عاد السفير هاني خلاف مرة أخري إلي ليبيا مبعوثا خاصا للحكومة المصرية وسافر في إطار هذه المهمة مرة إلي طرابلس في أوائل مايو وأخري إلي بنغازي خلال الفترة من25 29 مايو معرضا حياته لأخطار القصف الجوي . وعمليات العنف الدائرة بين الثوار وكتائب النظام الحاكم. وحول مهمته في ليبيا كان لنا هذا الحوار: .. وكيف كانت مهمتكم الأخيرة في ليبيا ؟ وهل تحقق المطلوب منها ؟. المهمة كما حددها لي الدكتور نبيل العربي وزير الخارجية تتركز في ثلاثة أمور: الأول: الاطمئنان علي أحوال وسلامة الجالية المصرية والتعرف علي مشكلات ومطالب الباقين منهم في الأراضي الليبية. والثاني: الوقوف من خلال الاتصال المباشر مع القيادات الليبية في الغرب والشرق علي تقييم للأوضاع الميدانية وفرص وشروط التسوية السياسية للأزمة الراهنة, وطبيعة العوائق أمام تلك التسوية أما الهدف الثالث: فهو شرح الموقف المصري من التطورات الجارية والاعتبارات المبدئية التي تحكمه وأساسها الحرص علي عدم إراقة مزيد من الدم الليبي, ورفضنا لأي شكل من أشكال التدخل أو الاحتلال الأجنبي للأراضي الليبية, مع تفهمنا لدواعي التغيير المشروعة التي ترفعها الآن كل الشعوب العربية. وقد انتهينا في إطار هذه المهمة المزدوجة إلي حصيلة معتبرة من المعلومات والبيانات عن الأوضاع الميدانية الراهنة بشقيها المدني والعسكري, وأيضا عن شروط وقف إطلاق النار وآليات التحقق من ذلك, كما اطلعنا علي مراحل وخطوات إعادة بناء النظام السياسي في ليبيا والمشروعات التي كانت مطروحة في هذا الإطار حتي من قبل الانتفاضة الشعبية في منتصف فبراير الماضي. وبالنسبة للجالية المصرية تعرفنا علي الأعداد التقريبية للباقين منهم في ليبيا, وعلي الاضرار التي لحقت ببعض المصريين وآليات التعويض عن ذلك, كما علمنا بان هناك قرارات بإعفاء هؤلاء المصريين من رسوم التعليم وبتخفيض في رسوم الحصول علي الإقامة. وقد ظهر لنا مدي تقدير الليبيين لدور المصريين معهم في المناطق الشرقية والغربية علي السواء. وعموما فان حصيلة هذه المهمة يمكن أن يكون لها انعكاسات علي الموقف المصري واستعادة الحيوية لدورنا الإقليمي كيف كانت اللقاءات مع المسئولين في الجانبين طرابلس وبنغازي ؟ تمت مقابلات أولا في طرابلس مع رئيس الحكومة ووزير الخارجية وأمين الشئون العربية ورئيس الأمن الخارجي, أما في بنغازي فقد التقيت بالسيد رئيس المجلس الوطني الانتقالي وعدد كبير من أعضاء المجلس المكلفين بملفات مختلفة كالداخلية والصحة والإعلام والشئون الاجتماعية وإعادة الاعمار والشئون الخارجية والتعليم. كما أجرينا مقابلات مع مبعوثي الدول الأجنبية هناك ومع بعض العاملين في وكالات الأممالمتحدة ويمكن القول إن القيادات في الجانبين تقدر الاعتبارات الدقيقة التي تحكم الموقف المصري, كما تقدر حرص الشعب المصري علي تقديم العون الانساني للمتضررين من الأحداث سواء في شكل إمدادات غذائية وعلاجية ودوائية أو في أشكال الدعم الفني الأخري في مجالات الاتصالات والكهرباء. وقد أسعدني ان في الجانبين من يحمل تقديرا واحتراما لأشخاص وأدوار في الجانب الآخر وهو ما يؤكد لي تجذر وحدة الشعب الليبي وارتفاعه فوق القبليات والاعتبارات الجهوية والمواقف الظرفية. هل هناك احتمالات تطوير الموقف المصري إزاء الأحداث في ليبيا؟ الرد علي هذا السؤال متروك لقيادة الجيش والحكومة ووزارة الخارجية. ويمكنني فقط الإشارة هنا إلي أن استحقاقات المستقبل في ليبيا تحمل العديد من الفرص والأدوار التي يمكن لمصر التصدي لها اعتمادا علي مزايا الجوار الجغرافي اللصيق وعلي توافر الخبرات الفنية والبشرية في مجالات حفظ السلام وإعادة الاعمار وبناء المؤسسات. المهم في تقديري هو وقف نزيف الدم الليبي في اقرب وقت ممكن علي كل الجبهات, وتشجيع روح التسوية والمصالحة الوطنية بين جميع الليبيين, والعمل بجدية وإيجابية علي تحقيق المطالب الشعبية المشروعة في الحرية والديمقراطية.