الاسبوع المقبل يستأنف الطلاب دراستهم ويبدأون الفصل الدراسي الثاني وسط حيرة من أولياء الأمور بشأن الإجراءات الوقائية الاحترازية لمنع انتشار إنفلونزا الخنازير التي تسببت في غلق عدد من المدارس وعدم انتظام العملية التعليمية خلال الفصل الدراسي الأول. الذي كانت فيه مواقع الإنترنت تعمل أكثر من فصول المدارس! ولأن الكرة في ملعب وزارة الصحة فإن السؤال هو: هل تستمر الاجراءات الوقائية المشددة التي تم اتخاذها خلال الفصل الدراسي الأول فيما يتعلق بإغلاق المدارس والتغاضي عن نسب الغياب؟ هكذا يتساءل أولياء الأمور ومنهم تغريد شوكت ولي أمر طالبة في المرحلة الابتدائية التي تقول إن أبناءنا لم يذهبوا إلي المدارس سوي أيام قلائل خلال الفصل الدراسي السابق ونلاحظ الآن أن هناك استرخاء بدأ يشوب كل ما يتعلق بالفيروس وانتشاره حتي في أجهزة الاعلام فهل معني ذلك أن يتم التراجع عن كل الاجراءات السابقة؟! أما طارق صلاح ولي أمر طالب في المرحلة الاعدادية فيشير إلي أن المشكلة أن أبناءنا لم يتلقوا التطعيمات بمكافحة الفيروس وهذا هو حال الغالبية العظمي من الطلاب فالاقبال كان ضعفيا لأن أولياء الأمور كانوا في حالة هلع شديد من تعرض أبنائهم لمشاكل العدوي أو الاصابة نتيجة لذلك. ويؤكد خالد الضبع مدير إحدي مدارس اللغات أن المدرسة لم تتلق حتي الآن أية تعليمات بشأن الإجراءات الاحترازية وهو ما يعني ضمنيا أن تستمر كما كان معمولا بها في الفصل الدراسي الأول حتي ترد أية توجيهات جديدة من قبل الإدارات التعليمية. الالتزام بالحذر وإذا كانت تلك هي رؤية بعض أولياء الأمور ومديري المدارس فما هي توصية خبراء المناعة؟! الإجابة لدي د. عبد الهادي مصباح أستاذ المناعة وزميل الأكاديمية الأمريكية للمناعة الذي يشير إلي ضرورة الالتزام بالحذر دون افراط في التهويل أو التهوين.. فيجب ألا نغفل أن الفيروس بدأ في الظهور في أبريل الماضي وهو ما يعني أن يظل هناك احتمال لانتشاره بشكل كبير نسبيا حتي في الشهور التي ترتفع فيها درجات الحرارة أي أنه من الممكن أن يستكمل انتشاره خلال الشهور القادمة.. وعلي الرغم من أن النمو المثالي للفيروس يكون مع انخفاض درجات الحرارة فليس هناك ضمان مؤكد لعدم قدوم موجة ثالثة له خلال الشهور القادمة سواء في الصيف أو الشتاء القادم.. لذلك فنحن نؤكد علي ضرورة استمرار الاستعدادات خاصة أن الفيروس لم يغير من الجينات الخاصة بضراوته أو شراسته ومع زيادة احتمالات حدوث ذلك في الشتاء إلا أن ذلك لا يعني أن الفيروس يختفي في الربيع والصيف.. فالانتباه للأعراض لابد أن يستمر ناهيك عن اننا لو نظرنا بعمق في الاجراءات الاحترازية الواجب اتخاذها فسوف نجدها اجراءات سلوكية ينبغي أن نتبعها كسلوكيات يومية في حياتنا وفي الوضع الطبيعي سواء في حالة وجود وباء أو عدم وجوده لأن الكثير من الأمراض المعدية تنتقل ما بين الأفراد نتيجة عدم اتباع هذه السلوكيات. ومن ناحية أخري كما يضيف د.