أحمد عطية الأترجي صدق رسولنا الكريم عندما قال إن الله يبعث لهذه الأمة علي رأس كل مائة عام من يجدد دينها ولعل الشيخ محمد متولي الشعراوي من أبرز هؤلاء المجددين بشهادة الملايين في العالم الإسلامي. لتمييزه بلغة أخاذة سلسة جعلت الأميين يفقهون مايقوله فيزداد إقبالهم وحرصهم علي متابعة دروسه, كان- رحمة الله- يغوص في أعماق الأفكار والمعاني التي تكمن في آي الكتاب الحكيم يستخرجها, ثم يعرضها بأسلوب سلس ويجسمها في صور للحياة يعيشها هؤلاء الأميون, تري فما الحال مع المثقفين؟ وللشعرواي كلمات مأثورة ومواقف عدة, لعل أبرزها حديثه عن الثائر الحق والذي انتشر بعد ثورة25 يناير الثائر الحق.. هو الذي يثور ليهدم الفساد ثم يهدأ ليبني الأمجاد, وأيضا لا ننسي كلمته للرئيس السابق حسني مبارك إن كنا قدرك فليعنك الله علينا وإن كنت قدرنا فليعيننا الله عليك وعندما تم تعيينه في مجلس الشوري من قبل الرئيس أنور السادات لم يقبل هذا التعيين ولم يذهب إلي المجلس لحلف اليمين الدستورية واصفا نفسه بأنه ليس من علماء السلطة ليتفرغ تماما للدعوة إلي الله سبحانه وتعالي. ولد فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي في16 إبريل عام1911 بقرية( دقادوس) مركز ميت غمر محافظة الدقهلية, ألحقه والده بكتاب الشيخ عبد المجيد باشا, حيث أتم حفظ القرآن وعمره أحد عشر عاما, ثم التحق بالمعاهد الأزهرية حتي حصل علي عالمية الأزهر الشريف عام1941, والعالمية مع إجازة التدريس في العام التالي وتنقل فضيلته بين العمل في المعاهد الأزهرية لبضع سنوات, وعمل لفترة في جامعة الملك عبد العزيز بمكة المكرمة ورئيسا لبعثة الأزهر الشريف بالجزائر, وتولي وزارة الأوقاف وشئون الأزهر بين عامي1976 و.1978 ظهر فضيلة الإمام الشعراوي كداعية إسلامي من طراز فريد عام1973 عندما قدمه الإذاعي الراحل أحمد فراج في برنامجه التليفزيوني الشهير( نور علي نور), ومن خلال هذا البرنامج عرفت مصر علي المستوي الشعبي محمد متولي الشعراوي حيث استمر هذا البرنامج عدة سنوات, وكان الشعراوي هو ضيفه الدائم, وتحلقت الأسر المصرية صغيرها قبل كبيرها حول أجهرة( التليفزيون) تنظر إلي هذا الرجل البسيط في مظهره, تستمع إلي أحاديثه عن الدين والدنيا, وتذكرته لهم بالله والإسلام, وينبهر الجميع من أسلوبه في تفسير القرآن الكريم: العامل والفلاح والتاجر وأبسط فئات المجتمع كانت تحرص علي الاستماع إليه طوال خمسة وعشرين عاما تقريبا تعددت رحلات الشيخ الشعراوي إلي شتي بقاع العالم لإلقاء الدروس والمحاضرات, فزار معظم دول أوروربا وأمريكا والهند, كما ألقي فضيلته خطبة الجمعة في المسجد الملحق بمبني الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك, وقام بوضع حجر الأساس للمركز الإسلامي في روما. وفي صباح الأربعاء22 صفر1419 ه الموافق1998/6/17 م توفي الشيخ رحمه الله, وفقدت الأمة الإسلامي بموته عالما بارزا من أعلام الدعوة الإسلامية.