رئيس جامعة الأقصر تترأس اجتماع مجلس إدارة مركز الاستدامة الخضراء    أبناء الجالية المصرية بالسعودية يحتفلون بذكرى نصر أكتوبر المجيد    النائب هاني خضر معارضا حذف بطاقة التموين بسبب الكهرباء: ليست ذلة على المواطن    سعر الجنيه الذهب اليوم الإثنين 7 أكتوبر بالتعاملات المسائية    اختراق وزارة الأمن القومي الإسرائيلي وإعلان الاستحواذ على بيانات مهمة    أحمد موسى للمقاومة الفلسطينية: أين تحقيق الانتصار وغزة مدمرة؟ كفاية كذب    سلطنة عُمان بدعوة ماكرون لوقف تسليم الأسلحة للاحتلال الإسرائيلي    ديفيد لامي: نبذل جهودًا كبيرة لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان    تعليق ناري من عمرو أديب على تألق مرموش في ألمانيا (فيديو)    76 ركلة ترجيح في مباراة الزمالك وسموحة بكأس مصر    ننشر أقوال مصور فيديو واقعة سحر مؤمن زكريا| خاص    مصرع طالبة دهسا أسفل عجلات القطار الروسي حال عبورها المزلقان بسوهاج    ضبط راكبة بمطار القاهرة بحوزتها مبالغ مالية وعملات أجنبية    قرار هام بشأن طبيبين تسببا في وفاة سيدة خلال عملية جراحية بكرداسة    أول تعليق من نشوى مصطفى بعد خروجها من المستشفى    معز علي يطرح أغنية "يملى العين" بتوقيع المخرجة بتول عرفة    بايرن ميونخ يرصد 25 مليون يورو راتبا لحسم ملف تجديد جمال موسيالا حتى 2030    صحة غزة: 12000مريض سرطان بلا علاج.. و700 ألف طفل بدون غذاء    سعر الدولار واليورو أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية اليوم الثلاثاء 8 اكتوبر 2024    تباين سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الثلاثاء 8 أكتوبر 2024    أمير توفيق: سأتقدم ببلاغ للنائب العام ضد قندوسي وكل من تجاوز في حقي    الزمالك: عبد الله السعيد ظاهرة لن تتكرر.. ونتمنى الاستمرار فى حصد البطولات    شباب بلوزداد: الأهلى له باع طويل فى أفريقيا ومواجهته تتسم بالحماس    هانى العجيزى: ما حدث اليوم لقاء سموحة 2005 والزمالك لم أشاهده فى حياتى    ميكالي يسابق الزمن.. تدريبات صباحية ومسائية لمنتخب مصر للشباب    الأهلي يحدد سعر بيع أحمد قندوسي.. محمد فاروق يكشف التفاصيل    شاهد جمال الممشى السياحي بكورنيش بنى سويف ليلاً    قطع التيار الكهربائي عن مدينة طور سيناء اليوم لنقل محولات    حياة كريمة: نوفر اللحوم الطازجة ب310 والمجمدة ب180 جنيها عبر 100 منفذ    عيار 21 الآن بالمصنعية.. أسعار اليوم الثلاثاء 8 أكتوبر 2024 «بيع شراء» بعد الانخفاض الجديد    هجمة صيفية مفاجئة.. بيان مهم بشأن الطقس اليوم الثلاثاء 8 أكتوبر 2024    أوسيمين آخر.. نابولى يخطط لتجديد عقد كفاراتسخيليا فى الأجندة الدولية    ترتيب الدوري الإيطالي بعد نهاية الجولة السابعة.. نابولي يتصدر    إيمان العاصى: جمهور بنتى أكتر منى.. وريتاج: مفكرتش أمثل.. وأمى بتحرق الرز    عمرو خليل: فلسطين هي قضية العرب الأولى منذ عام 1948.. فيديو    الاحتلال يطالب بإخلاء المبانى فى منطقة الكفاءات وشارع أبي طالب جنوبى لبنان    تنسيقية شباب الأحزاب: الرعاية الصحية ركيزة قادرة على دعم الحياة الكريمة    وصفة صحية ومفيدة في نزلات البرد.. تعرقي على طريقة شوربة الخضار    هنا الزاهد وسلمى أبوضيف وإنجي كيوان تجتمعن في أبو ظبي .. ما القصة؟    