بين الموت والحياة وصلة معدنية.. وصلة يتمدد عليها الموت ناصبا شباكه يوميا ليحصد أرواح المصريين دون عناء أو مجهود.. المكان هو الوصلة المعدنية بين الدائري وأكتوبر أعلي طريق الهرم. فلا تكاد تمر ساعة إلا وينسحب من بين السائرين علي تلك الوصلة عدد منهم يرحلون في صمت عن عالمنا دون عودة فإما أن تقفز بهم سياراتهم من فوق الوصلة لضيقها ولعيوب هندسية بها, أو تعجنهم سيارات النقل ومقاطيرها تحت إطاراتها لأن السائقين في حالة غياب عن الوعي أو يجهلون طبيعة الوصلة القاتلة وعيوبها. كل يوم هناك أكثر من عشر حوادث يتحول فيها الأشخاص إلي أرقام في صفحات الحوادث دون أن يشعر بهم أحد لأن تكرار الحوادث أمام الناس أحال الموت إلي مشهد عادي. مجرد حادثة علي الوصلة المعدنية يتعطل بعدها الطريق الدائري لساعة لحين سحب الضحايا.. ليفتح بعدها فاهه علي حادثة أخري يلتهم بها آخرين, ويستمر نزيف الدماء علي الوصلة المعدنية الباردة. يقول عادل الكاشف رئيس جميعة الطرق المصرية: إن الوصلة المعدنية التي تقع ما بين الدائري وأكتوبر وتعلو شارع الهرم هي أكبر دليل علي العشوائية واللامبالاة بحياة البشر. فالدماء عليها لا تجف ودائما ما تشم عليها رائحة الموت لأن العربات التي تنجو من حوادث الوصلة تكاد تكون معدودة.. لعدة أسباب أولها ضيق الوصلة ومرور عربات النقل الكبيرة التي غالبا ما تتبعها مقطورة ضخمة بجوار السيارات الملاكي مما ينتج عنه حوادث بشكل مستمر, كما أن خلو الأحياء من مهندسين لديهم فكر مروري يقومون بزيارات مستمرة للمناطق التي تحدث فيها حوادث بشكل دوري سبب آخر لتعاظم مشكلة الوصلات المعدنية, وكذلك غياب الصيانة عن تلك الوصلات ونقص العلامات الارشادية هو سبب آخر في استمرار نزيف الدماء علي الوصلة المعدنية. فلا يعقل يضيف أن تضيق الدولة وأجهزتها عن عمل حملات مرورية للتوعية بالأماكن الخطرة التي تتكرر فيها الحوادث بشكل يومي حيث وصل عدد قتلي الحوادث المرورية ما بين7500 إلي8000 قتيل سنويا, ونحو35 ألف مصاب من جراء الحوادث الساذجة التي تحدث معظمها علي الدائري وعلي تلك الوصلة اللعينة وهي أعداد تفوق حصيلة الحروب بين الدول, والموضوع يحتاج إلي إعادة نظر في وصلة الموت! أين الرؤية المستقبلية؟ يضيف المهندس عطا الله حسان خبير الطرق أن معظم مصممي الطرق في مصر تنقصهم الرؤية المستقبلية للطريق, فالمهم أن ينتهي من المهمة التي أسندت إليه, ويغلق الميزانية, ويضبطها بشكل لا يجعله تحت طائلة القانون. فيقوم بتفصيل الطريق علي قدر الميزانية أما ماذا يحدث غدا فهو لن يكون مسئولا عندها وهو ما حدث بالضبط فيما يطلق عليه وصلة الموت علي الدائري فهي وصلة معدنية ضيقة جدا لا تستوعب سوي سيارة واحدة خاصة أنه يوجد بها منحدر كبير. أضف إلي ذلك يتابع أن تلك الحارة تصب فيها من الخلف خمس حارات أخري قادمة من أكتوبر مما يستبب في الاختناق المروري ومسارعة السائقين خاصة النقل لتجاوز ذلك المنحني مما يؤدي إلي حدوث العديد من التصادمات بين السيارات النقل والملاكي