يمثل الإبداع الفكري والثقافي والفني لأي مجتمع من المجتمعات, أحد أهم ملامح الهوية في هذا المجتمع, فشخصية المجتمعات تتكون عبر مراحل التاريخ بما مر بها من أحداث, وبما تصدره من ردود أفعال تجاهها من خلال ما يبدعه عقلها الجمعي. الواقع أن ترجمة الفكر العربي بمختلف أجناسه وعصوره يظل أحد المجالات المهمة, والوسائل الحيوية التي تعتمدها إسرائيل في التعرف علي المجتمعات العربية, بالإضافة إلي ملامسة مكامن القوة والضعف في الطرف العربي لإدماج هذا الجانب في أسس الاستراتيجية الإسرائيلية العليا إزاء العرب, وفي كيفية إدارة الصراع جنبا إلي جنب إلحاح الاعتبارات الميدانية الحالية مثل المواجهات الجارية مع الفلسطينيين, والحرب النفسية, والثورات العربية, وهي اعتبارات تصب في مجري الحاجة الإسرائيلية إلي توفير مادة مناسبة للتوجه والتعامل مع واقع عربي جديد أوجدته قوي شبابية, وتيارات سياسية تختلف جذريا في اتجاهاتها وتوجهاتها ومرجعيتها عن أنظمتها السابقة, وتلك الآيلة للسقوط بعد أن ظلت كنزا استراتيجيا لإسرائيل بلا مقابل. المهم أن الاهتمام الإسرائيلي بترجمة الأعمال الأدبية والفكرية العربية, خصوصا الحديث منها, قد تبدو أهميته ملحة عقب التغيرات السياسية والاجتماعية التي تشهدها المنطقة منذ مطلع العام الحالي, وبالنظر إلي كونها ترصد السلوكيات الاجتماعية والسياسية التي تصاحب التغير الاجتماعي الحادث, وتلقي الأضواء عليها وعلي مساراتها المتعددة.