الغموض والإثارة يسيطران على برومو "عنها" ل أحمد مالك    هل يجوز تبادل الذهب بالذهب؟ أمين الفتوى يجيب    خالد الجندي: الأزهر دائماً يدعم السلام المبني على القوة    شروع في ذبح شخص يشعل مشاجرة بعين شمس    محمود شاهين عن جدل حفل زفافه: محدش يعرف علاقتي بربنا إيه    بالأسماء.. حركة تغييرات وتجديدات بين قيادات الصحة في كفر الشيخ    بالفيديو.. أحدث ظهور ل جوري بكر مع ابنها في بورسعيد    قدمت ابنتها لراغبي المتعة.. جنايات القاهرة تودع حيثيات حكمها المشدد على شريكة سفاح التجمع    مدير صحة القليوبية يتابع العمل بالوحدات الصحية: إحالة المقصرين للتحقيق    بالزي الفرعوني.. استقبال مميز للطلبة في كلية الآثار بجامعة دمياط    5 مرشحين في أول أيام التقدم لانتخابات "الصحفيين" بالإسكندرية    وزير الصحة أمام مجلس النواب: تكليف من الرئيس السيسى بالتوسع في المدن الطبية المتكاملة    الأزهر للفتوى: الإنفاق في الخير لا يشمل المال بل النية والعاطفة    «النواب» يوافق على زيادة حصة مصر في صندوق النقد الدولي    «الرعاية الصحية» تعلن نجاح جراحتين لزراعة القوقعة في مجمع الإسماعيلية الطبي    رابط الاستعلام عن نتيجة مسابقة شغل وظائف معلم مساعد 2024    مرشح "الأوقاف" في مسابقة ماليزيا للقرآن الكريم يُبهر المشاركين والمحكمين    انتشال جثة طفل غرق في ترعة النوبارية بالبحيرة    الدكتور حسام موافي ينتقد الإسراف في حفلات الزفاف: "ستُسألون عن النعيم"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رؤية لمستقبل مصر

طالعت بدقة تعليقات القراء علي مقالي الماضي عن الجذور التاريخية للسلطوية العربية‏,‏ وبعض هذه التعليقات تضمن تحليلات قيمة عن طبيعة السلطة المطلقة‏.‏ غير أن أحد القراء طلب مني ألا أغوص في الماضي لأنه معروف لمن عايشوه‏,‏ وتمني أن أعالج موضوع مستقبل مصر‏.‏ والواقع أنني في عرضي لجذور للسلطوية المصرية كنت أهدف إلي أن نستخلص العبرة من كل مرحلة تاريخية مررنا بها منذ ثورة يوليو1952 حتي قبل ثورة يناير.2011 في المرحلة الناصرية التي ركزت علي العدالة الاجتماعية ولم تلق بالا لأهمية التطور الديمقراطي, أثبتت الخبرة أنه لا يمكن للمجتمع المصري أن يطير بجناح واحد. أما في المرحلة الساداتية التي شهدت تجربة التعددية السياسية المقيدة في الوقت الذي أدت سياسات الانفتاح الرأسمالي العشوائي إلي إفقار جماهير الشعب, فقد أشارت إلي خطورة القناعة بالممارسة الديمقراطية أيا كانت صورتها في الوقت الذي يتم فيه تجاهل بعد العدالة الاجتماعية. ونصل أخيرا إلي عهد الرئيس السابق حسني مبارك والذي استمر ثلاثة عقود كاملة, فقد شهد قمع الحريات السياسية من ناحية, وتوزيع