الدعاء عليك بالشلل إن اقتربت من قانون الإيجارات القديمة! لو أن الإعلام المقروء والمسموع والمرئي تبني أهم المشكلات التي قصمت ظهر مصر ومازالت.. عرضها وناقشها وحللها إلي أن وصل إلي أسبابها الحقيقية وبحث عن الحلول المناسبة لكل سبب.. لو أن الإعلام فعل هذا وهذه رسالته الحقيقية وواجبه تجاه الوطن والمواطن وأيضا رسالته أن يراقب ويرصد ويحذر ويعطي المساحة والوقت والحياد للخبراء المتخصصين في كل المجالات وعندنا علماء عظماء في الصحة وفي التعليم وفي الصناعة وفي الزراعة وفي الرياضة وفي كل ما يخطر علي البال.. عندنا عباقرة لكن لا كرامة لنبي في وطنه ولا وقت ولا مساحة عند الإعلام يعطيها لمن يملكون النهوض بالوطن!. لو أن الإعلام فعلها ما كان هذا حالنا.. لكنه لم يفعل لأن!. الإعلام نسي أو تناسي أو ربما لم يعرف من الأصل أن تأثيره سريع ومباشر وقوي علي الشعب وأنه أهم وسيلة صناعة رأي عام.. نسي الإعلام أن الذي يصنع ويحرك الرأي العام يكون قوة ضغط هائلة علي النظام.. الإعلام نسي بل انمحت من ذاكرته حدوتة قوة ضغط علي النظام.. لأننا من60 سنة بدأ عندنا نظام حكم الفرد الحديث وفيه الرقابة حديدية علي الإعلام والكلام الذي يخرج للناس هو الكلام الذي يريد النظام أن يبلغه للشعب.. والآراء اتجاه واحد وليس هناك اتجاه آخر أو رأي آخر ومن حاول انقصف قلمه وانكتم صوته وإن فكر أن يحاول مرة أخري السجن مكانه المختار... هذا التشدد الصارم هدأ وتراخي وتغير مع السنوات واختلاف الحاكم المتحكم في مصائر العباد والبلاد لكن هذا التغيير لم يغير ما تجسد وانطبع علي ذاكرة الإعلام طوال عقود ستة... نظام الحاكم الفرد الذي شكل ذاكرة الإعلام سقط وراح من قرابة السنة تاركا خلفه أزمات حقيقية مستحكمة.. والتعليم صار أزمة مستحكمة تحتاج إلي سنين طويلة لحلها والخروج منها ولابد أن نبدأ لأنه بدون تعليم حقيقي لا تقدم لوطن.. والصحة أزمة مستحكمة والبطالة أزمة مستحكمة والزراعة أزمة مستحكمة والإسكان أزمة مستحكمة والنيل أزمة مستحكمة, وقبل كل هذه الأزمات لأنه عامل مشترك فيها جميعا يأتي الضمير.. ضمير كل واحد منا في مقدمة الأزمات وأهم الأزمات لأنه إن بقيت ضمائرنا في الإجازة المفتوحة التي حصلت عليها.. فلن نتقدم خطوة واحدة للأمام وكل تقدم لنا سيكون للخلف بصرف النظر عن أن بعضنا يراه خلاف ذلك وعليه... نري الفوضي نتيجة منطقية للثورة والثورة بريئة من كل مظاهر الفوضي القائمة الآن ونبرر الخروج عن القانون بأنه تنفيس عن ظلم النظام السابق ونعتبر غياب الأمن انتصارا للثورة ونتفرج بسلبية غريبة علي من أعطوا لأنفسهم سلطات الأمن والعدالة معا.. يوجهون التهمة ويصدرون الحكم وينفذونه في وقت واحد!. شباب عاطل تحول رغما عن أنفه إلي بلطجي.. سرقوا كام توك توك!. طرف آخر أعطي لنفسه سلطة العدالة والأمن وقبضوا علي خمسة شباب وتحت وطأة الضرب الرهيب منزوع الرحمة اعترفوا وربما يكونون هم الحرامية وربما لا.. اعترفوا من هنا وفورا صدر الحكم والتنفيذ.. قطعوا أيديهم وأرجلهم وأجزاء من أجسامهم وتركوهم ينزفون في الشارع إلي أن أبلغ الناس الشرطة... واحد اشتري قماشا وأعطاه للترزي ليفصل له بنطلونا والتسليم يوم الوقفة.. لكن الترزي لسبب أو لآخر تأخر قليلا وطلب من الزبون أن يأتي قبل صلاة العيد سيجد البنطلون جاهزا!. الزبون لم يعجبه الكلام لأننا لم نعد نسمع بعضا ولا نتحمل بعضا وكأننا أجناس مختلفة تعيش علي أرض الوطن!. حدوتة البنطلون تحولت إلي معركة حربية