السفير الأمريكى هو باختصار أهم دبلوماسى أجنبى فى أى دولة من دول العالم حاليا. فقديما كان السفير الأمريكي ونظيره السوفيتى هما أهم دبلوماسيين فى اى دولة من دول العالم ولكن بعد نهاية الحرب الباردة وانهيار الإتحاد السوفيتى انفرد السفير الأمريكى بموقع الصدارة. ومنذ شهر مايو الماضى هناك ترقب فى العاصمة المصرية القاهرة انتظارا لمعرفة توجهات ورؤى السفيرة الأمريكيةالجديدة آن وودز باترسون المرشحة لشغل المنصب الدبلوماسى الهام بعد مغادرة السفيرة الأمريكية الحالية مارجريت سكوبى. وطبقا للمتعارف عليه فإنه وفور ترشيح أى دبلوماسى امريكى لشغل منصب سفير لدى اى دولة او منظمة فى انحاء العالم توجه له الدعوة للإدلاء بشهادته أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ انطلاقا من ان السفير سيمثل شعبه امام الجهة التى سيتم ارساله لها. وخلال الإدلاء بشهادته يحرص السفير على توضيح الأسس التى سيسترشد بها فى عمله والأهداف التى سيسعى لتحقيقها وذلك بالطبع وفق ما تمليه مصالح وطنه قبل أى شئ. وفى يوم 21 يونيو الماضى قدمت السفيرة باترسون بيانا امام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكى حول مهمتها المنتظرة فى القاهرة. ووفق جدول اعمال اللجنة فى ذلك اليوم فقد تم تخصيص جلستين تم تخصيص الأولى منها بالكامل للسفيرة باترسون حتى تتحدث عن مهمتها القادمة فى القاهرة. اما الجلسة الثانية فتم تخصيصها لسفراء امريكا الجدد فى كل من الإمارات العربية والكويت وقطر وكازاخستان. وهو الامر الذى يدل على مدى ما للقاهرة من وزن لدى متخذ القرار والسلطة التشريعية فى واشنطن. السفيرة اشارت الى انها تدرك دقة مهمتها. فوفق ما اشارت اليه فإنها ستعمل فى مهد الحضارة حيث المجتمع الذى قدرت عمره ب5 الاف عام، مؤكده ادراكها لعظمة ثورة يناير المصرية وقوة تأثيرها إقليميا بل وعالميا. ولكنها عادت لتذكر اعضاء مجلس الشيوخ بأن التحولات الديمقراطية صعبة وطويلة مؤكدة توقعاتها بوجود اخفاقات ومفاجآت فى طريق الثورة قبل ان يشق المصريون الطريق الفريد لثورتهم. اما الإستراتيجية (المعلنة) التى ستعمل باترسون وفقها فقد حددتها فى 3 اولويات: الأولى تتمثل فى تشجيع ودعم إجراء إنتخابات حرة ونزيهة، والثانية هى تدعيم الإقتصاد المصرى وخاصة القطاع الخاص بهدف تحقيق الإستقرار الإقتصادى انطلاقا من ان مصلحة واشنطن تملى عليها ان تساهم فى تعافى الإقتصاد المصرى، والثالثة هى التأكد من قيام مصر بدور إيجابى قيادى قوى (من وجهة النظر الامريكية) فى المنطقة مع ضمان استمرارية المصالح المشتركة. ان اهم شئ يجب ان يستحضره ابناء شعب مصر العظيم فى اذهانهم هى مقولة "ماحك جلدك مثل ظفرك"، فالسفيرة الأمريكية باترسون قادمة من باكستان بعد ان قامت بتوجيه العلاقات بين الدولتين لعدة سنوات واسفرت فى النهاية عن نجاح امريكى تمثل فى القضاء على اسامة بن لادن بينما تركت باكستان بأسرها لتواجه مصيرها بعد استفحال الصراعات الداخلية بشقيها السياسى والمسلح الى مستويات تهدد تماسك الدولة وامنها ووحدتها. فعلى كل حزب او كيان سياسى فى مصر ان يضع نصب عينيه حقيقة واحدة، عند التعامل مع الخارج بوجه عام ومع واشنطن على وجه الخصوص، تتمثل فى أن السفارة الأمريكية تخدم واشنطن والبيت الأبيض والكونجرس والبنتاجون أولا وأخيرا، بينما يتحتم على أحزابنا وكياناتنا السياسية المختلفة بغض النظر عن انتمائاتها وتوجهاتها وأهدافها ان تخدم مصر وشعبها العظيم أولا وأخيرا. المزيد من مقالات طارق الشيخ