المرأة المصرية ليست فقط امرأة المدينة.. الطبيبة والمهندسة والموظفة أو المدرسة.. ولكنها أيضا المرأة الريفية والصعيدية بمشاكلها المعقدة وشقائها المتواصل من أجل توفير لقمة العيش ومحاولة إيجاد وسيلة لتجنب أبنائها نفس مصيرها.. لذلك ونحن علي أعتاب عهد سياسي جديد وننتظر انتخابات نيابية ورئاسية نتطلع إلي أن تنهض بمجتمع سحق لسنوات طويلة ورزح تحت وطأة الفقر والإهمال حتي قارب أن يفقد الأمل في غد أفضل, نقدم لكل من فكر أو يفكر في المشاركة السياسية هذه الصفحة التي حرصنا فيها علي استعراض صورة المرأة التي لا يعرفها الكثيرون من أبناء المدن ليضعوها نصب أعينهم وهم يخططون لمستقبل نأمل أن يحمل للجميع كل الخير لم تهتم مروة ابنة الثمانية اعوام بتورم عينها واحمرارها, ولم تحاول الذهاب الي الوحده الصحية البسيطة التي تبعد آكثر من8 كيلو عن موقع منزلها المتواضع ذي السقف المتشقق والحجرات الضيقة التي يكتشف الناظر اليها تواضع دخل اهل البيت, وعلي الرغم من ان تكلفة الكشف في الوحدة الصحية لا يتعدي جنيهات بسيطة الا انها تشفق علي نفسها من صعوبة المشوار ووعورة الطريق والاضطرار لركوب عربة نقل يشحن فيها الراغبون للذهاب الي الوحدة أو أي مشوار اخر خارج قرية كفر حميد, وهي واحدة من أفقر001 قرية مصرية وفقا للتقارير الرسمية من حيث دخول السكان وظروف الحياة, ومرورة رغم هذه الظروف هي الاكثر خطأ من رفيقتيها شيماء واسماء عبدالرءوف واللتين اخرجهما والدهما من التعليم لتعملا في جمع محصول الفاصوليا لتوفير نفقات البيت لأن ما يكسبه من عملة كسريح لم يعد يكفي نفقات الاسرة خاصة بعد أن اصيبت الام بعجز اقعدها عن العمل في نفس المجال. وترك التعليم للعمل واهمال العلاج مع توافره ليس جديدا علي نساء وفتيات الريف, فثلاثية الفقر والجهل والمرض تعكس نفسها داخل كل كفر فقير, حيث لا تعرف النساء اعمارهن واحيانا لا تنادي المرأة الا باسم ابنائها لان من العار أن يعرفها احد باسمها, وخير مثال علي ذلك أم محمد التي لم تنجب ابدا طفلا اسمه محمد لكنها تستحي من ذكر اسمها المذكور في البطاقة الشخصية. ورغم ما في ذلك من تجاهل لآدميتها وابسط حقوقها الا انها لا تبدو مكترثة لهذا. فما يراه الاخرون مشكلة تجده نساء الريف ترفا احيانا فالصورة بالنسبة اليهن ليست دائما علي هذه الدرجة الشديدة من القتامة, فللفقر مزايا عجيبة ترصدها الدكتورة حنان غديري الطبيبة بمستشفي الصحة النفسية, فهو يجعل الانسان صبورا وقادرا علي احتمال ظروف قاسية والانجاز فيها مهما زادت الصعوبات التي يتعرض لها فالفقيرات عادة يكن أكثر مرونة وعملية وقوة شخصية وقدرة علي مقاومة الضغوط والمحن صحيح ان هناك اختلافات فردية لكن تلك هي سماتهم. لكن احيانا يكون للفقر انعكاس سلبي علي شعور المرأة بأنوثتها ودرجة اعتنائها بها مما يعرض الفقيرات لمشكلات اجتماعية زوجية قد تكون لها آثارها علي صحة وسلامة المرأة بسبب ما تخلق من ضغوط وتوترات, لكنة مرونة المرأة الفقيره تجعلها اكثر قدرة علي التكيف واقل عرضة للاضطرابات النفسية. ومن ناحية أخري يعتبر العامل الاقتصادي من مسببات الضغوط النفسية والاجتماعية القاسية علي المرآة المحتاجة والتي لا تعانيها المرأة المرفهة, وتؤكد بعض النظريات العلمية نقص قدرة الفقيرات علي التعامل مع المشكلات بسبب نقص المهارات الحياتية المكتسبة لاهمال التعليم والتثقيف وصعوبة الظروف الحياتية التي تجعلهن اكثر تعرضا للمرض النفسي كما تشير بعض النظريات العلمية ا,لي احتمال تسبب النمط الغذائي للفقراء في مشكلات نفسية لكنها نظرية علمية عاجزة حيث يعتبر العلم الحديث النمط الغذائي المتاح للفقراء هو الافضل صحيا, والأفضل هنا هو تأكيد وجود رابطة بين ظروف النساء, ونوعية الامراض الجسدية والنفسية التي تصيبهن, فبينما نجد النساء المرفهات اكثر عرضه للإكتئاب بسبب نمط الحياة المرفهة بينما تدعم الوراثة غالبا نوعية الامراض المنتشرة بين الفقيرات. في حين يؤكد دكتور علي شوشان ان الاحتياج قد يسبب للمرأة شعورا بالدونية بينما يحملها الثراء الشديد علي الشعور بأفضلية كاذبة, لكن المعيار الأفضل للتقييم هو القيم الفردية وتوافر ظروف الحياة الكريمة في ظروف تحترم آدمية الانسان وتبعد شبح المشكلات النفسية عن النساء الفقر والرفاهية علي السواء. ويشير دكتور رشاد عبداللطيف استاذ تنظيم المجتمع بكلية الخدمة الاجتماعية بجامعة حلوان الي اهمية اجراء دراسات ميدانية اجتماعية واقتصادية ونفسية لنساء كل قرية مصرية علي حدة لتحديد المشكلات وطرق حلها وتحسين فرص وظروف عمل النساء وإتاحة فرص اكبر لهن.. مشيرا إلي عبثية ما يبذل من جهود لتوعية النساء وتحسين ظروفهن في ظل غياب هذه الدراسات وغياب التخصص بين العاملين في مجالات العمل الاجتماعي وواضعي برامج التنمية, ويضيف إن الاحتياج لمشروعات صغيرة داعمة للنساء وملائمة لانتاج وظروف القرية, وتحديد آليات لتسويق المنتجات بمشاركة المؤسسات الاجتماعية يمكن أن يتضمن موارد واعدة للنساء في الريف, بالإضافة إلي اعداد النساء لقبول التنمية وآلياتها المختلفة وعدم الاعتماد كلية علي الاخرين في الانجاز دون تنمية الرغبة الذاتية في تحسين الذات والاخذ بزمام المبادرة. وعموما فسواء كان الفقر سببا للمرض أو نتيجة له فإن الخروج, من دائرتي الفقر والجهل لا يمكن ان يتحقق بدون رغبة المرأة نفسها.