ثقة الأوروبيين في مصر سألت امرأة النبي داود عليه السلام: أربك ظالم أم عادل؟. فرد مستهجنا: ويحك يا امرأة, انه العدل الذي لا يجور. ثم سألها عن حكايتها, فقالت انها أرملة وتشتغل الغزل لتنفق علي بناتها الثلاث. وقبل ان تبيعه في السوق وتأتي بأموال لأطفالها, فإذا بطائر ينقض عليها ويأخذ غزلها ويذهب بعيدا, لتبقي حزينة لا تملك قوت عائلتها. وبينما تسترسل المرأة في سرد حكايتها مع داود, فإذا بمن يطرق علي باب نبي الله فأذن لهم بالدخول, ليفاجأ هو والمرأة بعشرة من التجار يحمل كل واحد مائة دينار. وطلبوا منه ان يعطيها لمستحقها. فاستفسر داود عن سبب العطايا الوفيرة ؟.. فقالوا يا نبي الله, كنا في مركب فهاجت علينا الريح وأشرفنا علي الغرق, فإذا بطائر قد ألقي علينا خرقة حمراء وفيها غزل, فسددنا به عيب المركب, فهانت علينا الريح وانسد العيب. ثم نذرنا لله أن يتصدق كل واحد منا بمائة دينار, وهذا المال بين يديك فتصدق به علي من أردت. فالتفت داود الي المرأة, وقال: رب يتجر لك في البر والبحر و تجعلينه ظالما!.. ثم وهبها الألف دينار لتنفقها علي بناتها الصغيرات. القصة تقترب من حالنا اليوم, فنحن أصبحنا لا نثق في قدراتنا وإمكاناتنا, ليأتي الأمريكيون والأوروبيون إلينا ويبثوا فينا الثقة يوما بعد يوم. فمثلا, يعرب مارك فرانكو سفير الاتحاد الأوروبي في القاهرة عن تفاؤله بأن تسفر الانتخابات المقبلة عن تمثيل عادل لكافة الأطياف السياسية. فرانكو نفسه يستغرب كثيرا عما يتردد في الشارع السياسي عن إمكانية ان يحصل التيار الإسلامي علي نسبة كبيرة من مقاعد البرلمان. وسبب دهشته ان الثوار الجدد في مصر قلبوا الموازين في نحو 81 يوما, ومع ذلك يتشكك المصريون في فوز التيار القومي في الانتخابات. ويتساءل فرانكو بشأن مخاوف استفراد الإسلاميين بتلك الانتخابات: كيف لقوي التغيير في مصر التي غيرت تاريخ هذا البلد ان تفتقر الي الثقة في قدراتها علي الوصول الي البرلمان؟. المرأة التي جادلت داود, انعم عليها الخالق عز وجل بجوده. أما نحن, فننتظر الحكمة والرحمة من الخارج. المزيد من أعمدة محمد أمين المصري