الفقر علي مختلف الطبقات, ماعدا القلة من رجال الأعمال الفاسدين الذين تحالفوا مع النظام السياسي علي نهب مصر, في سياق من الفساد المعمم الذي لم تشهده مصر في تاريخها. وقد سبق أن أكدنا أن ثورة25 يناير لم تقم فجأة, وإنما هي نتيجة تراكمات متعددة, أبرزها علي وجه الإطلاق بالإضافة إلي الاحتجاجات الجماهيرية النقد الاجتماعي الملتزم الذي مارسه عديد من المثقفين المصريين عبر مقالاتهم الصحفية وكتبهم التي نشروها, والتي تضمنت نقدا عنيفا للسياسات السائدة في نظام الرئيس السابق مبارك. وقد كنت أحد هؤلاء المثقفين, فقد انتهزت فرصة الدعوة التي وجهتها لي جريدة الأهرام المسائي وهي جريدة قومية, وقررت أن أخصص كل مقالاتي فيها لممارسة النقد الاجتماعي الجذري للسياسات المنحرفة السائدة. وقد قررت مؤخرا جمع هذه المقالات التي نشرت ابتداء من شهر يناير2009 حتي شهر ديسمبر2010 في كتاب صدر مؤخرا عن دار نهضة مصر بعنوان ما قبل الثورة: مصر بين الأزمة والنهضة, نقد اجتماعي ورؤية مستقبلية. وقد قصدت أن يكون هذا الكتاب بمقالاته المتنوعة والتي عالجت في أقسام متتالية موضوعات قواعد المنهج في التغيير الاجتماعي الشامل, وأبعاد الأزمة الاجتماعية, ونقد ثقافي وأجندة المستقبل, شاهدا علي قيام أحد الباحثين العلميين المصريين بالنقد الاجتماعي المسئول للسياسات القائمة, وهو النقد الذي لا يكتفي بإظهار السلبيات وإنما يعطيها التكييف الصحيح, ليس ذلك فقط وإنما يتجاوز ذلك باقتراح البدائل الممكنة لما هو موجود. كتبت هذه المقالات جميعا في عز سطوة النظام السابق, ووجدتني في نهايتها أخصص مجموعة مقالات بعنوان أجندة للمستقبل, تحدثت فيها عن أربع أجندات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية. وأرجو أن يلتفت القارئ الكريم إلي أن هذه المقالات كتبت ولم يكن في ذهني أو في ذهن أي باحث أو مثقف أو ناشط مصري, أن ثورة بحجم ثورة25 يناير2011 يمكن أن تحدث. كنا بصراحة نتوقع انفجارا اجتماعيا فوضويا أو ثورة جياع تشعلها جماهير العشوائيات التي تحيط بالقاهرة, إلا أن الثورة التي أشعلها الشباب الثائر الذي سيطر علي ميدان التحرير, ورفع الصوت عاليا طلبا للحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية, سرعان ما التحمت بها جموع الشعب المصري من كل الطبقات الاجتماعية والاتجاهات السياسية. وحين أتأمل اليوم ما كتبته بعنوان أجندة سياسية للمستقبل بتاريخ26 نوفمبر2009 أجدني أتمني أن تكون انتخابات مجلس الشعب الذي دار حولها الجدل الحاد ممثلة فعلا لكل الأحزاب السياسية. ونقدت الحزب الوطني الديمقراطي نقدا مباشرا حين قررت بالنص وذلك لأن الحزب يمكن أن يمارس- كما حدث فعلا دكتاتورية الأغلبية, بتمرير قوانين وتشريعات لم تنل حقها من المناقشة النقدية التي تقوم بها عادة أحزاب المعارضة وأضفت ولذلك فوجود عدد كبير من أحزاب المعارضة في تشكيلة المجلس الجديد سيعطي دفعة قوية للممارسة الديمقراطية في مصر, بل إننا نعتبر ذلك لو تحقق- أول خطوة