الشعب المصرى ماهو موقفه بين ثورتى 23 يوليو 1952 و25 يناير2011؟ لقد انطلق شباب مصر من ضباط الجيش المصرى فى 23 يوليو 1952 للإطاحة بالملك فاروق وذلك أملا فى: القضاء على الفساد والإقطاع, وإنهاء سيطرة رأس المال على الحكم,وإقامة حياة ديمقراطية سليمة, وعدالة إجتماعية, و جيش وطنى قوى,والقضاء على الإستعمار. وفى يوم 25 يناير 2011, أى بعد مرور 59 عام على ثورة 1952, خرج الشباب المصرى ومن ورائه غالبية الشعب بكافة فئاته وطوائفه للإطاحة بنظام الرئيس السابق حسنى مبارك وذلك أملا فى تحقيق: التغيير, والحرية, والعدالة الإجتماعية. وفى الثورة الأولى التف الشعب حول الجيش وتحديدا حول مجموعة الضباط الأحرار الى ان نجحت حركتهم وتحولت الى ثورة حققت العديد من الأهداف التى أرضت الجانب الأعظم من الشعب بل وتجاوزت المحلية الى العالمية بتبنيها حركات التحرر من الإستعمار على المستويين الإقليمى والعالمى. وفى الثورة الثانية التف الجيش حول الشعب ليحميه ويحمى البلاد من قوى الظلام التى ارادت له الذل والهوان فأطلقت جحافل البلطجية التى اجتاحت البلاد فى وقت قياسى لتقوم ببث الذعر والهلع والإرهاب بين المصريين العزل الأبرياء. واذا استبعدنا الإستعمار وإقامة الجيش الوطنى القوى من المقارنة بين الثورتين - وذلك مراعاة لاختلاف العصر حيث انتهى الإستعمار القديم وأصبح لمصر جيشها القوى المتطور- فسنجد هناك تطابقا بين مبادئ الثورتين على الرغم من الفارق الزمنى بينهما والذى يقدر ب59عام. وتقودنا تلك النتيجة الى سؤال هام :هل ادى الخروج عن مبادئ ثورة يوليو 1952 الى نشوب ثورة يناير 2011؟ والإجابة بكل تأكيد هى نعم. فعلى الرغم من التبجيل المستمر لثورة 1952 ولرجال القوات المسلحة ومجلس قيادة الثورة على مر ال59 عام الماضية فإن المبادئ تعرضت للإهمال بحجة مرور الزمن واختلاف العصر.وكانت تلك الحجة واهية فمبادئ ثورة يوليو 1952 كانت بسيطة الا انها كانت عابرة للزمن. فهى وببساطة مبادئ تحقيق الكرامة وتعويض المواطن المصرى البسيط عن التهميش المتعمد وسوء إدارة الموارد وتوزيع الثروات والفساد وإحتكار القلة الفاسدة للثروة والسلطة على مدار قرون سابقة.وبالتالى كان من المنطقى ان يصاب المواطن المصرى العادى بالضيق لتباطوء عملية التعويض تلك وهو الأمر الذى حدث بالفعل عندما مرت سنوات وسنوات دون تحقيق ديموقراطية حقيقة فى البلاد استنادا الى شعار "لاصوت يعلو فوق صوت المعركة". وبعد طول صبر وانتظار انتهت المعركة وانتظر المواطن المصرى الصبور العظيم استكمال التعويض الذى بشرته به مبادئ ثورة يوليو 1952. ومرت سنوات وعقود دون ان يستمر التعويض بل فوجئ الشعب بظهور إقطاعيين جدد يتبعون اساليب الحواة فى الإدارة وتكوين الثروات بطرق غير مشروعة ويتفننون فى اذلال المواطن العادى وتخويفه وارهابه سعيا لتهميشه بشكل عمدى. ان المتابع للأمور لن يقف طويلا أمام الثورتين قبل ان يدرك ان ثورة يناير 2011 ليست سوى محاولة جادة لتصحيح وتجديد مسار ثورة يوليو1952. المزيد من مقالات طارق الشيخ