بدبلوماسية هادئة وخبرة سياسية وقانونية رفيعة المستوي في التعامل مع لوبي الضغط الأوروبي والأمريكي والإسرائيلي وتكتلاته داخل المجلس الدولي لحقوق الإنسان بجنيف فقد نجحت مصر في عرض ملفها في مجال حقوق الإنسان والحريات الأساسية لأول مرة لآلية المراجعة والاستعراض الدولي الشامل لملفات الدول والحصول علي موافقة المجتمع الدولي عليه لتصبح الدولة رقم112 التي تقدم سجلها للأمم المتحدة في مجال تعزيز الحقوق والحريات. وحققت مصر عدة مكاسب دولية خلال فترة تقديم ملفها التي استمرت3 أيام داخل اجتماعات مجموعة العمل الدولية والترويكا والمجلس الدولي لحقوق الإنسان التابع لمجلس الأمن بالأممالمتحدة, في مقدمتها أنها أثبتت تنفيذها لالتزامات ملموسة وحقيقية من جانب الحكومة المصرية في تحسين مناخ حقوق الإنسان طوال5 سنوات منذ تقديمها لقائمة التعهدات الطوعية للحصول علي عضوية المجلس الدولي لحقوق الإنسان عن دول شمال إفريقيا وفوزها بمنصب نائب رئيس المجلس في دورته الحالية مما يدل علي احترامها لمكانتها الدولية والقارية في إفريقيا, وامتلاكها لإرادة سياسية قوية لتطوير مناخ وحالة حقوق الإنسان بها. كما حققت مصر مكسبا رئيسيا وهو اثبات قدرتها علي التحدي السياسي في اعتراف رئيس الوفد المصري الدكتور مفيد شهاب بشجاعة ومصداقية أمام194 دولة بوجود أوجه قصور وسلبيات في التطبيق والممارسة وقام بتحديدها بشفافية وموضوعية, وأن مصر تعمل علي علاجها ومواجهتها وهو ما أغلق الباب لدرجة كبيرة أمام أية محاولات للضغط علي مصر خلال المناقشات من جانب لوبي الضغط الأوروبي والأمريكي واستخدام أية وقائع قديمة لطرحها من جديد مما دفع بوفود عدة دول عربية وإفريقية ولاتينية للذهاب للمنصة الرئيسية لتحية الوفد المصري علي احترامه للتعامل مع الآليات الدولية. ويري محللون سياسيون أن مصر استطاعت انتزاع تقدير المجتمع الدولي لعدة أسباب تشمل تخليها عن الخطاب التقليدي في أثناء عرض قضايا حقوق الإنسان والمشاكل التي تواجهها وردودها علي أسئلة الدول التي تقدمت بها, وقبولها لغالبية التوصيات التي تقدمت بها وفود الدول, مما يعني تفاعلها مع الحوار التفاعلي والتشاركي داخل المجلس الدولي ورغبتها في انجاح آلية استعراض ملفات الدول, وهو ما يريح أطرافا دولية أوروبية وأمريكية ترغب في استمرار تعامل الدول بإيجابية مع هذه الآلية. كما يري المحللون أن السبب الثاني هو اهتمام مصر بتاكيد الدور الرئيسي لمنظمات المجتمع المدني المصري وتعهدها بفتح حوار جاد معها في تنفيذ التوصيات التي قبلتها, وإيجاد تكامل في الأدوار بينها وبين المجلس القومي لحقوق الإنسان والحكومة وإصدار قانون جديد للمؤسسات الأهلية يسهم في زيادة دورها في الفترة المقبلة, وقيام الوفد الحكومي المصري بعقد اجتماع علني داخل مقر الأممالمتحدة مع المنظمات الأهلية ليثبت الرغبة الحقيقية في التعاون والتنسيق معها وهو ما رصدته عدد من وفود الدول الأجنبية وثمنت هذا الإجراء بقوة خلال الاجتماعات الثنائية. ويري السفير هشام بدر مندوب مصر الدائم بالمقر الأوروبي للأمم المتحدة بجنيف ونائب رئيس المجلس الدولي لحقوق الإنسان أنه تم تحقيق عدة نتائج ايجابية تضمنت تعريف مصر للمجتمع