الحاكم المثالي هو الذي يحترم الشعب باحترام وقت كل فرد فيه. فلا يسرف في التصريحات, لأنه يعرف أن الكلام البراق يضيع وقت الناس! ولا يطل برأسه بمناسبة وغير مناسبة من شاشة التليفزيون. ليقول كلاما سمعه الناس مئات المرات ولا يسمح بتحول الادارات والوزارات في بلاده إلي بيت جحا.. فتدخل فيها أوراق مصالح الناس, وتضل الطريق إلي باب الخروج, وتلف وتدور بين المكاتب والأقسام.. وصاحب المصلحة لا يعثر علي أوراقه إلا بعد أن تزحف علي وجهه التجاعيد ويشيب رأسه, ويدفع البقشيش! الحاكم المثالي يجدد شباب العدالة, حتي لا تتحول إلي امراة عجوز تسير في سرعة السلاحف, ولا ترد الحقوق إلا بعد طلوع روح المظلوم. وهو يقلل من المواكب الرسمية, ويكثر من الاختلاط بالناس والسير علي قدميه في الشوارع ليري بنفسه ما تقاسيه أغلبية الشعب من استهتار رجال المرور, يلمس سذاجة رجاله الذين شقوا الشوارع للسيارات الفاخرة, ونسوا أن يتركوا مكانا للمشاة المساكين! والحاكم المثالي يحيط نفسه بالخبراء لا بالمصفقين.. خبراء يدرسون له الاتجاهات الحديثة في الحكم, والتجديد الذي دخل في الادارة الحكومية في العالم, ويحاول أن يستفيد من تجارب جديدة تكلف الملايين! والحاكم المثالي يحاول ان يحقن الأداة الحكومية بدم جديد.. يؤخر زحف تجاعيد الزمن علي الأنظمة, ويضمن انطلاقها المستمر. وهو لا يضيق بالرأي الآخر, لأن انطلاق هذا الرأي دليل علي استقرار الحكم, واختفاءه هو إنذار بثورة أو انقلاب! وهو يغضب ولا يحقد.. ويحب ولا يجامل.. ويعرف ان الاحترام ليس بالانحناء, وانما بالمصارحة وحماية كل فرد في أن يقول لا! [email protected] المزيد من أعمدة محمود المناوى