لا أستطيع إلا أن أرفع القبعة للمخرجة نانسي مايرز.. إنها متعمقة في المشاعر الإنسانية للمرأة بدرجة ملحوظة.. وفي كل أفلامها تناصر المرأة التي تجبرها الحياة والرجال أيضا علي إخفاء مشاعرها. فيلم( علاقات معقدة) بطولة ميريل ستريب وستيف مارتن واليك بولدوين يناقش قضية في غاية الطرافة.. وهي ماذا لو وقع الرجل في غرام زوجته الأولي. عندنا مثل عامي يقول القديمة تحلي ولو كانت وحلة وهذه هي بالضبط قصة الفيلم.. إن زوجته الأولي التي ظهرت خطوط الزمن علي وجهها وجسدها وبعد رحلة طلاق مدتها عشر سنوات تتقابل مع زوجها الذي طلقها لكي يتزوج فتاة صغيرة في حفل تخرج ابنهما. وهنا تبدأ الكوميديا.. كل الانفعالات التي يبديها الزوج( إليك بلدوين) من شغف وإعجاب ومغازلة.. وميريل ستريب الزوجة التي كانت لاتزال تعاني آثار الطلاق وتبتعد عن كل العلاقات العاطفية تقع في رغبتها الدفينة وهي خطف زوجها من زوجته الثانية. وعندما تخبر صديقاتها تتوالي الضحكات والاستفسارات عن شكل هذه العلاقة الغرامية.. ولا تملك إلا أن تضحك من قلبك علي هذا الزوج المغرور الذي يظن أنه سيتمكن من اقامة علاقة غرامية مع زوجته الأولي بعد أن اكتشف أن الزوجة الثانية امرأة أنانية لا تفكر إلا في رغباتها.. بل ترغمه علي الحياة بالطريقة التي تريدها هي وابنها. ويظهر الخصم الذي يشعل حرارة المنافسة علي الزوجة.. أنه ستيف مارتن المهندس الذي سيعيد ترتيب منزلها.. وهو أيضا مطلق تركته زوجته من أجل رجل آخر. ويقوم خطيب ابنة ميريل ستريب بدور مدهش حين يكتشف بالمصادفة أن حماته وحماه المنفصلين يعيشان قصة غرام ويحاول جاهدا ألا تكتشف خطيبته هذا الأمر لكنه يفشل في التظاهر أمام( ميريل ستريب). هكذا تبدأ القصة في الظهور لأولادهم الذين يفاجئون بالقصة.. وأيضا لانهم مازالوا يعانون من آثار طلاق والدهم ووالدتهم يرفضون أن تتراجع الأم وتعود لزوجها الذي هو أبوهم في الوقت نفسه. وبمرور الأحداث تكتشف ميريل ستريب كما نعلم كلنا أن العلاقات والمشاعر التي تنكسر لا يمكن أن تعود إلي سابق عهدها كما كانت. .. وتبدأ في التفكير أن ما يحدث هو أمر غير منطقي وغير مقبول عاطفيا ونفسيا.. وكأنها تأكدت بعد استمتاعها بخطف زوجها من زوجته الثانية أنه لم يعد الرجل الذي أحبته وتزوجته.. وأن الحب الذي كان لا يمكن اعادته للحياة. والمخرجة نانسي مايرز التي أمتعتنا وأضحكتنا تضع لبطلتها رجلا آخر ربما تبدأ معه الحياة من جديد.. لكنه احتمال تتركه المخرجة غير مؤكد.. لأن الحياة قد لا تسير كما يريد لها البشر أن تسير وفق أهوائهم. أما الفيلم فهو مباراة في الأداء والإخراج بين بطل الفيلم وبطلته.. والحوار الشيق الكوميدي الذي يطلق الضحكات من القلب علي الأفعال المستحيلة التي يفكر فيها الزوج.. وبرغم انني كنت اعتقد أن إليك بلدوين ممثل ثقيل الظل إلا أنه في هذا الفيلم ومع مخرجة محترفة في المشاعر الإنسانية تحول إلي ممثل ساخر. وهكذا هي الحياة تعطيك شيئا وتأخذ أشياء أخري.. وما عليك سوي أن تضحك من نفسك ومن الآخرين.