في محاولة تستهدف جعل مصر أكبر مخزن للسلع الصينية.. تعد الآن غرفة التجارة العربية بالتعاون مع عدد من المستثمرين الصينيين مشروعا لإنشاء مخازن عملاقة علي شواطئ مصر. وذلك استعدادا لاستقبال السلع الصينية بهدف الاستهلاك المحلي, وإعادة التصدير مرة أخري إلي العالم. وبينما يري رئيس الغرفة أن الفكرة قفزة اقتصادية يراها رجال الاقتصاد قفزة ولكن للخلف.. لأنها ستحول المصريين إلي مجرد مستهلكين في سوبر ماركت السلع الصينية! في البداية: يقول علي موسي رئيس الغرفة التجارية بالقاهرة.. إنه تجري الآن المشاورات والاستعدادات بين الغرفة وبعض رجال الأعمال من مصر والصين لإنشاء أكبر مخازن للسلع الصينية علي شواطئ مصر, حيث سيتم الاتفاق علي إنشاء مخازن عملاقة توضع داخلها السلع الصينية بداية من الأجهزة الكهربائية والسلع المعمرة إلي المنتجات النسجية والمستلزمات الحياتية ووحدات الإضاءة وقطع الغيار والاكسسوارات وكل السلع الصناعية.. وذلك يحقق هدفين, الأول جعل مصر محطة تصديرية إلي أوروبا ودول إفريقيا شمالا وجنوبا, وذلك لأن السلع تأتي من الصين في سفن عملاقة لا تستطيع أن ترسو علي شواطئ أوروبا ولا تستطيع التوغل في إفريقيا.. وبالتالي فإنها سوف تقوم بتفريغ حمولاتها علي شواطئ مصر, وتقوم سفن أصغر بنقل تلك البضائع والسلع الصينية إلي دول أوروبا. أما الهدف الثاني, كما يقول علي موسي, فهو ان تلك العملية سوف تخلق رواجا في المدن الساحلية, حيث ستخلق فرص عمل في النقل وتجميع بعض السلع في مصر بالإضافة إلي الربح المادي نتيجة إيجار تلك المخازن وتحصيل رسوم دخول وخروج من شواطئ مصر.. ويضيف: يوجد لدينا الآن خريطة كاملة وتصور واضح لتنفيذ تلك الفكرة التي تعمل عليها الآن مجموعات من مصر والصين وتحتاج فقط إلي تبسيط الإجراءات مع مرونة في الفكر الاقتصادي وتعديل بعض القوانين لتسمح بتمرير تلك الفكرة. البعد الغائب في عملية تحويل مصر إلي مخزن للسلع الصينية التي لم يرها القائمون علي تلك الفكرة والذين يفكرون بشكل أحادي فيها هو منطق رجال الأعمال والمكاسب الشخصية, وهو أن تلك الفكرة ستقضي علي الصناعة المحلية. وستزيد من عناء المصريين لأنها ستحولهم إلي مجرد مستهلكين وتجار يقومون بجلب السلع من تلك المخازن لأنها أوفر وأربح.. وبقية المواطنين سوف يتحولون إلي عمال شحن وتفريغ يخدمون علي السلع الصينية وفقا لآراء بعض المتخصصين في الاقتصاد. الصين المصرية! في عام2005 أجريت دراسة اقتصادية عن كيفية الاستفادة من التجربة الصينية في الاصلاح الاقتصادي لكنها مازالت مجرد أوراق في مكتبي وماضيا في مخازن وزارة الاقتصاد بعدما دونت عليها الكلمة الشهيرة يحفظ.. الكلام للباحث الاقتصادي عادل بسيوني الذي أضاف لم أدخر وسعا في محاولتي المضنية لتحويل مصرإلي عملاق اقتصادي مثل الصين وفكرتي كلها كانت أننا بدلا من أن نستورد السلع من الصين والمصانع الصينية.. نقوم باستيراد الفكر نفسه.. بمعني أن تقوم بجذب كبار المصنعين إلي أحياء وقري ومدن القاهرة لينقلوا الفكرة الصينية إلي العربية.. ففي الصين نجد أن هناك قرية بأكملها تقوم بإنتاج مسمار معين مثلا, وقرية أخري متخصصة في