كيف يمكن استعادة الأموال المنهوبة التى هربها من مصر رموز النظام السابق؟ وهل هناك طرق وآليات قانونية دولية لاستعادة تلك الأموال من الدول الأخرى ؟ وماهو حجم تلك الأموال ؟ أسئلة باتت تدور وتؤرق عقل كل مواطن مصرى منذ سقوط أركان النظام السابق بنجاح ثورة 25 يناير. التى لولاها ماتم الكشف عن مسلسل نهب مصر وتهريب أموال شعبها طوال السنوات الماضية، أسئلة عديدة نحاول الأجابة عليها فى هذا الملف . ثارت فى الأونة الأخيرة تساؤلات عدة عن مدى امكانية استعادة الأموال التى هربها من مصر رموز النظام السابق، فقد شكك البعض فى امكانية استعادة هذه الأموال لعدم معرفة وثقة أصحاب هذا الرأى فى القانون الدولى ودوره فى ذلك. والثانى عدم الثقة فى الأشخاص والآليات المخصصة لاستعادة مثل هذه الأموال، وللرد على هذه التساؤلات أجرت الأهرام الحوار التالى مع أحد اهم المتخصصين فى مثل هذه المسائل بمصر وهو الدكتور السيد مصطفى أبوالخير أستاذ القانون الدولى العام والمحاضر فى العديد من الجامعات ومراكز البحوث فى العالم العربى والذى كانت خلاصة الحديث معه هو انه من السهل استعادة الأموال المنهوبة لو اتخذنا الخطوات القانونية السليمة . هل توجد طرق وآليات قانونية يمكن من خلالها استعادة هذه الأموال؟ نعم هناك عدة طرق وتتمثل الأولى منها فى تفعيل واستخدام اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد لعام 2005 وقد صدقت مصر وجميع الدول العربية عليها، وصدق عليها حتى الآن (180) دولة على مستوى العالم، لذلك دخلت حيز النفاذ وهى ملزمة لكل دولة وقعت عليها، وذلك? باستخدام الآليات الواردة فى هذه الاتفاقية عن طريق النائب العام لأنه الجهة المختصة بالتحقيق? ?في? ?هذه الجرائم واحالة مرتكبيها للقضاء المدني? ?الطبيعي? ?لمحاكمتهم، وبعد صدور حكم نهائى عليهم?، ?يتقدم بطلب رسمي? ?للأمين العام للأمم المتحدة لاستعادة الأصول والأموال المهربة. ? ولكن كيف يتم تفعيل هذه الاتفاقية ؟ تنص المادة (3) من الاتفاقية على : 1 تنطبق هذه الاتفاقية، وفقا لأحكامها، على منع الفساد والتحرى عنه وملاحقة مرتكبيه، وعلى تجميد وحجز وإرجاع العائدات المتأتية من الأفعال المجرّمة وفقا لهذه الاتفاقية. 2 من أجل تنفيذ هذه الاتفاقية، ليس ضروريا أن تكون الجرائم المبيّنة فيها قد ألحقت ضررا أو أذى بأملاك الدولة، باستثناء ما تنص عليه خلافا لذلك، وقد تناولت المواد 54 و55 و57 من الاتفاقية أحكام وسبل استراداد تلك الأموال، فنصت المادة (54) على دور الدولة طالبة التحفظ على ما لديها من أموال محل تحقيق فى جرائم فساد، فنصت الفقرة الأولى من هذه المادة على قصر تقديم طلب التحفظ من الأجهزة القضائية فقط وبناء على أدلة ثابتة، وطالبت الفقرة الثانية أن تسفر التحقيقات على أدلة وأساس تثبت أن الأموال المطلوب مصادرتها قد أكتسبت بطريق غير مشروع، والفقرة الثالثة ضرورة أن تتم مراسلة ومخاطبة الدول التى لديها تلك الأموال بطلبات مشفوعة بالمستندات الدالة على صدق ما جاء بالتحقيقات، فضلا عن أدلة مادية تؤكد ذلك، وإلا يمكن للدولة المطلوب منها التحفظ والتجميد رفض الطلب. هل الدول مجبرة برد الأموال المنهوبة التى جرى نقلها إليها سواء بطريقة مشروعة أو غير مشروعة ؟ حددت الاتفاقية فى المادة (55) منها الإجراءات التى ينبغى على الدولة المطلوب منها التحفظ على ما لديها من أموال جاءت نتيجة جرائم فساد، فقد طالبتها بضرورة الكشف عن الأموال والممتلكات التى بإسم الشخص محل طلب التحفظ واقتفاء أثرها وتجميدها وحجزها، على أن يتم ذلك وفقا لقانونها الداخلى وقواعدها الإجرائية أو أى اتفاق دولى هى ملتزمة به، وطبقا للمادة (31) من الاتفاقية يجب أن تتخذ هذه الدولة كافة الإجراءات الضرورية ولا يجوز الاحتجاج بسرية الحسابات هنا. وماهى الاجراءات التى ينبغى على الدولة القيام بها لاستعادة أموالها المنهوبة ؟ نصت المادة (57) من الاتفاقية على كيفية إعادة الأموال الناتجة عن جرائم فساد إلى الدولة التى هربت منها هذه الأموال، حيث يتم ذلك (بإرسال طلب إلى الدول التى لديها الأموال المتحصلة من جرائم فساد مرفق به الحكم القضائى النهائى المسبب والمشفوع بالمستندات التى تؤكد كون تلك الأموال تم الحصول عليها من جرائم فساد) بعدها تقوم الدول المطلوب منها اعادة تلك الأموال بإرجاع الممتلكات المصادرة، وفقا لأحكام اتفاقية الاممالمتحدة لمحاربة الفساد، ولها حسب الاتفاق (أن تقتطع نفقات معقولة تكبدتها فى عمليات التحقيق أو الملاحقة أو الإجراءات القضائية المفضية إلى إرجاع الممتلكات المصادرة أو أن تتصرف فيها بمقتضى هذه المادة). ولكن ما الذى يمكن أن تفعله الدولة صاحبة الأموال المنهوبة إذا رفضت الدولة الموجود بها تلك الأموال ردها ؟ نصت المادة (66) من الاتفاقية على طرق قانونية حال رفض الدولة الموجود لديها الأموال الناتجة عن جرائم فساد إعادة هذه الأموال أو تجميدها والتحفظ عليها، فنصت على أن تلجأ الدولة طالبة التحفظ والمصادرة إلى التفاوض معها أولا، فإذا لم يثمر التفاوض عن شيء أو تعذر اتمام التفاوض جاز اللجوء إلى التحكيم الدولى على أن ينتهى خلال ستة أشهر..... فإذا تعذر ذلك أيضا جاز اللجوء الى محكمة العدل الدولية باحالة النزاع إليها بطلب يقدم وفقا للنظام الأساسى للمحكمة. وماهى الطرق الأخرى لاستعادة الأموال المنهوبة ؟ هناك طريقة ثانية تكمن فى قيام أبناء مصر بالخارج وخاصة الدول الأوروبية بتقديم بلاغات للنائب العام فى كل دولة يقطنون فيها، وهذه الطريقة فعلها أبناء تونس بالخارج، استنادا إلى أن هذه الأموال جاءت نتيجة الاعتداء على حقوق الإنسان، فقد اعطت دول الاتحاد الأوروبى لمحاكمها حق محاكمة كل من ارتكب جرائم ضد حقوق الإنسان وهو ما يعرف فى القانون الدولى بمبدأ الاختصاص العالمى الذى نصت عليه اتفاقيات جنيف لعام 1949 والبروتوكولين الاضافيين لهما لعام 1977. والطريقة الثالثة هى الطريقة الدبلوماسية حيث يتم من خلالها التفاوض مع الدول التى بها هذه الأموال المهربة من أجل تجميدها وتسليمها لمصر، ولكن هذه الطريقة يعاب عليها أن الدول التى بها هذه الأموال تطلب نسبة منها وأحيانا تكون كبيرة، ثانيا أن معظم الدول لا تأخذ بهذه الطريقة، ويجب الإشارة هنا إلى أن المحاكمات السريعة لا تعترف بها دول الاتحاد الأوروبى والكثير من الدول، لذلك ينبغى أن تكون المحاكمة أمام القاضى المدنى الطبيعى وألا يكون الحكم أو المحاكمة أمام محكمة استثنائية أو أن يحاكم المتهم بقوانين استثنائية، لأن ذلك يطعن فى المحاكمة والحكم، لذلك يجب أن تتوافر كافة الضمانات القانونية للمحاكمة فى إتاحة فرصة الدفاع عن النفس للمتهم ولا بد أن يكون له محام للدفاع عنه، وفى حالة صدور حكم نهائى بذلك يمكن إعادة الأموال كاملة. أما الطريقة الأخيرة فتتمثل فى مبادرة «ستار» التى اطلقتها الأممالمتحدة وصندوق النقد فى عام 2008 وتنص على قيام الدول الغنية بالإعادة الطوعية للأموال المنهوبة من الدول النامية لاستخدامها فى مشروعات التنمية ومكافحة الفقر .