حدثتنى الكاتبة المبدعة استاذة الجيل سناء البيسى عن ظروف حوار أجرته مع وزير الداخلية السابق عبد الحليم موسى وأنه أثناء تواجدها في مكتبه بوزارة الداخلية دخل الكثير من كبار الرتب بالوزارة لمناقشة بعض الأمور العاجلة كما تلقي الوزير ايضا مكالمات عديدة مما جعل الوقت يتأخر وتقترب عقارب الساعة من منتصف الليل وبدا القلق يساور الأستاذة سناء البيسى مما جعلها تنقل هذا الشعور للواء عبد الحليم موسى والذى أجابها بأعصاب هادئة : "ماتخافيش انتي في أكثر مكان فى مصر أمانا .. وزارة الداخلية" ، تذكرت هذه المقولة وأنا أقرأ خبر حريق وزارة الداخلية والذى وقع منذ عدة أيام وسألت نفسى اذا كان هذا حال أكثر المناطق امانا في مصر فما حال المناطق الأخرى .. وكررت سؤال يطرح على لسان شعب مصر بالكامل اين جهاز الشرطة؟ . اننا نرى في ساعات النهار بعض افراد من عساكر وأمناء يقومون بتنظيم المرور ولكن بطريقة لامبالاة بحيث لو توقفت سيارتك أو عبرت فمفيش مشكلة , الأمر ينطبق ايضا علي مملكة سائقى الميكروباص والتي أحتلت أكبر الميادين دون أي خوف أو ردع من افراد الشرطة .. اما الضباط فقد أختفوا تماما إلا من عدد قليل يمكن عده على أصابع اليد وليس له علاقة بأى شيء سوي انه يجلس بعيدا ويتكلم في المحمول لحين انتهاء فتره عمله. منذ عدة أيام حدثت مشاجرة بين طلاب مدرستين متجاورتين لمنزلى أسفرت عن تهشيم زجاج سيارتي وأثناء معاينتى للسيارة استنجدت بالشرطة التى جاءت لفض المشاجرة قبل أن تتطور فوجدت أحدهم يقول لي أننى غلطان لأن أترك سيارتى فى الشارع وأنه يدفع كل شهر من دم قلبه لوضع سيارته في جراج خاص وان هذه أفضل طريقة للحفاظ عليها .. أما الآخر فأقسم ان سيارته تعرضت لتصادم فقرر أن يؤثر السلامة والا ينزل أصلا من سيارته خشية أن يتعرض لبطش صاحب السيارة المخطئة فالشارع المصرى محتقن جدا من ضباط الشرطة. الخوف واللامبالاة أصبحت سمات سائدة في رجال الشرطة ، الكثيرون يعتبرون أن ما حدث كان مؤامرة مقصودة ضد الشعب ، الهدف منها حسب هؤلاء هو إلهاء الشعب كي ينشغلوا بأمنهم الشخصي وتأمين عائلاتهم وممتلكاتهم ، وآخرون يرون أن ما حدث ناتج عن خوف أفراد الشرطة من التعرض لغضب المعتصمين، خاصة أن تجاوزات الشرطة كانت أحد الأسباب الرئيسية لهذه الثورة الشعبية. كما أن مراكز الشرطة كانت بالفعل هدفا للكثير من المتظاهرين والغاضبين حيث يندر أن ترى أحد هذه المراكز قد نجا من الهجمات التي تراوحت بين الإحراق والإتلاف. وهناك من يتحدث عن غياب أمني واضح في الأحياء الشعبية خصوصاً في المساء.. وأن كل المواطنين يخشون الخروج من بيوتهم ليلاً وسط ما يشاع عن سيطرة البلطجية علي هذه الشوارع والأزقة.. وان هؤلاء اصبحوا اباطرة هذه الأحياء.. الكلمة كلمتهم.. وبعضهم يتحدث عن تحديه للشرطة ورجالها ان تنزل الي هذه المناطق ليلاً.. والبعض يتحدث عن تجار المخدرات الذين يسيطرون علي مناطق بالكامل، ولن نقول إن الشرطة لم تدخل شوارع بكاملها لأنها اصبحت تحت سيطرة وادارة هؤلاء التجار وما يحملون من سنج وسيوف وسلاسل.. واسلحة نارية.. أن جهاز الشرطة مثله مثل عديد من أجهزة الدولة كان مليء بالفساد والمفسدين ولكن هل معني ذلك أن يتوقف الجهاز عن تحقيق مهامه فهل فساد وزير الاسكان يترتب عليه غلق وزارة الاسكان . غالبية الشعب احتكت بهذا الجهاز وتعاملت معه فهناك ايضا رجال محترمون يؤدون دورهم بأمانة ونزاهة بل يضعون ارواحهم فداء لمصر وشعبها .. فالشرطة ليست أقسام البوليس فقط بل هي شرطة لمكافحة المخدرات والقضاء علي من يجلبونها وذلك يعرض ابناء هذا الجهاز للموت المحقق مثلهم مثل شرطة مكافحة البطلجة ومكافحة جرائم السرقة والمرور والسياحة وغيرها للحفاظ على أرواحنا وممتلكاتنا .. متي تعود الشرطة المصرية للقيام بدورها الطبيعي.. خصوصاً وان القوات المسلحة مهما كانت الأكثر تنظيماً والأفضل تسليحاً والأحسن انضباطاً لا يمكن ان تؤدي دور الشرطة في المدن والقري.. في الشوارع والأزقة. آن الآوان لرجوع جهاز الشرطة بهيبته فى الشارع المصرى خصوصا اننا نري تعامل جديد من أفراد الشرطة يسوده الأحترام والمودة تجاه المواطن الصالح . لقد قامت وزارة الداخلية بتغيير شعار "الشرطة والشعب فى خدمة الوطن" الى الشعار القديم "الشرطة فى خدمة الشعب" فهل يتغير شعار" أبحث مع الشرطة" الى شعار"ابحث عن الشرطة".