فرض سريان نهر النيل في مصر علي المجتمع ظهور الدولة المركزية وتركز السلطات السياسية والاقتصادية والإدارية في يد الحاكم في العاصمة, وترسخت هذه المركزية من خلال الانشطة التي تقوم بها الدولة في مجال بناء السدود وحفر الترع واستصلاح الأراضي مع فرض الضرائب وتحصيلها وتعيين الموظفين العموميين في جميع مناطق الدولة. وفي مجال الحديث عن اختيار القيادات التنفيذية للإدارة المحلية فقد درجت الحكومة المركزية علي فكرة التعيين بدءا بتعيين المحافظين وانتهاء بتعيين رؤساء القري. ودعمت هذا الاتجاه من خلال النصوص القانونية والتي أشارت الي ان المحافظ يعتبر ممثلا لرئيس الدولة في فترة من الفترات وممثلا للسلطة التنفيذية في الفترة الحالية. بيد أن هذا الأمر قد عكس حالة من عدم الرضا الشعبي عن آلية اختيار المحافظين من خلال التعيين, وذلك علي ضوء أعمال الشغب والعنف التي شهدتها بعض المحافظات مثل قنا والدقهلية والاسكندرية والمنيا وبني سويف. ويمكن الأخذ بفكرة الانتخاب للمحافظين في المحافظات الحضرية التي تشكل اقليم الدولة مثل محافظات القاهرة والاسكندرية وبورسعيد والسويس, حيث تقل في هذه المحافظات الحضرية الانتماءات العصبية والقبلية, الأمر الذي يعني ان انتخاب المحافظ سوف يكون علي ضوء البرنامج الانتخابي الذي يطرحه, وسوف يرتكز الولاء للمحافظ علي العلاقة مع المواطنين والتصدي للمشاكل التي تواجه البيئة المحلية وتكون المحاسبة الجماهيرية من خلال ادوات الرقابة للمجالس الشعبية المحلية المنتخبة. وفي حالة نجاح هذه التجربة يمكن تعميمها علي المحافظات الريفية التي تشكل اقليم الدولة, حيث يتم اختيار المحافظين علي ضوء الخبرات الشخصية والمؤهلات الوظيفية والبرنامج الانتخابي للمرشح, بعيدا عن الانتماءات العصبية.