الحرس الثورى الإيرانى، أو المتحالفة معها، كحزب الله اللبنانى المؤيد والداعم لإيران، وكذلك بعض الفصائل الأخرى القريبة من إيران سواء فى الساحة الفلسطينية، أو الحوثيين فى اليمن، وتعد تلك خطوطا حمراء بالنسبة لإيران، حسبما عبرت القيادات السياسية والعسكرية الإيرانية مصرة على رفضها مجرد مناقشة هذه المقترحات.
ويبقى احتمال فشل ترامب فى كل هذه الطروحات السابقة، وأغلب الظن فى طهران أن إدارة ترامب تدرك تماما أن المطالبات السابقة يستحيل لإيران قبولها، وأن الحسابات فى واشنطن لا تبنى على إلغاء الاتفاق أو الانسحاب منه، وإنما فقط تحسين الشروط.