قضى المتظاهرون ليلة جديدة وسط ميدان التحرير أمس ، وعلى الرغم من إختفاء أصوات الطلقات والأعيرة النارية وكذلك أدخنة وروائح القنابل المسيلة للدموع إلا أنها لم تختلف كثيرا عن الليلة الأولى، فقد كان من الملاحظ إنتشار عدد من مثيرى الشغب وسط المعتصمين والذين قاموا بإفتعال عدد من المشاجرات بين بعضهم البعض، بالإضافة لقيامهم ببعض عمليات سرقة للتليفونات المحمولة الخاصة بالمعتصمين، وهو الأمر الذى أثر بالسلب على معنويات عدد كبير من المعتصمين وفضل بعضهم ترك الميدان على أن يعودوا إليه صباح اليوم ، حيث وصل عددهم مع الساعات الأولى للصباح إلى عدة مئات. وعلى الرغم من ذلك فلم يتملك اليأس ممن استمر منهم والذين أصروا على البقاء بالميدان وقاموا بنصب خمس خيام تمثل عدة حركات سياسية وهى حركة شباب 6 إبريل وحركة شباب من أجل العدالة والتنمية وإتحاد المستقلين من أجل مصر وحركة مستقبل مصر وحركة شباب من أجل التغيير، وقد عانى المعتصمون الأمرين ما بين مقاومة رغباتهم فى النوم وإراحة أجسادهم التى أنهكها تعب يومين متواصلين وبين مقاومات لمحاولات مثيرى الفتن فى الزج بهم فى مشاجرات ومشاحنات.
وعقد ممثلون من الحركات الموجودة بالميدان إجتماعا فجر اليوم إتفقوا خلاله على إستمرار إعتصامهم بالميدان حتى يوم 8 يوليو وتشكيل لجان لتنظيم الدخول إلى الميدان لحمايتهم من تسلل البلطجية بين صفوفهم. ولاحظ مندوبو "الأهرام" إنتشار عدد من الشباب الخارج على القانون من الحين إلى الأخر يقومون بإفتعال المشاجرات ونشر الشائعات منذ بداية ليلة أمس حتى الصباح، وأنهم كانوا يهدفون إلى لفت أنظار قائدى السيارات المارة بالميدان فعمدوا إلى إشهار الأسلحة البيضاء وأعناق الزجاجات المهشمة وهم يرددون " إحنا شباب الثورة" وذلك بهدف تشويه صورة المعتصمين لدى الرأى العام ودفعهم من ناحية أخرى للإحتكاك بهم إلا أن جميع محاولاتهم باءت بالفشل. وكان من أكثر المشاهد المثيرة للإنتباه هو خلو الميدان من أية عناصر تابعة للقوات المسلحة أو الشرطة داخل الميدان وجميع الشوارع المؤدية اليه بإستثناء شارع وزارة الداخلية الذى إنتشرت به قوات الجيش حيث تم إغلاق الشارع بعدة كردونات لتأمين مبنى الوزارة. وعن الترتيبات لجمعة الغد أكد محمد كمال القيادى بحركة شباب 6 أبريل أنه تم حشد أكبر عدد ممكن للمشاركة فى الإعتصام المفتوح بداية من اليوم بمشاركة كاملة للحركة، حتى تتحقق جميع المطالب التى قامت من أجلها ثورة 25 يناير، محذرا من تكرار تسلل العناصر الإجرامية المأجورة داخل صفوف شباب الثورة المسالم بهدف إيجاد المبرر لقوات الأمن لقمع شباب الثورة والتعامل معهم بوحشية وعنف، وهو نفس السيناريو الذى حدث منذ يومين خلال أحداث مسرح البالون وما أعقبها من أحداث بميدان التحرير. ومن جانبه أشار الدكتور عامر التونى مؤسس المولوية المصرية (إحدى الطرق الصوفية) إلى أن البلطجية الذين توجهوا لمسرح البالون للإعتداء على أسر الشهداء قد عجلوا من الإعتصام بميدان التحرير، واصفا التعامل الأمنى معهم بالغباء الشديد والشراسة المفرطة بهدف الإنتقام من الثوار، ودعا باقى أصحاب الطرق الصوفية إلى الإنضمام للثوار بميدان التحرير بدلا من الإحتفال بالموالد. وبلهجة حادة إستنكر المعتصمون إستخدام بعض وسائل الإعلام للفظ "البلطجية" ونعتهم بها، مؤكدين أنهم قاموا بحماية عدد كبير من المحلات التجارية من عمليات السلب والنهب وأن رجال الشرطة كانوا يتعمدون إتلافها برشقها بالحجارة وإلقاء القنابل المسيلة للدموع على واجهاتها، مؤكدين إستخدام الذخائر الحية ضدهم حيث عثروا على فوارغ لطلقات بنادق ألية بشارع الشيخ ريحان بجوار الجامعة الأمريكية. كما رفضوا وصف وسائل الإعلام لقائدى الدراجات البخارية بالبلطجية لدرجة ان بعضها وصف ما يحدث ب"موقعة الدراجات البخارية" على غرار "موقعة الجمل"، وأكدوا أن تلك الدراجات كانت من أهم وسائلهم لنقل المصابين للعلاج حيث ان سيارات الإسعاف كانت ترابض على مسافات بعيدة جدا من الميدان فكان قائدو تلك الدراجات يقومون بحمل المصابين وإيصالهم لسيارات الإسعاف، والتى كانت فى معظم الأحيان ينقصها بعض المستلزمات الطبية الأساسية مثل خيوط الجراحة مما كان يستلزم اعادتهم من جديد للمستشفى الميدانى.
حالة وفاة و5 الاف مصاب وداخل المستشفى الميدانى الذى أقيم بأحد الممرات المؤدية للميدان فجر أمير عبدالمجيد - أحد المتطوعين فى إسعاف ونقل المصابين – أن عدد المصابين الحقيقى يقرب من 5000 مصاب، حيث تم نقل 1420 منهم إلى سيارات الإسعاف بينما تم علاج الباقون داخل المستشفى الميدانى بالإضافة إلى أعداد أخرى من المصابين رفضوا نقلهم لسيارات الإسعاف خشية إعتقالهم، بالإضافة لحالة وفاة لشاب يبلغ من العمر حوالى 28 عاما جاء إلى المستشفى الميدانى مصابا بثقب فى الوجه نتيجة إصابته بقنبلة مسيلة للدموع وتلك الحالة لم يتم الإعلان عنها من قبل وزارة الصحة. وكان عدد من المصابين لازالوا يتلقون علاجهم داخل المستشفى الميدانى الذى يشرف عليه الدكتور أشرف الصاوى وتضم فريق عمل مكون من حوالى 30متطوعا ما بين أطباء ومسعفين، فى الوقت الذى تبرع فيه عدد من المعتصمين بمستلزمات الإسعافات الأولية فى مشهد أعاد للأذهان الإعتداءات التى تعرض لها المعتصمون فيما سمى إعلاميا بموقعة الجمل، حيث تم إقامة المستشفى الميدانى فى أعقابها مباشرة فى نفس المكان.