في ظل ما يجسده الواقع الآن بكل آلامه وشجونه وما نعانيه من أزمة تخلف وتبعية وذل ومهانة, وتمزق وتفرق, وتحلل وتحجر, واستيراد واستهلاك, وإسراف وتبذير, وظلم واستعباد, وتدن في الأخلاق.. أين الخلل.. ومن المسئول عن هذه الأزمات؟!..هل الحكام؟! أم العلماء؟! أم العوام؟! الدكتور صلاح سلطان أستاذ الشريعة بكلية دار العلوم يري أنه إذا كان منطق العقل يقتضي أن هناك جزءا من المسئولية علي كل مسلم في الأرض, فلا يعفي أحد من المسئولية, لكن المسئول الأول عن ذلك وغيره هم العلماء قبل الأمراء وعموم الأمة. نعم العلماء مسئولون عما أصاب الأمة من فقر وجهل ومرض, وعصبية وتطرف, وعنف وغلو, مسئولون عن احتلال أرض فلسطين, وإخراج6 ملايين من ديارهم, وأسر11 ألف رجل وامرأة وطفل, وتهويد القدس والأنفاق تحت المسجد الأقصي.. هذا بالإضافة إلي8 ملايين من الأيتام والأرامل خلفهم الاحتلال وأعوانه في أرض الرافدين, وبحر الدماء الذي يسيل ثجاجا في أفغانستان وباكستان والصومال والسودان واليمن..مسئولون لأن علماء الأمة الإسلامية هم عقلها الواعي, وقلبها الحي اليقظ, ولسانها المعبر عن تطلعاتها وآلامها, لذا فقد أنيط بهم وحدهم حفظ الرسالة بيضاء نقية وقيادة الأمة فكريا, كما أنيط بهم أن يكونوا الرقيب والناصح لأصحاب الولايات العامة, وأن يتحملوا قيادة الأمة عمليا عند فساد الأجواء, لذلك كانت حملة الظالمين عليهم أشد, واستهدافهم لشراء ذممهم أعظم وأخطر, ولكن النص المعصوم من الكتاب والسنة دل علي أن بقية الخير فيهم قائمة إلي يوم الدين, لتبقي الحجة بهم قائمة علي الخلق ما بقيت علي الأرض حياة, كما قال الله تعالي: أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين.. ويشير إلي أن التمكين للإسلام لا يكتفي فيه بالقائد الرباني الفذ فحسب ولو كان الأمر كذلك لحدث التمكين في مكة للإسلام وللرسول صلي الله عليه وسلم ولهؤلاء الأخيار من السابقين إلي الإسلام من أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم من أمثال أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وجعفر وحمزة وخالد بن سعيد وغيرهم, لكن الأغلبية الساحقة كانت كافرة أو معاندة فأوذي النبي صلي الله عليه وسلم وأصحابه, وهاجر من هاجر إلي الحبشة وبقي الإسلام ضعيفا مطاردا حتي كثر الخير في يثرب ودخل أكثر أهلها الإسلام, وأرسلوا قادة منهم ومندوبين عنهم, والتقت القيادة بهؤلاء الجمهرة فكان النصر والتمكين في المدينةالمنورة. وهذا يؤكد أن النخبة وحدها لا يمكن أن تصل إلي النصر مهما كانوا ربانيين, ولا الكثرة وحدها دون قادة ربانيين يمكن أن ينتصروا, فهذا قانون رباني يوجب أن نعمل به لننال التمكين, كما قال تعالي: هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين( الأنفال:62).