استخدمت فيها كل أنواع الأسلحة الخرطوش والرصاص.. ومات من مات وأصيب من أصيب والإصابة الأفدح هي في عقل وجسد وطن لا يعرف ماذا حدث لأبنائه!. والكارثة الأكبر أن الإعلام لم يجعل هذه الظاهرة قضية رأي عام يقوم فيها بتعرية ضمائرنا أمام أنفسنا لنعرف حجم الخطر الرهيب الذي ينتظر مصر فيما لو تحول شعبها إلي أخوة أعداء!. الإعلام مشغول بأمور أخري في الوقت الذي فيه هوية الوطن تتمزق بعد أن فقد المصريون قدرة الحوار وأصبحت الشتيمة والسباب واللعنات مفردات كلامهم وطلقات الرصاص لغة حوارهم ولست في حاجة لتذكير حضراتكم بأن الحوار بالبنادق أعلي درجات الكراهية حيث كل طرف عامدا متعمدا يريد قتل الآخر.. وهذا حال المصريين الآن والإعلام ولا هو هنا وكأن الفوضي التي سادت والبلطجة التي استفحلت والكراهية التي انتشرت.. كأنها ليست خطرا داهما علي وطن العداء تملك من أبنائه. كل هذه المظاهر السلبية التي تهد أمما لا دولة لم تلفت نظر الإعلام ولم يتوقف أمامها الإعلام وكأن الفوضي والبلطجة وأعمال القتل والخطف والانتقام وحملات التشكيك والتخوين.. كأن كل هذه الكوارث مطلب شعبي وما يطلبه الشعب يباركه الإعلام... بكل أسف الإعلام تخلي عن رسالته ودوره تجاه أزمات الوطن واكتفي بالإشارة إليها والحديث عنها ولم يفكر في القيام بحملات يصنع منها رأيا عاما يجبر الحكومة علي القيام بدورها في الحل والحكومة لن يكون عندها مبرر للرفض أو المماطلة لأن الحملة الإعلامية تجاه أزمة ما لم تترك شاردة ولا واردة إلا وعرضتها وحللتها من خلال علماء وخبراء متخصصين رسموا خريطة طريق حل الأزمة... والإسكان أزمة مركبة استحكمت ولعلها إحدي أخطر الأخطار علي الوطن لما تمثله من قوة تدمير هائلة تضرب المجتمع المصري في مقتل بتمزيقها وتدميرها قيما ومبادئ وأخلاقا ودينا.. فماذا تبقي للناس يتعاملون به؟. أزمة الإسكان بدأت من نصف قرن عندما تدخل النظام بين المالك والمستأجر.. تدخل النظام تنفيذا للاشتراكية وليس لأن أحدا اشتكي.. تدخل النظام لأجل حماية الشعب من الطبقة المستغلة ووضع قانون الإيجارات الذي نعرفه حاليا بقانون الإيجارات القديم وفيه عقد الإيجار أبدي وفيه الإيجار يتناقص إلي أن يصبح شكليا علي اعتبار أن المالك أخذ حقه فيما مضي وليس له إلا أقل القليل فيما هو قادم وهذا تشريع باطل لأنه يحرم الإنسان من ممتلكاته.. ما علينا والمحصلة أن من معه فلوس لم يعد يستثمرها في المعمار والإيجار والنتيجة أن المعروض من الشقق أخذ في التراجع إلي أن توقف والطلب علي الشقق يزداد بنفس نسبة زيادة التعداد السكاني والحكومة ولا أي حكومة بإمكانها أن تبني للناس الشقق وتؤجرها... قانون الإيجارات القديم هو الذي صنع أزمة الإسكان والأزمة ستبقي ما بقي هذا القانون الجائر الظالم وأي حل لأزمة الإسكان لابد أن يبدأ بإلغاء قانون الإيجارات القديم وإعادة ثلاثة ملايين شقة لأصحابها وإيجاد بدائل لمن يستحقون من المستأجرين أو ورثتهم إن شئنا الدقة... الذي حضر العفريت يصرفه.. والحكومة عليها أن تبادر بإلغاء القانون وإعادة العقارات لأصحابها وتوفير بدائل سكنية لمن يستحقون من المستأجرين... الحكومة لن تبدأ من أول السطر أي ببحث هذه الأزمة من بدايتها.. إنما الحكومة عليها فقط أن تقرأ الدراسات المتخصصة التي قام بها خبراء بحق قاموا بدراسة المشكلة من كل نواحيها وأوصوا بالحل لكن هذا الحل فيما يبدو لم يعجب المسئولين وقتها... الحكومة عندها دراسات حقيقية وعلي الحكومة أن تتحرك في هذا الاتجاه