كانت الساعة الحادية عشرة صباحا عندما دخل المهندس شريف حامد مكتبي وهو في حالة ثائرة جدا, وهو يقول إن الوضع الحالي لابد أن ينتهي ولايجب ألا يستمر أين الشرطة؟ واين أجهزة الأمن ؟ متي تقضي الثورة علي امبرطورية البلطجة ؟ . وانا أحاول تهدئته لأفهم أكثر قال لي المهندس شريف لقد تعرضت لثلاثة مواقف لا يمكن لأي مواطن شريف أمين علي وطنه أن يقبلها, منذ ايام كانت هناك مشاجرة في شبرا استخدمت فيها الأسلحة البيضاء والسنج والأسلحة النارية بين مجموعتين من الشباب وابلغنا الشرطة ولكنها لم تستطع التوصل لشئ وذاب الشباب بعدأن اثاروا الفزع والخوف في قلوب أطفال ونساء أهالي المنطقة. ومنذ أسبوعين وانا في منطقة مصر الجديدة. صار شاب بسيارته في عكس الاتجاه وعندما حاول منعه عسكري المرور انهال الشاب عليه بالشتائم والضرب ولولا تدخل بعض المارة لفتك به وهذه ليست الحادثة الوحيدة فسائقو الميكروباص يذيقون رجال المرور الأمرين بالتجاوزات جهارا نهارا ولا يستطيع أحد منعهم فمنذ أيام في ميدان التحرير المكان الذي شهد انقي الثورات في تاريخ مصر كاد أحد البلطجية من سائقي الميكروباص أن يفتك برجال الشرطة الذين احتاروا في التعامل معه, ولولا تدافع عشرات المواطنين الشرفاء المخلصين وتصديهم للبلطجي لفتك بهم, البلطجة الآن اصبحت حزبا ومهنة وامبرطورية الآن صاروا سيفا يطارد رقاب المواطنيين قبل رجال البوليس, المواطنون وهم يطيبون خاطر رجال الشرطة المخلصين قالوا نحن معكم وهنرجع تاني اللجان الشعبية مع رجال الشرطة لحماية الوطن وحمايتنا جميعا اليوم حضرت لجريدة الأهرام لتتبني هذه الفكرة عودة اللجان الشعبية لحمايتنا من البلطجة, الشعب يريد عودة اللجان الشعبية, هذه الفكرة الملحة طرحناها للنقاش علي أمل أن تتحول إلي واقع في هذا التحقيق. في البداية يقول الدكتور رفعت سيد أحمد الكاتب والباحث في الحركات السياسية فكرة اشراك الناس في حماية أنفسهم في حد ذاتها فكرة نبيلة وتشكيل لجان شعبية فكرة في إطارها العام مقبولة ولابد أن يحكمها وينظمها استراتيجية أمنية لأن اللجان الشعبية تحولت إلي شكل من اشكال البلطجة بعد الثورة, واعتقد أن وضع الفكرة تحت دراسة امنية متخصصة واجتماعية يشارك فيها خبراء قانونيون وخبراء من المجتمع المدني, تدرس سلبيات وايجابيات التجربة السابقة وبناء علي تقييمها توضع رؤية أمنية شاملة. ويلفت الدكتور رفعت الانتباه إلي أن هذه الحلول مؤقتة لأنه لا يوجد بديل عن جهاز الشرطة في أي مجتمع متحضر ولكن السلبيات التي وقعت فيها الشرطة خلال أحداث يناير وتحولها إلي حالة غير قادرة علي الفعل أحدث الخلل الذي يعاني منه المجتمع الآن وعلاجه يحتاج إلي وقت بالإضافة إلي إعادة النظر في دور جهاز الشرطة نفسه نحن نحتاج إلي دراسة امنية محايدة بمشاركة المجتمع المدني والمجالس الشعبية الحقيقية التي تعبر عن المواطنين. ويتفق اللواء دكتور عادل سليمان مدير المركز الدولي للدراسات المستقبلية والاستراتيجية في وجهة النظر هذه ويقول نحن لدينا تجربة سابقة أثناء الثورة ظللنا فيها بلا عناصر امنية وكانت تجربة مهمة جدا وكانت فكرة اللجان الشعبية جيدة وجدا ولكن ظهرت بعض السلبيات حيث استغلت بعض العناصر المنحرفة واساءوا استخدام المواقع المتواجدين فيها. ولكن الفكرة نفسها اذا نظمت علي مستوي الأحياء والأقسام والمناطق وحدث نوع من التنسيق والإعلان والتنويه عن هذه اللجان أضافة إلي اختيار عناصر من الشباب الواعي والمثقف لدوره في التصدي لأي نوع من انواع الشغب أو البلطجة وأعتقد أن يكون لهم شارة مميزة ويعلن عنهم وعن اماكن تواجدهم وواجباتهم بدقة حتي لا يستغل البعض هذه اللجان ويندس فيها البلطجية ويشوهوا الهدف منها ويقوم بعمل لجان خاصة قد يندس فيها البلطجة ولكن قد يحتاجون إلي تدريب بسيط وتلقين من جهاز الشرطة وطريقة الإبلاغ السريع عن أي تجاوزات وخاصة أنه ستتوافر فيها المصداقية