حاسمة في مجال تطوير الممارسة الديمقراطية, والخلاص من الإرث الثقيل للسلطوية التي عشنا في ظلها سنين طوالا. وقلنا أيضا أننا نريد معركة شفافة ونزيهة لأن من شأن ذلك أن يفتح الطريق أمام تعديلات دستورية قادمة تمهد لتداول السلطة لأن هذا التداول هو العنوان الأصيل للديمقراطية الحقة. غير أنه أهم من هذه الانتقادات أننا التفتنا إلي أهمية تعديل الدستور والذي أصبح ضرورة ملحة, بعد أن تغيرت بنية المجتمع المصري سياسيا واقتصاديا واجتماعيا. وطالبنا بضرورة إلغاء النصوص التي تتعلق بتمثيل الفلاحين والعمال في مختلف المجالس بنسبة50%, لأن هذه النصوص منذ تضمينها الدستور في العصر الناصري, يتم التلاعب بها عن طريق ما يسمي تغيير الصفة, فلا العامل عامل ولا الفلاح فلاح! وقررنا أننا نريد أعضاء في المجالس النيابية متعلمين ومؤهلين وقادرين علي مناقشة التشريعات, لأن مجلس الشعب أساسا مجلس للتشريع, بالإضافة إلي وظيفته الرقابية, وأضفنا أنه لابد من تغيير المادة76 الخاصة بترشيح المستقلين للانتخابات الرئاسية, لأن الشروط المتضمنة فيها تعجيزية في الواقع, والغرض من التعديل هو تيسير هذه الشروط, مع ضمان أن المرشح المستقل شخصية عامة جديرة بهذا الترشيح. ومن ناحية أخري قلنا لابد من تعديل المادة77 لفتح الطريق أمام تداول السلطة, بتحديد مدة رئاسة الجمهورية في مدتين فقط, فهذا هو الطريق أمام الإصلاح الحقيقي. واستخلصنا مبدأ مهما هو أهمية تنقية المناخ السياسي من كل الحدود والقيود التي تمنع أو تحد من الممارسة الديمقراطية الحقيقية وفي هذا المجال هناك أسبقية لإلغاء حالة الطوارئ وإصدار القانون الخاص بالإرهاب. وأضفنا إلي ذلك أنه بالرغم من التحول الإيديولوجي الذي تم في بلادنا من الاشتراكية إلي الرأسمالية, فإنه ينبغي النص في الدستور الجديد المقترح علي الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمواطنين. كانت هذه هي مفردات رؤيتنا لأهمية تعديل الدستور, وفقا للمقترحات التي قدمناها والتي كانت في الواقع تعبيرا عن رغبات شعبية عامة. سجلنا هذه الرؤية في مقالنا الذي نشر في30 أكتوبر2009, ولم يكن في تخيلنا أن النظام السابق سيقوم بأكبر عملية تزوير انتخابية في التاريخ المصري الحديث, حين أقصي كل نواب المعارضة بالكامل, وأسقطهم في الانتخابات زورا وبهتانا, واستأثر بكل مقاعد مجلس الشعب في عملية تزوير فاضحة, لا شك أنها دقت المسمار الأخير في نعش النظام السابق. كان هذا في الماضي القريب, وها هي ثورة25 يناير2011 أشرقت شمسها وبسطت ضياءها علي الكون, فكيف يكون الدستور الجديد؟ بعبارة أخري ما هي المبادئ الرئيسية التي نريد تضمينها هذا الدستور الذي ينبغي أن يعبر عن أهداف الثورة, ويضع كل إمكانيات الدولة في خدمة جماهير المواطنين في إطار من العدل والمساواة؟ سؤال جوهري الإجابة عليه أهم بكثير من التساؤل عن الدستور أولا أو الانتخابات في البداية!
المزيد من مقالات السيد يسين

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.