ماذا لو اكتشفت أن عددا كبيرا من المواد الغذائية المصنعة, خاصة الحلوي الجاهزة تحتوي علي إحدي المواد الخطرة التي كان إلي وقت قريب ينظر لها باعتبارها مادة مفيدة تساهم في خفض دهون الدم, مما شجع المستهلكين علي تناولها بكثرة. هذه المادة هي الأحماض الدهنية المتحولة. والأمر الخطير هنا هو أنك إذا حاولت البحث عنها بين المكونات المدونة علي علب الشوكولاتة أو البسكويت أو أي أنواع أخري من الحلوي فلن تجد لها أي ذكر, حيث لا تفرض القوانين الحالية علي مصنعي الحلوي ذكرها ضمن قائمة المحتويات الغذائية لأي منتج, ولهذا يصعب علي المستهلك تجنبها. وحتي وقت قريب, كان ينظر إلي الأحماض الدهنية علي أنها مفيدة, إلي أن تبين العكس تماما. وحقيقة الأمر أن تناول هذا النوع من الأحماض الدهنية يزيد نسبة كوليسترول في الدم بصورة ملحوظة, وبالتالي فهي تسهم في زيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين. وعادة ما توجد هذه الأحماض الدهنية في البسكويت وعجائن الحبوب الغذائية مثل الكورن فليكس والحلوي المغلفة وألواح الشوكولاته والسمن الصناعي النباتي ومعظم الوجبات السريعة. وبالرغم من تحذير الدراسات التي خرجت في العقدين الماضيين من مخاطر هذه المواد, إلا أن معظم المستهلكين مازالوا يجهلونها, في حين بدأ عدد قليل من الدول في اتخاذ إجراءات عملية للحد من استخدامها في الصناعات الغذائية. وقد نشرت مجلة العلم والحياة الفرنسية تقريرا مفصلا تحدثت فيه عن مخاطر التعامل مع الدهون في ظل غياب الوعي العام بمخاطرها. وتعد الأحماض الدهنية المتحولة, طبقا لما يقوله الدكتور مير ستامفير أستاذ الوبائيات بجامعة هارفارد وأحد الباحثين المشاركين في دراسة بحثية عن العلاقة بين استهلاكها وزيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين, سموما حقيقية للجسم البشري, موضحا أن أي حمض دهني آخر لا يسبب تأثيرات ضارة إذا تم تناوله بنسب قليلة كما تفعل الأحماض الدهنية المتحولة, فهي أحماض غير مشبعة بسبب احتواء سلسلتها علي رابطة مزدوجة أو أكثر, ويكمن الفرق بينها وبين الأحماض الدهنية غير المشبعة الأخري في أن رابطتها المزدوجة توجد في شكل ثلاثي محدد الأبعاد يختلف عن الشكل الطبيعي. وأظهرت دراسة نشرتها جامعة هارفارد أن الأحماض الدهنية المتحولة تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين بنسبة137% مقارنة32% بالنسبة للأحماض الدهنية المشبعة. ورغم أن نوع الدهون هذه يزيد من معدل الكوليسترول الضار بالدم, إلا أن دور الدهون المتحولة لا يقف عند هذا الحد ولكنها تخفض أيضا من نسب الكوليسترول الجيد بالدم, ولذلك فهي تتسبب في حدوث ضرر مزدوج. وبسبب طبيعة هذه المأكولات التي يدخل في تصنيعها الدهون المتحولة, يكون الأطفال أكثر عرضة لخطرها. ويشير باحثون فرنسيون إلي أنه يكفي تناول5 جرامات من هذه الدهون يوميا لزيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب بنسبة25%, ويذهب البعض إلي حد القول بضرورة منع استخدامها في الصناعات الغذائية, لاسيما وأن وسائل الوقاية منها شبه غائبة بغياب أي ذكر صريح لها ضمن لائحة المكونات الغذائية لأي منتج. ويري الباحث جان ميشيل أن أي منتج غذائي كتب عليه زيوت نباتية أو دهون مهدرجة جزئيا من السهل أن نثق في احتوائه علي أحماض دهنيه متحولة, لكنه من الأصعب تحديد كمية هذه الدهون, حيث لا توجد في معظم دول العالم أي قوانين تفرض علي المصنعين ذكرها. وقد نشرت' الجريدة الطبية البريطانية مقالا لباحثين بجامعة أكسفورد تضمن توصياتهما بضرورة أن تتضمن قائمة المحتويات المدونة علي كل علب المواد الغذائية نسب الأحماض الدهنية المتحولة. والدهون المشبعة والكوليسترول ليكون أمام المستهلك فرصة لاختيار غذاء صحي أكثر. وعلي صعيد آخر أظهرت نتائج دراسة أمريكية حديثة أن زيادة مقدارها2% في كمية الدهون المتحولة التي يتناولها الإنسان تزيد من مخاطر إصابته بأمراض القلب بنسبة23%. وقد بدأت الولاياتالمتحدة منذ منتصف عام2006 في تطبيق نظام جديد يفرض علي كل مصنعي الأغذية ذكر نسب الدهون المشبعة والدهون المتحولة والكولسترول الموجود في منتجاتهم. كما بدأت كل مطاعم نيويورك مؤخرا في تقديم وجبات لا تحتوي علي أكثر من نصف جرام من الدهون المتحولة المنتجة من مصادر صناعية. واتخذت الدانمارك خطوة إيجابية مشابهة بأن صنفت هذه الدهون ضمن المواد المحظورة فيما لو زادت نسبتها عن2% في أي نوع من الأغذية, لاسيما وأن الدراسات ربطت بين هذه النسبة وزيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب. وقد حددت منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة الصحة العالمية أقصي معدل للأحماض الدهنية المتحولة في أي منتج بنسبة4%