وإعادة الحقوق إلي أصحابها تنفيذا للشرائع السماوية والقوانين الصحيحة دون المساس بحق المستأجرين الحاليين كل وفقا لحالته.. إما توفير مساكن بديلة مناسبة لهم مع الوضع في الاعتبار أن حل قضية الملاك لا يكون علي حساب المستأجرين إنما علي حساب الدولة التي صنعت الأزمة وعليها تحمل توابعها.. والتوابع حق الملاك في أملاكهم وحق المستأجرين في مساكن بديلة مناسبة تراعي الناحية الاجتماعية والمرحلة السنية والقدرات المالية وقبلها جميعا احترام آدمية المصريين.. وقد يكون الحل دعما ماليا شهريا لفترة زمنية طويلة تساعد المستأجر في تكلفة الإيجار الجديدة... يوميا تصلني رسائل كلها عن أزمة الإسكان وتحديدا قانون الإيجارات القديم وأغلبها من أصحاب العقارات أو الورثة وبالطبع هم ينادون بإلغاء القانون وعودة بيوتهم لهم والقليل من الرسائل أصحابها مستأجرون ويريدون الإبقاء علي القانون ويرون أن الكلام فيه انحياز لأصحاب العقارات... من المستأجرين وصلتني رسالة مؤرخة في19 أغسطس الماضي تقول سطورها التي أنقلها لحضراتكم كما هي بالحرف: إبراهيم حجازي محرر خارج دائرة الضوء.. أدعو الله في هذه الأيام المفترجة شهر رمضان أن تصاب بالشلل في يديك كي لا تستطيع الكتابة وتفقد الذاكرة وتعيش هكذا كي يبتعد شرك عن المواطنين الغلابة سكان العقارات القديمة لأنك تكتب بطريقة شيطانية ظاهرها الرحمة بالشباب وباطنها تدمير المجتمع لأنك أكيد تمتلك عقارات إيجار قديم.. تكتب كلاما فارغا وتستشهد بتجارب بعض الدول وأنت تعرف الوضع الحقيقي في مصر. هل تعلم أنني استأجرت الشقة الحالية وكان إيجارها الراتب بالكامل والأكل والشرب والكهرباء والماء وباقي المصاريف من راتب الزوجة. إنني بالمعاش حاليا والمعاش لا يكفي مصاريف الحياة وهل انتهت المشكلات كي تتولي إثارة المشكلات بدلا من أن تسعي في الخير بصدق. أنت تعرف جيدا أن المحكمة الدستورية وصفت الحل المناسب ولكن الجشع وحب الذات دفعك إلي كتابة هذا المقال السام القذر الذي أصبح موضة قديمة. هل تعلم أن معظم العقارات القديمة أو كلها تم بيعها بسعر بخس رخيص سواء للهدم أو الاستثمار. فكيف توافق علي رفع الإيجار وإخلاء الشقق للمشتري الجديد الذي اشتري العقار ببلاش. مثال: أسكن في عقار20( شقة) مصر الجديدة روكسي اشتراه تاجر بقالة بمبلغ300.000 جنيه مبلغ لا يساوي ثمن شقة بالعشوائيات كيف تستحق زيادة في الإيجار. إنني أقف مع الحق إذا كان العقار لم يتم تداوله بالبيع ولايزال باسم صاحبه الأصلي أو ورثته. لا مانع أبدا من زيادة الإيجار بنسبة معقولة تكون في مصلحة الطرفين المؤجر والمستأجر وليس بالكلام الأسود الذي تكتبه عليك لعنة الله. آسف لأنني أكتب بهذه الطريقة لأنك في هذا المقال لا تستحق غير ذلك. توقيع مهندس بالمعاش انتهت الرسالة وكلماتها توضح الحال الذي وصلنا إليه في الحوار وكيف أصبحت الشتيمة والسباب مفردات كلامنا والتخوين والاتهامات أسلوب تعاملنا... للأسف الحال الذي وصلنا إليه كارثة لأن الأغلبية العظمي منا فقدت القدرة علي الحوار وأصبحت متنمرة متحفزة لكل رأي يخالف رأيها!. لم نعد نعرف كيف نختلف وكيف نتفق وكل الذي نعرفه الآن كيف ننقسم وكيف نبتعد؟. عين وصابتنا ولم ينج منها إلا القليل الذي ضاع صوته وسط الكثير!. حتي الرياضة لم تنج بل إن الرياضة أصبحت هي التي تقود حملة الكراهية المتبادلة بين المصريين بعدما أصبحت الزملكاوية والأهلاوية والإسماعيلاوية والاتحادية.. أصبحت جنسية لا انتماء وكل جنسية