الدولي بأنها تستعد لإصدار عدة قوانين لتعزيز أوضاع حقوق الإنسان بها خلال الفترة المقبلة تشمل إصدار قوانين لمكافحة الإرهاب بنصوص متوازنة تحمي أمن الوطن وتحترم قواعد الخصوصية والحريات الشخصية والعامة بإجراءات تحت اشراف قضائي كامل, ونقل الأعضاء البشرية, ومكافحة الاتجار في البشر والعنف ضد المرأة والتحرش الجنسي وحرية النقابات المهنية وحقوق المعاقين وقانون الأسرة ليشمل كل ما يتعلق بأحكام الزواج والطلاق والرؤية والحضانة للأطفال, ودراستها لإصدار قانون لبناء دور العبادة الموحدة, ورفع تحفظاتها عن البروتوكول الاختياري لمناهضة التعذيب والبروتوكول الاختياري الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية. ويتفق معه الدكتور نبيل حلمي وحافظ أبوسعدة عضوا وفد المجلس القومي لحقوق الإنسان بأن مصر استطاعت تحقيق نتيجة جيدة تزيد من ثقلها الدولي بالتأكيد أمام وفود دول العالم علي عزمها إجراء إصلاحات وتغييرات لتحسين حقوق الإنسان خاصة أن تطويرها لا يتم بين يوم وليلة, ولكن عن طريق عملية تراكمية مستمرة من خلال خطوات وإجراءات إدارية وقانونية تؤتي ثمارها بمرور الوقت. ويؤكد الدكتور مفيد شهاب رئيس وفد مصر طرح رؤية محددة أمام مجلس الوزراء خلال الأيام المقبلة للاستفادة من النتائج التي تحققت أهمها التعامل بجدية شديدة من جانب المؤسسات والجهات التشريعية والتنفيذية مع التعهدات التي قدمتها مصر التي شملت تطبيق برامج جديدة لزيادة الخدمات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمواطنين في مجالات متعددة للصحة والتعليم والإسكان وتمكين المرأة ورعاية الطفل وحماية حرية الفكر والابداع ونشر الوعي بحقوق الإنسان وزيادة برامج بناء القدرات لمسئولي انفاذ القانون للارتقاء بمنظومة حقوق الإنسان بمصر والتأكد من تمتع المواطنين بها. وكشف عدد من رؤساء الوفود الإفريقية داخل المجلس الدولي لحقوق الإنسان عن أن مصر استطاعت التغلب علي أهم القضايا الشائكة في أثناء ردودها علي أسئلة الدول منها قضية أحداث نجع حمادي والفتنة الطائفية, وإلغاء عقوبة الإعدام ومواجهة الهجرة غير الشرعية علي الحدود المصرية الإسرائيلية, وحالة الطواريء والمراقبة الدولية للانتخابات المقبلة والمحاكمات الاستثنائية والمساواة الكاملة بين المرأة والرجل في الزواج والطلاق والميراث, وقضية المثليين والشذوذ وهو ما تصدت له بمستندات ووثائق تضع كل قضية في إطارها الصحيح وتقدمت بردود كتابية وشفوية عنها برغم محاولات أكثر من16 دولة أوروبية وأجنبية اثارتها عدة مرات, وأكدت أهمية احترام المجتمع الدولي للخصوصية والقيم السائدة في المجتمع المصري والأداء والنظام العام به, في نفس الوقت حرصت مصر علي اثبات رغبتها السياسية في إنهاء حالة الطواريء ودعوة عدد من الشخصيات الدولية وليست المنظمات الأجنبية لمتابعة جانب من الانتخابات المقبلة, وقيامها ببناء538 كنيسة خلال السنوات الماضية وترميم1007 كنائس, وتدوين شرطة للبهائيين في خانة الديانة مما يدل علي احترامها لحرية العقيدة وممارسة الشعائر واستمرارها علي هذا النهج في التعامل, لأنه لا توجد بها مشكلة أقليات دينية أو طائفية, ولكن قضايا داخلية تعالجها بإجراءات وطنية.