متي يهدأ الثائر الحق؟ إن كان الجميع يتفقون علي صدق مقولة الشيخ الشعراوي يرحمه الله, التي يري فيها أن الثائر الحق لا يمكن أن يظل ثائرا إلي الأبد, وأن مسئوليته كثائر تلزمه أن ينهي ثورته متي استجاب المجتمع لمطلبه العادل في التغيير, ورأي مباديء ثورته وقد أصبحت جزءا من إلتزامات وفكر النظام العام الجديد, يصبح من واجبنا كمصريين أن نسأل أنفسنا, لماذا لم يهدأ بعد جزء غير قليل من ثوار25 يناير, يمثلون في الأغلب شباب الثورة الذين لم يكن لهم سابق خبرة تنظيمية أو حزبية قبل خروجهم في مظاهرات 25 يناير؟! ولماذا يهددون بين الحين والآخر بالعودة إلي ميدان التحرير بدعوي إنقاذ الثورة؟ ولماذا لا يشعرون بالرضا العام, وقد أصبح هناك حكومة ساهموا في اختيار رئيس وزرائها تؤكد كل يوم إلتزامها بأهداف الثورة, وقبل ذلك مجلس أعلي للقوات المسلحة يشكل المرجعية الأعلي للسلطة التنفيذية له جميع سلطات الرئيس, يعتبر نفسه حارسا علي قيم الثورة وأهدافها ومسئولا عن أمن الوطن وسلامته. وظني أن جوهر المشكلة يعود إلي أن جميع الوثائق التي صدرت عن المجلس الأعلي للقوات المسلحة وما تبعها من خطوات تنفيذية أقدمت عليها الحكومة, لم تنجح حتي الآن في تقنين مطالب الثورة علي نحو يقنع جميع أجنحتها بأن الثورة ماضية في تحقيق أهدافها, لأن الرضا بما يجري الآن من جانب بعض الثورة, يقابله ضيق وتبرم من جانب بعضها الآخر الذي يحس بأن الجميع تكاتفوا علي سرقة ثورته, وأن الدولة المدنية القانونية التي أرادها لاتزال تفتقد الضمانات الحقيقية لحسن التطبيق, لأن الوثائق التي صدرت عن المجلس الأعلي لا تقنن هذه الضمانات في وثيقة ملزمة!. وأكثر ما يخشاه الانسان أن تستمر حالة الإضطراب الراهن إلي ما بعد المرحلة الانتقالية, لأن الثائر الحق لا يشعر بعد بالرضا العام الذي يحفزه علي الهدوء والاستقرار لأنه يحس أن أهدافه في خطر... وأظن أن إعلان وثيقة جديدة من جانب المجلس الأعلي لضمانات قيام الدولة المدنية القانونية في إطار مباديء دستورية أو فوق دستورية, تخطط ساحة المنافسة السياسية بما يضمن تكافؤ الفرص للجميع, وتكفل إشراك الأمة كلها في صياغة الدستور الجديد من خلال مواصفات دقيقة تضمن عدم هيمنة تيار بعينة علي عملية كتابة الدستور يمكن أن يكون حلا وسطا يرضي كل الأطراف. المزيد من أعمدة مكرم محمد أحمد