في الستينات. حينما بدأ جيلنا القراءة الجادة ومحاولة الكتابة بعداكتشاف الواقعية الاشتراكية كان يوسف السباعي, قد نشر معظم اعماله.. لكننا, نتيجة لجمودنا العقائدي, وجهلنا الثقافي رفضنا السباعي واحسان عبد القدوس, وغيرهما باعتبارهما من كتاب البرجوازية(!). لكن حينما تطور بعض افراد هذا الجيل سياسيا, واتسعت مداركنا الثقافية, وأعدنا قراءة السباعي واحسان والحكيم, ومحمد عبد الحليم عبد الله, أعدنا اكتشاف تاريخ القص المصري الحديث والمعاصر. تجربتي الشخصية مع السباعي فيالسقا مات التي حينما قرأتها للمرة الأولي بهرتني بموضوعها الانساني وبنيتها الروائية. وحينما أعدت قراءة أعمال رفضتها في شبابي. ليوسف السباعي,كانت دهشتي كبيرة لاحساسي بالظلم الذي حاق به من جراء احكامنا المتسرعة والسطحية. فليس من الضروري الآن تصنيف السباعي, لكن من الأهمية أن يشعر العديد من كتاب جيلنا بضرورة اعادة تقييمهم للسباعي ووضعه في المكانة التي يستحقها في كتاباته الرائدة التي مزجت برهافة بين الرومانسية, والحياة اليومية للناس البسطاء. حكت لي الصديقة الفنانة فاطمة الطناني تجربتها الشخصية مع رواية لست وحدك فهي قد ولدت معوقة, واحست محقة بظلم الحياة لها, واصابها الاكتئاب وفكرت في الانتحار. لكن قراءتها لرواية لست وحدك التي تحكي عن تجربة الاعاقة الجسدية وتثير الأمل في قلوب المعاقين, بثت فيها الأمل, وطلبت اللقاء مع السباعي وحكت له عن تجربتها فاستمع لها, فحرك فيها طاقة أمل خلاقة, فدرست صناعة الزجاج المعشق وتقوم الآن بتصنيعه, وأحبت من تزوجته وأسست بيتها وعائلتها. أما رواياته التي قدمتها السينما المصرية وأصبحت الآن من كلاسيكياتها مثل رد قلبي وبين الاطلال وملحمته الرائعة نادية هذه الأعمال كانت تعبر عن روح ذلك العصر بصدق وأمانة. يوسف السباعي, الروائي والانسان تم قتله برصاص من كانوا يطلقون علي أنفسهم مقاومة فلسطينية في قبرص يوم18 فبراير1978 لكن أعماله لاتزال قائمة حية بيننا مثل البحث عن جسر وجفت الدموع وأرض النفاق تعبر بصدق واحساس عن مصر في كل زمان وعن المصريين في أحوالهم السابقة والحالية. رءوف مسعد كاتب وروائي مصري