بل كلينتون أراد ترضية إيهود باراك عقب قمة «كامب ديفيد» الثانية بتحريك ملف السفارة يحسم هذا الكتاب الصادر باللغة العبرية الجدل العقيم حول التباين الأيديولوجى بين الحزبين الديمقراطى والجمهورى حيال إسرائيل، فكلاهما كان ضالعا بقوة فى الخطوات التمهيدية للقانون الشهير “بتشريع القدس 1995” الأشبه بقنبلة موقوته والمحتمل بأن ينفجر على يد ترامب، حيث يتوقع البعض ألا يقوم الرئيس الأمريكى بتمديد تأجيله لفترة ستة أشهر مقبلة بحلول نهاية مايو الجارى خلافا لكل من سبقوه بداية من بل كلينتون وانتهاء بسلفه باراك أوباما. ويحمل الكتاب اسم مثير « كمين القدس : المناورات السياسية لنقل السفارة الأمريكية» والصادر عن مركز القدس للدراسات السياسية . يقع الكتاب فى نحو 187 صفحة ومن تأليف كل من إيكفيا إيلدر ونمرود جورن . ولعل أهم فصل بالكتاب هو الذى يستعرض ويوثق للمحاولات الأمريكية الحثيثة على مدار سنوات عدة لاختطاف القدس وإعلانها عاصمة لإسرائيل عبر التخطيط لنقل السفارة إليها، وهى محاولات تمتد جذورها التاريخية إلى السنوات الأولى لقيام إسرائيل. ويشير الكتاب إلى ضرورة عدم المبالغة فى مسألة الانقسام الحزبى بهذا الصدد، حيث لعب السيناتور الديمقراطى عن ولاية نيويورك باتريك دانيل مونيهان، دورا لا يُستهان به فى المراحل المبكرة لطرح تشريع القدس 1995 مثلما حاول قبل ذلك بعقد من الزمان لكن محاولاته آنذاك باءت بالفشل. وبرغم الكم الهائل من المعلومات التى تداولتها وسائل الإعلام الغربية عن “تشريع القدس 1995” فإن البذور الأولى له تظل غامضة بعض الشىء. فى الفصول التالية للكتاب يصف المؤلفان كيف تجنبت إدارة الرئيس الأمريكى بيل كلينتون نقل السفارة إلى القدس واستعرضا الضغوط السياسية التى مارسها الكونجرس فى هذا الصدد . إلا أنهما أشارا إلى رغبة بل كلينتون عقب فشل قمة كامب ديفيد الثانية فى تحريك مسألة نقل السفارة إلى القدس ترضية لرئيس الوزراء الإسرائيلى آنذاك إيهود باراك أو مكافأة سياسية له من الجانب الأمريكى، وذلك وفق ما ورد بمقال بصحيفة “هاآرتس “الإسرائيلية فى سياق عرضها لمقتطفات من كتاب “ كمين القدس “ واللافت للنظر أن كلينتون لم يقم بتفعيل القانون، وكذلك بوش الابن عندما دخل البيت الأبيض رغم كونه جمهوريا ! ومن المعروف أنه فى يوم 8 مايو عام 1995 ، أعلن السيناتور روبرت دول عزمه على تقديم مشروع قانون إلى مجلس الشيوخ يجيز نقل السفارة الأمريكية إلى القدس. وفى 9 مايو صادق مجلس الشيوخ على هذا المشروع الذى تحوّل إلى “قانون نقل السفارة إلى القدس” يوم 23 أكتوبر 1995. وبحسب ما أورده المؤرخ الفلسطينى وليد الخالدى فى كتابه “أرض السفارة الأمريكية فى القدس: الملكية العربية والمأزق الأمريكى “فقد اعترف هذا القانون بالقدس عاصمة لإسرائيل، واشترط فتح السفارة فيها حتى موعد أقصاه 31 مايو 1999. وينص القانون على أنه بدءًا من العام المالى 1999 تُخفّض ميزانية وزارة الخارجية الأمريكية الخاصة بالصيانة والبناء فى كل دول العالم إلى نصفها إلى أن يتم فتح السفارة. وجرى رصد 100 مليون دولار لبناء السفارة. ومُنح رئيس الولاياتالمتحدة سلطة تخوله تعليقه فترة لا تتجاوز أى منها 6 أشهر، إذا ارتأى أن ذلك “فى مصلحة الأمن القومى الأمريكي”. وعند المصادقة على هذا القانون اعتبره وزير الخارجية الأمريكى وارن كريستوفر “غير دستوري” لأنه ينتهك الحقوق الرئاسية. ومارست إدارة كلينتون صلاحيتها فى تعليقه استنادا إلى أن نقل السفارة الفورى يضر بنتائج المفاوضات التى جرت بين الفلسطينيين وإسرائيل فى كامب ديفيد.