رياضية تري الأخري العدو الأخطر عليها وأصبحت الرياضة وسيلة تمزيع جسد الوطن والشباب يتربص بعضه بعضا وفي مرة أسقط ألتراس ناد شابا من الألتراس المنافس وأشعلوا في جسده النار والحادث المرعب يجسد الوباء المرضي الذي ضرب المجتمع ويوضح حالة التغييب التي عليها عقولنا وبدلا من أن تكون الرياضة وسيلة تقريب ونشاط انتماء أصبحت أداة تفريق وكراهية بين المصريين بل ويجري تسيسها وهذا ما ظهر واضحا في الأيام القليلة الماضية. لم نعد نعرف كيف ننتمي ولا كيف نشجع ولا كيف نتفرج ولا كيف نختلف ولا كيف نتحاور... الحوار انعدم لأننا لا نعرف أن اختلاف الرأي ظاهرة صحية وأمر حتمي لأننا بشر والبشر لم يتفق ولن يتفق لأن الإنسان وحده دون سائر المخلوقات هو الذي يختلف في وجهات النظر والمفترض لأنه إنسان ألا يحول اختلاف الرأي إلي خلاف لكننا بكل أسف افتقدنا ذلك, وأي خلاف رأي في أي حوار تحول إلي كراهية وضغينة وسباب واتهامات ولعنات وتخوين وإطلاق رصاص حيث لم تعد الأسلحة البيضاء تكفي والمحصلة أننا أصبحنا جميعا أخوة أعداء نتمني كل أنواع الشر لبعضنا بعضا متناسين أننا مصريون وأننا أبناء وطن واحد وأننا شعب عريق احتارت معه أمم العالم وأننا خير أجناد الأرض.. نسينا أن عدم قدرتنا علي الحوار خطر هائل علي الوطن... أقول لصاحب الرسالة الذي دعا الله أن أصاب بالشلل: يا سيدي أنت لم تشقق عن صدري لتعرف حقيقة ما أكنه في نفسي... يا سيدي.. إن كان في مصر ناس سيئون فإن في مصر أيضا رجالا شرفاء محترمين يعملون لوجه الله ومصلحة الوطن وأسأل الله أن أكون منهم... يا سيدي.. أنا كتبت في قضايا كثيرة وخضت معارك كثيرة وكلها لأجل وطن لا مصلحة شخصية وأريد أن أطمئنك بأنني لست من أصحاب العقارات القديمة ولست ممن يسخر قلمه في مجاملة أو لمنفعة خاصة وأتحدي أي مخلوق يثبت عكس ذلك... يا سيدي أنا أكتب في أزمة الإسكان من شهرين وليس ذنبي أنك قرأت جزءا من مقال.. أكتب في الإسكان لأنها الأزمة الأخطر التي دمرت الهوية المصرية وخلقت العشوائية الاجتماعية وفككت البنيان الأسري بعد سقوط القيم والمبادئ والدين. يا سيدي ربما أن إقامتك في روكسي بقلب مصر الجديدة جعلتك بعيدا عن المآسي التي تحدث علي أطراف القاهرة... أكتب من شهرين يا سيدي عن أزمة الإسكان لأن الإعلام لابد أن يمارس دوره الحقيقي بالبحث عن إجابات وحلول لمشكلاتنا بدلا من الإثارة والتهييج والمزايدة عليها... يا سيدي.. لا تقدم لهذا الوطن وأزمة الإسكان قائمة ولا حل لأزمة الإسكان دون حل جذري لأزمة قانون الإيجارات القديمة, وكما قلت من أسابيع وليس ذنبي أنك لم تقرأ وأقول اليوم.. لابد من حل يعيد الأملاك لأصحابها دون المساس بالمستأجرين أي توفير المسكن الملائم المناسب وفقا للحالة الاجتماعية والقدرات المالية وإذا كنت قد قلت في مقالات سابقة إن خريج الجامعة محدود الدخل فأنا أضيف اليوم بأن وكيل الوزارة الذي خرج إلي المعاش هو أيضا محدود الدخل لأن المعاش الذي يتقاضاه مضحك ومبك في نفس الوقت ومن ثم لا يضار مستأجر ماديا ولا معنويا وتلك مشكلة الحكومة وليست مشكلة أصحاب العقارات... في النهاية أقول لصاحب الرسالة الذي سب وشتم ولعن علي سطور الرسالة وخانته شجاعته في توقيعها باسمه.. أقول له: الشتائم والسباب في هذا الوقت سهلة والكلمة الطيبة صعبة وأنا أبادلك السهل بالصعب وأتمني لك من قلبي أن يديم عليك الصحة والعافية ويوما ما ستعرف حقيقة الإنسان الذي تمنيت له الشلل.. المزيد من مقالات ابراهيم حجازى