وبالتالي لن تشتت جهود الشرطة وسوف تكون حافزا لهم وستسهم بالفعل في إعادة قدر كبير من الأمن المفقود بالشارع. ويري سليمان أن المشكلة لها وجه آخر ليست لها علاقة بقدرة رجال الشرطة علي توفير الأمن للمواطنين ولا تتعلق بنقص امكانات جهاز الشرطة من الأفراد أو المعدات بل لديه زيادة عن المطلوب والحرس الجامعي المنحل فقط يمثل جهازا شرطيا كبير جدا إذا تم توظيفه بصورة صحيحة فلدينا حرس جامعي منحل من(17) جامعة علي مستوي مصر لكل كلية حرس خاص علي الأقل كان لدينا الف شرطي وعنصر أمن في كل جامعة يمكن ان يشكل جهازا بمفرده, المشكلة الحقيقة في إعادة هيكلة جهاز الشرطة وتصحيح مفاهيمه وممارساته لأن بعض عناصر الشرطة ارتكبت جريمة في حق شعب مصر وأخطر هذه الجرائم عسكرة الشرطة فالبوليس في كل بلدان العالم شرطة مدنية لابد من محاسبة المخطئين من جهاز الشرطة وعزل الباقي عنهم حتي لا يحدث خلط بين رجال الشرطة المخلصين لهذا الوطن عن غيرهم. ويؤكد سليمان أن فكرة اللجان الشعبية يمكن تطبيقها وتنظيمها والتنسيق بينها وبين اجهزة ألأمن نظرا لأننا نفتقد المؤسسات القادرة علي افراز نماذج من الشباب المثقف الواعي مثل المجلس القومي للشباب والمجالس الشعبية اللذين كان يجب أن يقوما بهذا الدور ولكنهما للأسف لا يعبران عن الشعب وكان يجب أن يكون لهم دور في هذه المرحلةفي تاريخ مصر. ويقول الدكتور نبيل حلمي استاذ القانون الدولي لا شك أن هناك جزءا من الفراغ الأمني يشعر به المواطن ولكي يتم ملء هذا الفراغ الأمني ولكي يتحقق الأمن والسلام للمواطن المصري لابد من التنسيق بين الشرطة والقوات المسلحة خاصة أن لدينا تجربة شعبية ناجحة أثناء ثورة25 يناير يجب دراسة ايجابياتها وسلبياتها وبناء عليها توضع رؤية شاملة, واتصور أن احد اسباب الفراغ الأمني هو التدهور الاقتصادي الذي تمر به مصر حاليا واثر ذلك بالتالي علي مجالات عديده من أبرزها السياحة التي تسهم بنسبة كبيرة في الدخل القومي واري أن الحل يجب ألا يكون في مبادرات فردية بل لابد من التنسيق مع جهاز الشرطة وحصر الأماكن التي لا يتوافر فيها أمن كافي لكي تملأ الجبهات ويكون عناصرها من شباب كل منطقة ولابد من توافر شروط من بينها حسن السير والسلوك وعدم وجود سوابق لهم ومتابعتهم تحت اشراف أجهزة الامن وبدون هذه العناصر قد تتحول اللجان الشعبية إلي نوع من البلطجة, واضاف نبيل ان جهاز الشرطة يمكن أن يتولي تدريب عناصر اللجان الشعبية للقيام بوظائفها في الشارع ولابد أيضا من إستعادة الثقة في رجال الشرطة وهذا الفكرة جديرة بالدراسة والتحقيق. ويؤيد اللواء سعد الجمال مساعد وزير الداخلية ومدير أمن قنا الأسبق تطبيق الفكرة ولكن بضوابط خاصة أنها سلاح ذو حدين والتخوف من أن يكون هناك أشخاص ليسوا علي قدر المسئولية, واذا اسئ استخدام دور اللجان الشعبية أو اختيار عناصرها الذين يجب أن يتسموا بدرجة عالية من الوعي والثقافة والقانون, ويؤكد الجمال أن الشرطة قادرة علي القيام بدورها في حفظ الأمن ولكنها بحاجة إلي تعاون المواطن معها فالمناطق السياحية والأثرية التي يجوب بها السياح لأبد أن يكون الناس علي درجة كبيرة من الوعي وتأمين وطنه, نحن نمر بمرحلة أخطر من الإرهاب وهناك متمردون علي القانون والشرعية يرتكبون أي شئ ويسعون إلي نشر الفوضي ولا يضعون للإستقرارمكانا. لا شك أن الشرطة في حاجة إلي كل مواطن مصري يعي أن الأمن ليس أمن الحكومة أو النظام إنما هو امن المواطن المصري, وعلي كل مواطن أن يقوم بدوره في تحقيق الأمن لوطنه فكل مواطن أمين وغيور علي وطنه عندما يعلم أو يصل إليه معلومات عن مسجل خطر أو هارب من السجن أو اي معلومه تؤثر علي أمن المواطن أن يبادر ويخطر أجهزة الأمن بالمعلومة بسرعة ويجب أن يعي المواطن بحجم المسئولية وأهمية الأمن وتطبيق القانون وعليه أن يبث هذه الروح في المجتمع الذي يعيش فيه, فالأمن في حاجة لكل مواطن مصري.