أنا قارئة منتظمة لبابك العزيز وقد قرأت رسائل الكسل العاطفي والله أحن عليك والحب علي الطريقة التركية حول شكوي الزوجات من الفتور العاطفي للزوج بمرور السنين, وانا أختلف مع الكثيرات في هذا الموضوع فأنا زوجة طبيبة وأم لخمسة أولاد وقد سافر والداي في أثناء الدراسة الي السعودية لعدة سنوات ومنحني الله في ذلك الوقت أبا روحيا رحمه الله كان الصديق الوحيد لوالدي, وقد ضرب لي رحمه الله مثلا عمليا وعلمني مبدأين مهمين في الحياة أحدهما العطاء بلا انتظار للمقابل سوي من الله عز وجل, فقد رأيته مطبقا لذلك فكان له أكبر التأثير علي, والثاني التماس الأعذار للآخرين فقد كان رحمه الله دائما يقول لي التمسي الاعذار وانتظري أمرك من الله وانت لا تعلمين ظروف الآخرين فإذا ألقيت السلام مثلا ولم ترد صديقتك فقد تكون شاردة تفكر في مشكلة مع زوجها أو اختها فلم تسمعك وهكذا, وإذا عدنا الي موضوعنا ونظرنا الي ذلك الزوج الذي ننتظر منه كلمة حانية أو نظرة حب فهل فكرنا في ذلك العمل الذي يعمله ليلا ونهارا, فينهك جسديا وعصبيا ونفسيا سواء من رؤسائه أو مرءوسيه أو زملائه وهو لا يشتكي, فلو نظرنا بعين الاعتبار الي هذا المجهود الذهني والجسدي مهما اختلفت طبيعة عمل كل زوج والتمسنا له العذر وهو أحق الناس بذلك, في ألا يجد في ذهنه فراغا ليقول كلمة حب أو يربت علي كتف زوجته وفكرنا قليلا في أنه هو الذي يحتاج الي ذلك بل هو في مسيس الحاجة لذلك, ثم فكرنا في أن يقدم التطبيق العملي لهذا المعني فهو يقدمه بالعمل لا بالقول, وما أصعب العمل وما أسهل القول أليس هذا المجهود لك ولأولادك ولتوفير حياة مستقرة ومستقبل مرض لأولادك ومتطلبات لا تنتهي! ألم تفكري كم يستهلك ذلك من قدراته! أليس هذا حبا عمليا لك.. حينما يكف بصره وسمعه وقلبه وعقله عن النساء اللاتي يعملن معه ومنهن طبعا من هي أجمل منك وأرق منك وأنت لا تعلمين ماذا يقلن أو يفعلن, أليس هذا أكبر دليل عملي علي حبه لك.. حينما يقدم خدمات لأهلك سواء بالرأي أو بالعمل أو يتركك تذهبين لمساعدة أي منهم ويتغاضي عن بعض تقصيرك في البيت أليس هذا حبا منه؟! لماذا تقللين من قيمة ومجهود ذلك كله, وتضخمين من قيمة تلك الكلمات التي عبر عنها هو بالجهد والعمل؟! أختي العزيزة: نحن معشر البشر بصفة عامة ومعشر النساء بصفة خاصة نقول دائما هل من مزيد ونريد كل شيء ويأتي الشيطان ليضخم لنا من قيمة الاشياء البسيطة حتي تصبح مثل الجبل, ويقلل لنا من قيمة الاشياء الثمينة فتصبح مثل الحصي لا لشيء إلا ليحرمنا من الشعور بالسعادة وليحزن الذين آمنوا. أختي الحبيبة.. لا تغرك تلك الكلمات المعسولة التي تقال في المسلسلات, فهؤلاء الأزواج في المسلسلات لا يعملون ولا يعانون مثلما يعمل ويعاني زوجك, ولو أن واحدا منهم يبذل ذلك المجهود الذي يبذله زوجك ليبحث عن لقمة العيش وتوفير الحياة الكريمة لأولاده ما قال كلمة واحدة مما يقول, هذا يا أختي هو الشطر الأول من حديثي اليك والخاص بحياة زوجك أما الشطر الثاني فهو الخاص بحياتك انت, فلابد ألا يكون الزوج هو المحور الوحيد الذي تدور حياتك حوله, حقا هو جزء مهم من حياتك تقومين تجاهه بما يرضي الله حتي تنالي رضا الله ولكن لابد ان يكون لك نظام لشغل ذهنك ووقتك في كل ما يفيد في الدنيا وتنالين أجره في الاخرة بإذن الله.. في القراءة.. في علاقاتك مع أقاربك وأقارب زوجك, فإنك ان شغلت وقتك في قراءة الكتب المفيدة وحفظ القرآن وتفسيره ووضعت جدولا لذلك ومشاهدة البرامج الهادفة ثم الحديث مع أولادك لغرس المبادئ والقيم المهمة في قلوبهم وعقولهم والسؤال عن اقاربك وصديقاتك وتقديم يد المساعدة لحل مشاكلهم الفكرية أو العملية والتمست لهم الاعذار في تقصيرهم تجاهك, مادام الله قد منحك الصحة والقدرة لمساعدتهم ودربت نفسك علي ذلك واحتسبت أجرك عند الله في كل ما تعملين وتقدمين للآخرين, بمن فيهم زوجك وأولادك, فإنك لن تجدي وقتا لتفكري في أي شيء وستجدين نفسك تقولين ربنا يعينه علي حاله وسوف تشعرين بسعادة ورضا يفوقان الوصف, وصدقيني فإنها وصفة مجرية. سوزان محمد فاروق دكتوراه باثولوجية اكلينيكية