تصنيع شكل معين من الهواتف مثلا.. وثالثة متخصصة في إنتاج قطع معينة.. وهناك مدن متخصصة في تجميع البوتاجازات وأخري في تجميع التليفزيونات.. إلخ, فهدفي هو أن أحول بفكرتي مصر بقراها ونجوعها وشوارعها إلي شبه صين عربية.. فاستقدام أصحاب المصانع للاستثمار في مصر فكرة سوف تجد رواجا كبيرا لدي رجال الأعمال الصينيين, خاصة أنهم سوف يتم منحهم مزايا نظير إقامة تلك المصانع في مدن مصر مقابل تدريبهم للأيدي العاملة وتأهيل المصريين لأن يكونوا مثل الصينيين في التخصص.. وستجد خلال عدة أعوام مدنا وقري متخصصة في تصنيع قطع غيار الأجهرة الكهربائية, ومدنا أخري متخصصة في تصنيع الملابس والمنسوجات.. وثالثة في مجال الكمبيوتر والأجهزة الالكترونية.. أما المدن الساحلية فسوف تكون أماكن لتجميع تلك الأجهزة استعدادا لتصديرها إلي أوروبا ودول إفريقيا والشرق الأوسط. تلك هي الفكرة التي يمكن أن تنهض بالاقتصاد المصري, أما فكرة أن تصبح مصر كما يفكر رئيس غرفة التجارة بالقاهرة مع مجموعة من رجال الأعمال المصريين والصينيين مجرد مخزن للسلع والمنتجات الصينية, فهذه فكرة الهدف منها التربح وليس الاستثمار لأن مصر لن تحل مشاكلها بالشحن والتفريغ, وإنما ستحلها عن طريق الصناعة والتصدير. فكرة هدامة يؤكد نبيل فريد حسنين, رئيس اتحاد الغرف والصناعات الهندسية, أن فكرة إنشاء مخازن للسلع الصينية في مصر فكرة في غاية الخطورة لأنها سوف تقضي علي ما تبقي من صناعة داخل مصر, وسوف تهدد كل الصناعات المحلية نتيجة للغزو الصيني الذي سوف يحدث داخل مصر, وبالتالي فإن الصناعات الصغيرة لن تستطيع الصمود كثيرا أمام السعر المنافس الصيني, فهذا مخطط من بعض رجال الأعمال للربح السريع علي حساب الصناعة المصرية.. فماذا يعود علي المصريين من ضريبة إيجار مخازن للصين إلا تهريب تلك البضائع إلي السوق المحلية, وإغراقنا من جديد في دوامة الاستهلاك للسلع الصينية التي غزت مصر, وقفت تقريبا علي بعض الصناعات مثل المنسوجات التي تعاني الأمرين أمام الغزو الصيني.. هذا علاوة علي ما سيخلقه تحويل مصر إلي مجرد مخزن للسلع الصينية من بطالة نتيجة لغلق العديد من المصانع وتشريد ما تبقي من العمال في الشوارع ليعملوا كمرتزقة علي الموانئ في الشحن والتفريغ.. والحل من وجهة نظري هو النظر بشكل آخر وأفضل للتجربة الصينية, ومحاولة تطبيقها داخل مصر عن طريق الاستقطاب لرجال الأعمال للاستثمار في مصر وبناء المصانع. الحل الحقيقي من جهته, يري الدكتور سمير حنا أستاذ الاقتصاد أن الحل الذي من المفروض أن يطرح للتداول الآن للاستفادة من التجربة الصينية بدلا من أن تضع كراكيب الصناعة الصينية في مصر لأنها عيب كبير في حق مصر واقتصادييها هو توسيع قاعدة الشراكة بين رجال الأعمال المصريين والصينيين, بإنشاء مصانع داخل قري ومدن مصر يتولي إدارتها وتدريب العاملين بها خبرات صينية, وكذلك إيفاد البعثات من رجال الأعمال وصغار المستثمرين للدراسة في كيفية تحويل قري مصر ونجوعها إلي قري منتجة علي الطريقة الصينية.. خاصة أن الشباب المصري ليس لديهم القدرة علي التعلم السريع فقط, بل لديهم أيضا القدرة علي الابتكار والتطوير.