والغريب أن تلك الحوادث تحدث يوميا أمام رجال المرور ولا أحد يفكر في رفع تقرير إلي الجهات الأعلي لمناقشة وصلة الموت وايجاد مخرج لها! رؤية السائقين يري سالم.... سائق ميكروباص أن السبب في الحوادث ضيق الوصلة المعدنية وأن معظم المارين عليها من سائقي النقل لا يعرفون طبيعة الطريق.. أمر علي تلك الوصلة نحو7 مرات يوميا في كل مرة أجد حادثا مختلفا عن الآخر.. ودائما ما أجد الدائري مغلقا بسبب الحوادث التي لن تتوقف طالما تلك الوصلة لم تحل مشكلتها! ويضيف محمد إبراهيم( سائق سيارة ربع نقل): أن هناك مشكلة هندسية في الوصلة نفسها, بالإضافة إلي المطبات الصناعية الموجودة بها التي تتسبب في العديد من الحوادث فلا نجد50 مترا علي الوصلة إلا وبها مكان سور مكسور إما عربة صدمته أو قفزت من فوقه.. والحوادث هنا كثيرة وانظر أسفل الوصلة علي الطريق وستجد الحقيقة فلا يمر يوم إلا وسيارة تسقط من أعلي تلك الوصلة! مواطنون في رعب يؤكد ما سبق عياد إبراهيم( أحد سكان المساكن المواجهة للوصلة المعدنية علي الدائري) ويقول: يوميا أرصد أكثر من خمس حوادث علي الدائري وعلي الأقل ثلاث منها علي تلك الوصلة, لدرجة أنني مرة شاهدت( أتوبيس) دخل من سور الدائري إلي إحدي الشقق, ومرة أخري سقطت سيارة في إحدي حدائق الفيلات المتأخمة للدائري! ويضيف حسن عبدالقوي موظف بالمعاش ويقيم في أحد المساكن المتاخمة للوصلات المعدنية الجديدة علي الدائري أنه من غير المعقول أن تتم التوسعات الحالية للوصلات المعدنية الجديدة علي حساب المواطنين وعلي حساب حياتهم, فأنا أقطن بجوار الدائري وكانت هناك نحو عشرة أمتار تفصل بين بيتي في الطابق الثالث والدائري والآن المسافة التي تفصل بين نافذة غرفتي والطريق بعد التوسعة المعدنية عليه لا تتعدي30 سنتيمترا, وهو موضوع في غاية الخطورة أي تخطيط هذا الذي يجعل السيارات النقل العملاقة والسيارات العادية علي طريق سريع مثل الدائري تمر بجوار سرير غرفة نومي وكلنا يعرف ما هي خطورة تلك الوصلات المعدنية فكل يوم هناك عشرات المصابين وعشرات الحوادث. لسنا المسئولين المهندس إبراهيم عامر رئيس الإدارة المركزية لبحوث الكباري كان لديه الرد الجاهز علي متاعب الوصلة المعدنية علي الطريق الدائري, أو كما يطلق عليها وصلة الموت, وهو أنهم ليسوا من صمموا ولا بنوا تلك الوصلات لأنها حين تم بناؤها كانت الطرق تابعة لوزارة الإسكان والمجتمعات العمرانية ولا يمكن أن نحاسب علي أخطاء لم نرتكبها, وأن ملف الكباري المعدنية والوصلات المعلقة لم يحول إلينا بعد, والمتحكم فيها حتي الآن هو شركات: حسن علام, والمقاولون العرب, وحينما يعود الأمر إلينا سوف نبحث الأمر, فنحن نعلم كل تلك المشكلات عن ضيق الوصلة في هذا القطاع, وسوف نتخذ الإجراءات اللازمة قريبا. وإلي أن يعود الأمر إلي هيئة الطرق والكباري سوف تكون مؤشرات الضحايا علي الوصلة المعدنية قد وصلت إلي أعلي مستوياتها, ومن ثم فالقضية تحتاج إلي تحرك سريع قبل أن تدهس عجلات النقل الأطفال في غرف نومهم!