الهروب الي قفص الاتهام اصبح هو الملاذ الاخير امام رجال الاعمال وكبار المسئولين والمشاهير الهاربين من تنفيذ أحكام قضائية, فمهما طالت سنوات هروبهم أو قصرت أصبح من اللازم عليهم تسليم انفسهم في النهاية لنظر طعونهم امام النقض. وهو الامر الذي حسمته التعديلات القانونية والتي ألغت سقوط الاحكام الجنائية بالتقادم في حالة هروب المتهم, وهو ماترتب عليه سد جميع المنافذ امام الهاربين والا توجب عليهم الهروب مدي الحياة. فبعد ان كان المحكوم عليهم ينعمون بحياة رغدة هانئة في الخارج ثم يعودون من جديد كأن شيئا لم يكن بعد سقوط الحكم, الا ان الوضع تغير فتوجب عليهم العودة وتسليم انفسهم خاصة, في المرحلة الاخيرة امام محكمة النقض مثلما فعل يوسف عبدالرحمن وراندا الشامي اللذان سلما نفسيهما امام محكمة النقض خلال جلسة نظر طعنهما, فإذا لم يفعلا ذلك فقد حكما علي نفسيهما امام رفض الطعن وقبول الحكم نهائيا او بالنفي مدي الحياة. في البداية يقول المستشار محمد عيد سالم نائب رئيس محكمة النقض والامين العام لمجلس القضاء الاعلي انه في الاصل قبل التعديلات الاخيرة في القانون كان لابد من حضور المتهم امام محكمة النقض والا يسقط الطعن المقدم منه, والمفروض ان الحكم الصادر من محكمة الجنايات حكم نهائي واجب النفاذ. ولكن في التعديلات الاخيرة اجازت للمتهم ان يطلب من محكمة النقض وقف تنفيذ الحكم حتي يتم الفصل في الطعن وإذا رأت المحكمة ان يتم وقف التنفيذ تقوم بتحديد جلسة خلال6 شهور لنظر الطعن, وفي حالة رفض المحكمة لطلب وقف تنفيذ الحكم الذي تقدم به دفاع المتهم أصبح واجبا حضور المتهم والا يسقط طعنة, فلذلك يجب علي جميع المتهمين الهاربين الحضور امام هيئة المحكمة حتي يتم نظر الطعن. وأشار المستشار محمدعيد سالم الي ان امكانية الهروب سهلة ولكن سوف يتم تنفيذ الحكم مهما طال زمن الهروب, فلابد من المواجهة للمشكلة وذلك يكون أفضل من الهروب لانه اذا سقط الطعن فأصبح الحكم باتا ولامجال للعودة فيه حتي لوطال الهروب لان طول مدة الهروب لاتسقط العقوبة بها. ويؤكد مصدر مسئول بالادارة العامة لتنفيذ الاحكام انه يتم تعقب جميع المتهمين الهاربين من تنفيذ احكام في كل انحاء الجمهورية من خلال فحص ممتلكاتهم واقاربهم وأصدقائم والاماكن التي يمكنهم اللجوء اليها وخاصة النجوم والمشاهير ورجال الاعمال. وأضاف أن يوسف عبدالرحمن وراندا الشامي إذا كانا قد هربا خارج البلاد مهما لم يدخلا عن طريق المطارات رسميا لان أسميهما موضوعان علي قوائم ترقب الوصول, ولكننا نعلم بأنهم سوف يحضرون امام هيئة محكمة النقض من اجل نظر الطعن في الحكم الصادر ضدهما بالسجن10 سنوات ليوسف عبدالرحمن و7 سنوات لراندا الشامي, لان دفاعهما تقدم بمذكرة نقض الحكم, ولايتم نظر الطعن الا بحضور المتهم. وأشار الي ان بعض رجال الاعمال هربوا الي انجلترا لكونهم حاملين الجنسية, وقبل وضع اسمائهم علي قائمة ترقب الوصول او منعهم من السفر مثل ممدوح اسماعيل