الثورة تستهدف تغيير المجتمع, وتصويب مساره نحو تحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية في إطار الدولة المدنية. وهذه بديهية سياسية وفكرية صارت ثابتة ومعلومة للجميع منذ الثورة الفرنسية وحتي ثورة 25 يناير. وكلما كانت الثورة شعبية, بمعني انخراط جموع المواطنين بكل أطيافهم في إنجازها, كان استهداف التغيير مطلبا عاجلا وملحا. ذلك أن لحظة تفجر الثورة الشعبية تعني بالضرورة أن صبر الشعب علي الأوضاع الجائرة قد نفد, وينطبق هذا المعني علي ثورة25 يناير. فقد بلغ النظام السابق أوج استبداده, وذروة فساده. ولم يكن ممكنا التغاضي عن سلبياته ومثالبه, وما يتعين ملاحظته أن سخط الجماهير علي النظام السابق قد تأجج بعد انفراط عقده.. ومبادرة الصحف ووسائل الإعلام الأخري إلي نشر وبث أخبار وأسرار مذهلة عن مؤسسة الفساد والافساد, التي كانت تتحكم في البلاد وتهدر حقوق العباد. ومن هنا كانت الرغبة الشعبية في القصاص من رموز النظام السابق ومحاكمتهم وهي رغبة مشروعة وعادلة. وزاد من اتقاد مطلب محاكمة رموز النظام السابق, ما ظهر من إرهاصات الثورة المضادة, وما اقترن بها من حديث وتكهنات عن اختطاف الثورة أو سرقتها, وفي ذات الوقت فإن الغالبية العظمي من المواطنين باتوا يشعرون بالقلق وتساورهم الهواجس علي أهداف الثورة ومستقبل الوطن, وسط مؤشرات تبرر هذا القلق وتلك الهواجس, ولعل من ابرزها. حالة الانفلات الأمني, والفوضي في الشوارع والميادين, وتهديدات البلطجية, ومن ثم بدا المجتمع كأنه في حالة سيولة مخيفة, وسط تقافز اسئلة تحذر من انقسام القوي الوطنية الي تيارات سياسية وحزبية تتربص ببعضها البعض, وهنا ينبغي تأكيد أن التيارات السياسية والحزبية تعد أمرا طبيعيا بشرط أن يكون الحوار هو المنهج ومصلحة الوطن العليا هي الهدف الأسمي. ولا يصح في هذا السياق أن يدعي طرف أنه يملك الحقيقة وحق تحديد المسار وحده.. فإن صناديق الاقتراع في ظل الديمقراطية هي وحدها من يحدد هذا المسار, إن مصر قادرة بقواها الوطنية أن تحدد مسارها, وتنفذ أهداف ثورة 25 يناير