كبير مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية وأنا أتابع الساحة السياسية والإعلامية والعلمية حول ماينشر عن مشروع مصر النووي الجهود المتسارعة لتجميد هذا المشروع الحضاري والتقني. , قفز إلي ذهني فجأة فيلم كوميدي بطولة الفنان حمادة هلال عنوانه, عيال حبيبة, والفيلم لمن لم يشاهده يتحدث عن شاب فقد الذاكرة يوما نتيجة صدمة عاطفية, وأوصي الطبيب بضرورة اعادة اليوم وأحداثه له حتي يستطيع استعادة الذاكرة المفقودة, وانبري أهله واصدقاؤه وجيرانه في مساعدته لجعله يتذكر هذه الأحداث حتي يستطع استعادة الذاكرة المفقودة, قفز الفيلم إلي ذهني وانا أري مايحدث اليوم من قرارات سياسية عاجزة وجدل إعلامي, القليل منه علمي عقب زلزال وتسونامي اليابان وحادث فوكوشيما الشهير, قفز الفيلم إلي ذهني وانا استرجع الموقف في اعقاب حادث تشرنوبل منذ مايقرب من الربع قرن وما اعقبه من تأجيل مشروع مصر النووي في ذلك الحين1986 وكنت حينها المدير المسئول عن الدراسات والامان النووي بالمشروع. ففي ذلك الوقت تبنت القيادة السياسية سياسة الخوف والهروب وفضلت الموت السريري لمشروع كانت كلفته في حينها30% من التكلفة الحالية واعتمدت علي توفير متطلبات الطاقة باستخدام البترول والغاز الطبيعي حينما كان سعر برميل البترول اقل من30 دولارا وحينها ايضا ارتفعت الاصوات المهاجمة لمشروع الضبعة سواء عن عدم معرفة أو مساقة بسياسة التخويف لخدمة مصالح عظمي تبغي الابقاء علي مصر محلك سر في هذا المجال الاستراتيجي والحيوي, ونجحت الخطة وأصاب مصر فقدان ذاكرة لدورها الإقليمي ومسئوليتها الوطنية طوال هذا التاريخ, وعلي الجانب الآخر دوليا فقد اجريت دراسات مستفيضة بغرض تطوير منظومة الأمان النووي واستحداث أجيال جديدة من المفاعلات النووية, حيث تم انشاء واضافة223 محطة نووية جديدة حتي بلغ عدد المحطات النووية العاملة لتوليد الكهرباء440 محطة نووية, هذا بالاضافة إلي65 محطة قيد الإنشاء تنتشر في31 دولة اغلبها في الدول المتقدمة, ومن الطريف ان نعرف ان اوكرانيا والتي عانت من حادث تشرنوبل بها15 مفاعلا تحت التشغيل, بالاضافة إلي مفاعلين تحت الانشاء من المنتظر استكمالهما في2015, اي ان العالم قد ضاعفت انتاجه من الطاقة النووية ونحن فاقدو الذاكرة, وعندما كافح المصريون ودافعوا عن ارض الضبعة من براثن لصوص الاراضي لاقامة المحطة النووية الأولي اصر الناقمون علي نهضة مصر علي إعادة اليوم تماما كما حدث من ربع قرن مستخدمين حجج زلزال اليابان ومستخدمين نفس المنهج والاساليب الرخيصة التي استخدموها سابقا تارة بشاعة الخوف من الطاقة النووية بين العامة وتارة باتهام الكوادر المصرية بعدم الكفاءة والتشكيك في الذمة, وتارة بذم المصريين جميعا واتهامهم بعدم الانضباط والتخلف لإدارة هكذا مشروع. فهل آن لمصر وبشبابها الواعي ان تخرج من هذا المرض ام سنعيد اليوم لاحقا في عام2035, هل لنا ان نتعامل مع الزلزال الذي تتعرض له مصر وفيضان المعلومات المغلوطة التي انهمرت علينا, وهل لنا ان نقف ونقول جميعا سنواجه اي محاولة للنيل من مشروع مصر الحديثة؟ نعم نحن قادرون نعم نحن قادرون, فيها إلي وقفة نستمع.. فيها إلي المتخصصين نسألهم ونحاورهم عن المشروع النووي, وعن مخاوفنا وكيفية درء المخاطر, نسألهم ونحاورهم عن استعداداتهم الحالية والمستقبلية, نسألهم ونحاورهم كيف لهذا المشروع أن يتعد انتاج الطاقة إلي تطوير مصر الجديدة, وفي نفس الوقت نطالب كل سلطة منوطة بالعمل في هذا المشروع بعدم تضييع الوقت والتقدم بخطوات ثابتة ومحسوبة لاستكمال ما بدأنا ولانعطي الفرصة لإشاعة روح الخوف والهروب بل نعمل بروح العلم ونأخذ بأسبابه ونتوكل علي الله نعم الوكيل.