عبد الهادي مصباح فإننا إلي جانب توصيتنا باستمرار الإجراءات الوقائية والاحترازية بنفس معدلاتها في المدارس خلال الفصل الدراسي الثاني فإننا لا ننصح بإغلاق المدارس في حالة ظهور أية اصابات نظرا لأن الأمر أصبح أكثر وضوحا ومن الممكن التعامل مع الشخص المصاب بشكل فردي أي أن يتم عزله في منزله واعطاؤه عقار التاميلفو بينما يستمر زملاؤه في مواصلة الدراسة دون أية مشكلات. الموسم الوبائي لم ينته وإذا كانت وزارة الصحة هي صانع القرار الأول فيما يتعلق بالإجراءات الاحترازية والوقائية داخل المدارس.. فما هي خطتها لذلك خلال الفصل الدراسي الثاني؟ حملنا كل التساؤلات وتوجهنا بها إلي د. عبد الرحمن شاهين المستشار الاعلامي لوزير الصحة والمتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة الذي بدأ حديثه بطمأنة أولياء الأمور والطلاب قائلا: إن عودة الدراسة في20 فبراير الحالي ستكون في ظروف آمنة ولكن لا ينبغي أن نغفل أن الموسم الوبائي لم ينته بعد ولا يجب التراخي في الاجراءات الوقائية علي الاطلاق.. فهي مستمرة كما كانت خلال الفصل الدراسي الأول دون أي تغيير.. فالوضع أفضل دون شك حيث إن المحصلة منذ يوليو الماضي وحتي الآن هي16 ألف حالة اصابة و265 حالة وفاة. وعلي الرغم من وجود مؤشرات جيدة تتمثل في انخفاض واضح في عدد حالات الاصابة وعدد الوفيات.. فإن ذلك لا يعني انحسار فيروسH1N1 بشكل تام وبالتالي لانستطيع أن نعلن إلغاء الإجراءات الوقائية دون التأكد من عدم ظهور حالات جديدة.. ونحن الآن في الثلث الثالث من المنحني الهابط وقد كانت ذروة المنحني في شهر ديسمبر وبدأ الهبوط من شهر يناير ثم فبراير. وقد تبدأ الأوضاع في التحسن مع نهاية شهر مارس المقبل أي مع بداية ظهور أول موجة حارة.. وسوف تستمر الاجراءات بالمدارس كما هي من حيث الاغلاق أو تعليق الدراسة بالفصل الذي تظهر فيه حالة اصابة لمدة اسبوع وتعليق الدراسة بالمدرسة كلها في حالة ظهور أكثر من حالة لمدة اسبوع.. ومن قبل كان الاغلاق لمدة اسبوعين إلا أنه أصبح يقتصر علي اسبوع واحد فقط مع نهاية الفصل الدراسي الأول وذلك نظرا لأنه قد ثبت بالفعل أن أعراض المرض لاتستمر لأكثر من اسبوع. إلغاء الحجر الصحي وهنا قد يثار تساؤل حول إلغاء الحجر الصحي فيما يتعلق بترقب القادمين من الخارج. الاجابة كما يقول د. عبدالرحمن شاهين أن هذا الإجراء لم تعد هناك حاجة إليه الآن وقد كان ضروريا في البداية لأن الفيروس كان واردا من الخارج.. أما الآن وبعد الانتقال المجتمعي داخل البلد بين المواطنين فلم تعد هناك ضرورة لفحص وعزل القادمين من الخارج.. أما فيما يتعلق بالتطعيمات والتي أثير حولها الكثير من الجدل فقد كانت هناك4 حملات للتطعيم أولها للمسئولين وثانيها للحجاج حيث تم تطعيم73 ألف حاج وقد نجحت هذه الحملة بدليل أنه قد تم تسجيل حالة ايجابية واحدة قادمة من الحج بعد عودة الحجاج.. أما الحملة الثالثة فقد كانت لتلاميذ المدارس الابتدائية وتستهدف2 مليون و100 ألف طالب في هذه المرحلة في6 محافظات هي القاهرة والجيزة والقليوبية وحلوان و6 أكتوبر والاسكندرية نظرا لأننا قد وجدنا أن30% من حالات الاصابة في مصر في المرحلة العمرية من6:12 عاما بما يمثل ثلث عدد الاصابات.. وأن85% من حالات الاصابة كانت في هذه المحافظات المشار إليها..