الثورة أجهضت مشروع «الإرهابية» التدميرى باسم الدين
كان لا بد للسعودية والإمارات أن تقفا إلى جانب الشعب المصري، حين هبّ بملايينه قائداً شرارة الثورة المصرية فى 30 يونيو، التى توجها انحياز القوات المسلحة المصرية للشعب، من خلال التغيير الذى أحدثه الرئيس عبد الفتاح السيسي.
فقد كان سباقاً طاحناً بين المصريين الشرفاء المخلصين لدولتهم، المتمسكين بحرياتهم وسيادتهم، وارتباط مصالح بلادهم بمحيطها العربي، وبين الإخوان المسلمين الذين اختطفوا ثورة 25 يناير التى انتهت بالإطاحة بالرئيس حسنى مبارك، ليعكفوا على تنفيذ برنامج «أخونة» الدولة المصرية، وانتهاج سياسة خارجية تسحب مصر لأحضان نظام المرشد الإيرانى على خامنئى ونظام ولاية الفقيه، وعززت التحالف بينهم وبين حكومة قطر، التى حرصت على توفير المأوى لقياداتهم المطاردة فى الأراضى المصري.
كيف ستكون الأوضاع فى السعودية وكيف سيكون أمن دول الخليج، بعد أن تتكالب على شقيقتها مصر أجندات تركيا الأردوغانية وإيران الفارسية مع الإخوان؟ وكيف ستكون الحالة فيما لو أصبحت مصر دولة فاشلة تسيطر عليها سياسات جماعة مؤدلجة لا تعترف بالحدود وهمها السيطرة والهيمنة؟
ماذا لو فشلت ثورة 30 يونيو، ولم يقم الجيش المصرى بقيادة المشير السيسى بمهماته وواجباته الوطنية بالانحياز إلى الرغبة الشعبية العارمة؟ لأضحت مصر مركزاً جاذباً لجماعات التكفير والعنف والتطرف، تتناهشها إيران والإخوان وحلفاؤهما، خصوصاً أن الرئيس المعزول محمد مرسى كان يعمل وفق أجندة الجماعة ومرجعياتها لا للوطن المصرى الكبير، ما يشير إلى أن تطبيق الإخوان فلسفتهم القائمة على هدم الحدود بين الدول الإسلامية، من خلال الانقلابات، والثورات، والاضطرابات، والمؤامرات والاغتيالات. وهى فلسفة لا يزال «الإخوانجي» الذى أضحى زعيماً لتنظيم «القاعدة» أيمن الظواهرى يتغنى بها ويبكى عليها، فى آخر رسالة صوتية وجهها إلى أتباع تنظيمه الإرهابى الأسبوع الماضي.
وهى الفلسفة التى ترددت مراراً فى أحاديث الزعيم السودانى الراحل حسن الترابي، خصوصاً أثناء فترة تردى العلاقات مع مصر بعد وقوع انقلاب العام 1989 فى السودان. ويعنى ذلك ببساطة أن جماعة الهوس المسماة «الإخوان» لا تعترف بأى حدود سياسية للدول العربية. وهى عاقدة العزم على تثبيت أقدامها فى مصر لتتخذها منطلقاً ل«خطف» البلدان العربية من حكوماتها، وإلغاء التقسيم الجغرافى المتعارف عليه بالحدود، لمصلحة إقامة الخلافة الإسلامية.
لو لم تنجح ثورة 30 يونيو، التى يجمع المصريون على أنها استردت مقاصد ثورة 25 يناير ممن سرقوها، لكانت شهدت ساحات القاهرة تصفيات لجميع الناشطين الذين يصنفهم «الإخوان» بالخروج عن ملتهم التنظيمية، والمروق عن أفكارهم الهادفة للاستئثار بالسلطة والثروة، واستخدام الدين الإسلامى وسيلة لتحقيق تلك الغايات الدنيئة.
ولو لم تنجح ثورة 30 يونيو لكان رأس أفعى الفوضى والتخريب فى القاهرة، وذيولها فى الدوحة. فقد أضحت الدوحة مقراً رئيسياً لنشاط الجماعة، تذكيها حماسة خطب القائد الروحى للإخوان يوسف القرضاوي، بعدما أجهضت ثورة 30 يونيو مشروع الجماعة التدميري.
ومن المفارقات أن رأس الحية أضحى يتمتع بالدعم التركى الذى يتمثل فى السماح لقنوات التنظيم المحظور المصنف إرهابياً ببث سمومها إلى عواصم العرب والمسلمين، وتمكين أباطرة أموال التنظيم من تشغيل تلك الأموال لمنع انفجار بالون الانتعاش الاقتصادى الذى تشهده تركيا الأردوغانية.
صحيح أن ثورة 30 يونيو كبحت انطلاق الإخوان نحو مشروعهم التدميرى باسم الدين، لكن الحركة الشريرة التى أنشأها حسن البنا قبل أكثر من 80 عاماً تخطط لتموضع جديد، وبوجوه جديدة، لتحقيق الغايات الفاسدة نفسها، ما يتطلب قدراً أكبر من التدابير فى جميع الدول العربية والإسلامية لمنع تكرار تلك الأجندات الفاسدة وفضح ممارسات الجماعة ومن يمولها ويأويها ويتماهى مع أفكارها الشريرة.