الذي غادر البلاد قبل صدور احكام ضده فلديه تأشيرة مفتوحة ولم تكن هناك موانع من سفره. وقال المصدر ان ادارة مباحث تنفيذ الاحكام تقوم بالكشف عن الهاربين من خلال البحث عنهم في سجلات الاحوال المدنية وفحص اقاربهم من خلال الرقم القومي وتحريات المباحث واماكن ترددهم, وجميع الشقق المفروشة.. ولكن هناك وسائل كثيرة تساعد علي الهروب من بينها امتلاك بعض رجال الاعمال لوسائل نقل مثل اللنشات او امتلاكهم لشركات نقل ولهم علاقات متعددة تساعدهم علي الهروب بطرق غير مشروعة وبطرق ملتوية مثلما فعلت هدي عبدالمنعم التي هربت بطائرة خاصة يمتلكها رجل اعمال عربي وبجواز سفر مزور. وعلي الجانب الاخر اكدت المتهمة راندا الشامي انها لم تغادر البلاد ولم تهرب الي اي دولة ولكنها كانت تقيم في احدي الشقق المفروشة بمنطقة مساكن شيراتون حيث استأجرتها باسم احدي صديقاتها, ولكنها لم تذهب الي شقتها بعد صدور الحكم النهائي عليها. كما أشار المتهم يوسف عبدالرحمن الي انه لم يغادر البلاد وكان يتنقل مابين احدي المستشفيات الخاصة وشقته الجديدةبالجيزة. وكانت مديرية امن القاهرة قد قامت بترحيل يوسف عبدالرحمن وراندا الشامي في سيارة الترحيلات من قسم شرطة ترحيلات الخليفة وسط قوة كبيرة لتأمينهما بقيادة مأمور السجن وعدد من القوات ورجال المباحث وذلك بعد لقاء ضباط الامن العام الذين قاموا بمناقشة المتهمين للاستعلام عن مكان هروبهما خلال الفترة الماضية ولكنه قالا انهما لم يغادرا القاهرة وفي ساعة متأخرة من مساء الخميس قامت ترحيلات الخليفة بتسليم عبدالرحمن والشامي الي ترحيلات الجيزة ليقضيا الليلة الاولي والثانية حيث يتم ترحيلهما اليوم السبت الي سجني طره للرجال والقناطر الخيرية للنساء. ويقول اللواء سراج الدين الروبي الخبير الامني الدولي ونائب رئيس الانتربول العالمي سابقا ان سبب عدم مبادرة المحكوم عليهم بتسليم انفسهم لتنفيذ الاحكام الصادرة ضدهم خاصة اولئك المتهمين من رجال الاعمال والمشاهير يرجع الي قدراتهم المالية التي تمكنهم من الاستعانة بكبار المحامين ممن يملكون القدرة علي استثمار النصوص القانونية استثمارا جيدا لصالح موكليهم والدليل علي ذلك هو ماحدث للموسيقار الشهير بليغ حمدي والذي هرب الي فرنسا بعد صدور الحكم الذي كان صادرا ضده الي ان سقط بالتقادم عام1984 وذلك في الواقعة الخاصة بمقتل الفنانة المغربية سميرة مليان, وهو مادعا السلطات المصرية الي اجراء تعديل تشريعي باعتبار السفر خارج البلاد مانعا من موانع التقادم. وأضاف ان البعض يخشي دخول السجن في عقوبة لم ينته الطعن فيها امام محكمة النقض, وبعد سنوات طويلة يصدر حكما مرة اخري بعد قبول الطعن بالبراءة, مما يدفع رجال الاعمال والمشاهير الي عدم المثول للحكم اولا ولكن في المرحلة الاخيرة والتي تقتضي مصلحتهم تقديم انفسهم وهذا هو ماحدث في القضية الاخير ليوسف عبدالرحمن وراندا الشامي مشيرا الي ان هناك من الاحكام مايسقط دون تنفيذه داخل البلاد.