إلا أن الاقبال لم يكن كبيرا حيث تم تطعيم25 ألف تلميذ فقط من العدد المستهدف وكان ذلك لأسباب عديدة أهمها إحجام أولياء الأمور عن التطعيم لاحساسهم أن المرض بسيط ويشابه الإنفلونزا الموسمية ولا داعي للمخاطرة خصوصا بعد ما ذكر من بعض غير المتخصصين عن احتمال حدوث أعراض جانبية بعد التطعيم. أما حملة التطعيم الرابعة فكانت لأصحاب الأمراض المزمنة باعتبارهم الأكثر عرضة للاصابات.. وكان لهذه الحملة استجابة واضحة.. ونتيجة لذلك وبعد أن كانت وزارة الصحة قد تعاقدت علي5 ملايين جرعة من اللقاح من الشركة الانجليزيةG.S.K فقد تم الغاء التعاقد لكل الكميات التي تم التعاقد عليها ولم يتم توريدها أو شحنها وهي عبارة عن3 ملايين و100 ألف جرعة.. فقد كنا قد تسلمنا بالفعل مليون و900 ألف جرعة تم استخدام500 ألف فقط والباقي يتوافر لدينا حتي الآن وينتهي تاريخ صلاحيته في سنة2012 وسوف يتم تطعيم كل المتقدمين لأداء مناسك العمرة في الموسم القادم به والكميات المتبقية سوف تظل كمخزون استراتيجي تحسبا لاحتمالات ظهور أي موجات أخري من الفيروس. لا مبالغات في التحذيرات وبالفعل فقد أكدت منظمة الصحة العالمية والكلام لا يزال علي لسان المتحدث الرسمي لوزارة الصحة أن المرض بدأ في الانحسار في المنطقة ككل, وفي مصر, وأشادت بالجهود التي بذلتها مصر في التعامل مع المرض وبالاجراءات التي تم اتخاذها علي كافة الأصعدة والتي ساهمت في احتواء المرض في فترة زمنية قياسية. وفي النهاية فنحن نؤكد استمرار كافة الاجراءات المتبعة في المدارس إلي أن يتم الاعلان عن انحسار المرض بشكل نهائي واتخاذ اجراءات جديدة بدءا من نهاية شهر مارس ووفقا للرصد اليومي لمعدلات الاصابة والرصد الأسبوعي لحالات الوفاة.. فإذا اختفت علي سبيل المثال لمدة أسبوعين دون ظهور اصابات قد يكون ذلك مؤشرا جيدا فلا أمان للفيروس بدليل أنه لم تظهر حالات الاصابة لمدة خمسة أيام وفجأة حدثت ثلاث حالات وفياة في يوم واحد!! أما فيما يتعلق بالغياب من المدارس كاجراء تم اتباعه في الفصل الدراسي الأول فهو شأن تعليمي بحت ولا مجال لنا للتدخل فيه باقراره أو منعه فقط تبقي مبادرة د. حاتم الجبلي وزير الصحة بطرح عقار التاميفلو بالأسواق بسعر لا يتجاوز70 لعبوة الشراب أو الكبسولات للكبار وبسعر35 جنيها لعبوة الشراب للصغار.. وذلك بعد أن تبين معاناة المواطنين في الحصول عليه مما خلق سوقا موازية لبيعه بأسعار مبالغ فيها في بعض الأماكن قد تصل إلي700 جنيه للعبوة الواحدة! ولذلك فهناك ضرورة لكي نطمئن المواطنين بتوافره وإتاحته بهذه الأسعار ولكن يشترط لذلك وجود روشتة من طبيب منعا لحدوث أي مشكلات.