مع إشراقة شمس الأربعاء 21 يونيو 2017، أُعلن فى المملكة العربية السعودية تسمية الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولياً للعهد بعد تصويت أعضاء هيئة البيعة حصل فيه على 31 صوتاً من إجمالى 34 صوتاً، وتلك نتيجة كبيرة جداً. وهذا يؤكد أن بيت الأسرة الحاكمة قوي، وقواعده صلبة، وأن السعودية دولة مبادرة قوية ترسم الخطوط العريضة لمستقبل أجيال المملكة.
فى 30 أبريل 2015، كتبت مقالة بعنوان «بوصلة سياسية ووجوه شابة»، ومنذ ذلك الحين والحراك السعودى الداخلى والخارجى لا يهدأ، وقرارات 26 رمضان - 21 يونيو 2017 مهمة وجريئة فى التاريخ السعودى الحديث، وتُؤسس لمستقبل المملكة، وتضع أولويات البلاد فى المقدمة فى ظل ظروف المنطقة الساخنة والمضطربة، كما أنها تحمل فى مضامينها رسم الإستراتيجية السياسية السعودية المستقبلية، بما يحقق المزيد من الإنجازات والإصلاحات ومواجهة التحديات، ويثبّت أركان الحكم السعودى بتعيين قيادات شابة متسلحة بالخبرات فى مجالات عدة، وذات علاقات واسعة ومعرفة بمجتمعها واطلاع على محيطها، والأهم أنها قادرة على مواكبة المتغيرات، بما يعزّز مكانة المملكة إقليمياً ودولياً، ومواصلة مسيرة التطوير والتحديث والبناء والنماء.
مر انتقال الحكم فى المملكة منذ تأسيسها بسلاسة ومرونة، ولم تشهد عملية اختيار الملك أو ولى العهد (نائب الملك) أى إشكالات، ولم يسجل التاريخ السعودى أى فراغ سياسى أو دستوري، بما يؤكد أن مسألة الحكم داخل الأسرة الحاكمة محسومة وفق الاتفاق والتصويت داخل بيت الأسرة (هيئة البيعة).
مرة أخرى، تثبت المملكة صلابة أعمدة البيت الداخلي، بعد أن كان ولى العهد السابق الأمير محمد بن نايف فى صدارة مبايعى الأمير محمد بن سلمان بعد الإعلان مباشرة. وقرار تنحى الأمير محمد بن نايف بسبب ظروف خاصة عرضت على أعضاء هيئة البيعة وتم بحثها بسرية تامة، وتم التصويت لتولى الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد، يؤكد قوة أركان البيت السعودي، ومبايعة ابن نايف دلالة على ثقته الكبيرة بمن سيخلفه فى مرحلة مضطربة تموج بها المنطقة والعالم.
لا شك أن اختيار الأمير محمد بن سلمان ولياً للعهد يؤكد رغبة الملك سلمان فى ترتيب الأولويات، وهو ما بدأه منذ توليه الحكم، عندما قام بتشكيل حكومته خلال 72 ساعة، وأصدر قرارات وأوامر عدة بما يحقق التغيير السريع الفاعل، وبما يكرس مصلحة الوطن وخدمة المواطن، ويضمن نقلة نوعية فى الأداء واستيعاب مستجدات العصر. الأوامر الملكية الجديدة جاءت تأكيداً لفلسفة الملك سلمان فى الإدارة، وترسية قواعد الحكم داخل البيت السعودى كقيمة أولية، مع الحرص على المسئولية، والسعى لبناء دولة فتية قوية قادرة على عبور التهديدات والمخاطر، وصناعة القرار فى محيطها ومنطقتها، مع القدرة على التأثير فى الأسرة الدولية.
فى الفترة الأخيرة، مرت البلاد بمنعطفات دقيقة جداً، وأثبت قادتها ورجالها أنها دولة صلبة قادرة على تجاوز التحديات والتهديدات والرد على الخصوم وإثبات أنها مملكة الخير والاستقرار، إذ تمكّن الملك سلمان خلال عامين من تغيير المعادلات والتوازنات فى المنطقة، عبر قيادة بلاده لتحالف دولى لإنقاذ اليمن، مشيراً بكل حزم ومن دون مواربة إلى ضرورة وقف التدخلات الإيرانية فى الدول العربية، وتعزيز العلاقات الخليجية – الخليجية، وإعادة الهيبة العربية فى ظل غيبة بعض الدول الرئيسية عن ميزان القوى الراهن، فضلاً عن تمكنه من مواجهة المتمردين والإرهابيين، وقبض بلاده على قائمة طويلة من المنتمين ل«داعش». إضافة إلى إنشاء تحالف إسلامى لمحاربة الإرهاب، وعقد قمة تاريخية عربية – إسلامية – أمريكية لمواجهة التطرف والعنف.
الأكيد أن مشهد ولى العهد السابق الأمير محمد بن نايف وهو يبايع ولى العهد الأمير محمد بن سلمان، يدحض كل الشائعات ويلجم كل من يحاول الاصطياد، ما يؤكد أن السعودية ماضية فى تحقيق أهدافها وطموحاتها ونجاحاتها بقيادات شابة، ما يجعل من الرياض عاصمة للقرار العربي، وبوصلة سياسية لا يتوقف مؤشرها عن العمل الفاعل، والأمير محمد بن سلمان تؤكد أقواله وأفعاله وقوة حضوره أنه رجل المرحلة بامتياز.