تطالعنا فاتحة الكتاب بأسرارها.. تجمل وتفصل وتحدد أشياء بأولوياتها وأهميتها لعباد الله.. في حياتهم الأولي وفي حياتهم الآخرة. فبعد البسملة تنتقل فاتحة الكتاب مباشرة إلي الحمد.. حمد الله تعالي علي أنعمه وعلي رحمته وعلي لطفه.. فله الحمد المستحق في الأولي والآخرة.. نبدأ به وننتهي به له الحمد في الأولي والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون( القصص:70) والداخلون الجنة يحمدون الله علي دخولها وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العاملين( الزمر:74).. وتنتقل بنا فاتحة الكتاب إلي رب العالمين.. ليس رب العالم ولكن رب العالمين أو الأكوان.. وهو شيء لا تصل إليه مداركنا, ولكنه في علم وإحاطة وتدبير رب العالمين. ثم الرحمن الرحيم وهو وصف لقدرته ورحمته في آن.. فهو خالق كل شيء, وكل شيء في الوجود مدين له بالوجود.. وهو المسيطر علي كل شيء فسبحان الله الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون( يس:83) أي أننا ملكه, وأننا إليه راجعون للحساب ومعرفة المصير.. إما الجنة وإما النار.. ثم ننتقل إلي الآية التالية, وهي عنوان هذا المقال مالك يوم الدين والله سبحانه يملك كل شيء, بما في ذلك يوم الدين.. يوم القيامة.. وإنما أشار رب العزة في فاتحة الكتاب إلي أنه مالك هذا اليوم والمتصرف فيه.. وهو أهم الأيام بالنسبة للإنسان.. والذي يقف فيه كل إنسان بين يدي الملك الديان للحساب والجزاء.. نذكر هذا اليوم في الفاتحة التي نرددها في كل ركعات الصلاة فرضا ونافلة كما أمرنا, حتي لا ننساه في زحمة أعمالنا ومشاغلنا الدنيوية, وأن هذه الأعمال وتلك المشاغل لا ينبغي لها أن تصرفنا عن التفكير في اليوم الذي تتحدد فيه مصائرنا.. فمصائرنا ليست في حياتنا الأولي هذه, ولكنها في حياتنا الأخري.. ثم تنتقل بنا الفاتحة إلي إياك نعبد وإياك نستعين وهو تقرير إفراد العبادة لله عز وجل, وليس لأحد ولا لشيء سواه.. ونسأله العون في كل أمورنا الدنيوية والأخروية.. ثم اهدنا الصراط المستقيم والذي به تستقيم أمورنا وتستقر حياتنا, ونفوز في آخرتنا بجنات النعيم والخلود الأبدي فيها.. ويعرف رب العزة هذا الصراط المستقيم أكثر, فيقول عز من قائل صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين وهو الصراط الذي هدي إليه أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل وممن هدينا واجتبينا( مريم:58) فأن ننضم إلي هؤلاء الذين أنعم الله عليهم بالهداية, لهو شيء يتمناه كل مؤمن ومؤمنة.. ويزيد الله في تعريف الصراط المستقيم, بأنه ليس طريق المغضوب عليهم المعذبين ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساءت مصيرا( الفتح:6) ولا هو طريق الضالين الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا( الكهف:104 105)..