تحقيق : محمد عبد المعطي - رنا جوهر تم بناء المتحف الحالي بميدان التحرير وافتتح رسميا في15 نوفمبر سنة1902, بعد عدة محاولات وبحماس وجهود الفرنسي وعالم الآثار المصرية ماريتAugusteMariette, ومنذ أنشئ وحتي يوم28 يناير الماضي لم يتعرض المتحف المصري. لمثل ما تعرض له في تلك الليلة من محاولة اقتحام جماعي من قبل اللصوص, كان هذا البناء شاهدا علي ثورة الشعب المصري من قلب الحدث في ميدان التحرير وكان شاهدا كذلك علي جموع الشعب الذين وقفوا أمامه يحمونه بأجسادهم يدافعون عنه أمام اللصوص الذين كانوا يحملون الأسلحة البيضاء. سرق من المتحف ليلة28 يناير54 قطعة أثرية من بين أكثر من160 ألف قطعة أثرية موجودة بالمتحف( مابين معروضة وبالمخازن) حسب التقرير النهائي للجنة جرد المتحف تم استرداد12 منها يوم الأربعاء الماضي بعد قيام الشرطة بالقبض علي3 لصوص من منطقة دار السلام وقد تسلمت لجنة فحص أثرية من المتحف القطع بعد التأكد منها وتحرير محضر الفحص وقد أكد د. طارق العوضي مدير عام المتحف المصري عن أسباب تأخر تقرير اللجنة النهائي إن لجنة الجرد بدأت عملها يوم6 فبراير الماضي, و أن الجرد الدقيق لكل محتويات المتحف أمر يتطلب الكثير من الوقت, فهذه اللجنة مكونة من أمناء العهد من الأثريين الذين قاموا بحصر دقيق لما في عهدتهم من قطع أثرية وعرضها علي قسم تسجيل وإدارة المجموعات الأثرية بالمتحف, وقاعدة البيانات التي تحدد ما اذا كانت القطع التي يبلغ عن فقدانها أمين العهدة مفقودة فعلا, أم أنها موجودة بأحد المعارض الخارجية أو الداخلية أو يتم ترميمها, وعملت هذه اللجنة تحت الإشراف الكامل لمدير عام المتحف, ويبقي الآن42 قطعة أثرية مفقودة. يقول العوضي إنه علي يقين أنها لم تخرج من مصر ويضيف أنه في يوم29 يناير شكلت لجنة مبدئية من مجموعة من الأثريين ومن افراد من القوات المسلحة ومن شرطة السياحة التي كانت موجودة بالمتحف وكان المطلوب منها تمشيط المتحف, للوقوف علي التلفيات التي حدثت للمتحف والبحث عن أي شخص يمكن أن يكون متختبئا بداخله وتحديد أماكن دخول وخروج اللصوص وقد قام الجيش بالفعل بالقبض علي ستة لصوص ومنهم واحد قبض عليه داخل المتحف لأنه لم يستطع الخروج بعد أن جرح عندما وقع من السقف علي احد الفتارين الزجاجية وهؤلاء, اللصوص تم تسليمهم إلي الشرطة العسكرية وهم الذين أرشدوا علي الطريقة التي تم بها اقتحام المتحف وسرقته و عن طريقهم تم الوصول إلي بعض القطع المسروقة من المتحف. وقد اصطحب هذه اللجنة أحد أفراد الشئون المعنوية بالقوات المسلحة ومعه كاميرا لتوثيق دخول اللجنة وعملها وتلك المادة المصورة من داخل المتحف هي التي تم تسريبها, وظهرت علي الفضائيات ليلة29 يناير, وبعد الانتهاء تم تفتيش كل أفراد اللجنة قبل الخروج وتسلمت قوات الصناعة التابعة للقوات المسلحة مفاتيح المتحف ولم يسمح لأحد بالدخول حتي يوم6 فبراير. وهذه اللجنة المبدئية قامت بتحرير محضر المعاينة المبدئي واخطار النيابة ولجنة تقصي الحقائق بمجلس الوزراء و تقديم تقرير مبدئي عما حدث للمتحف بعد أن اطمأنت علي أن الفتارين الرئيسية سليمة وقاعات الذهب و المومياوات لم يتم اقتحامها, لكن جرد محتويات المتحف وتحديد المفقود لم يكن من اختصاصها, ويقول العوضي إن الأنباء الخاطئة التي كانت تتناقلها وسائل الإعلام في تلك الفترة عن نهب المتحف وتعرضه للحريق دفعت البلطجية لمحاولة اقتحام المتحف مرة أخري أيام29 و30 و31 من يناير الماضي إلا أن القوات المسلحة وشباب مصر وقف ليحمي المتحف كما فعل ليلة28 تصدي لتلك المحاولات و أحبطها, وهذا ما دفع د. زاهي حواس وزير الآثار الأسبق أن يعلن أن المتحف المصري بخير ليسكت تلك الشائعات. ومنذ يوم29 يناير وحتي هدأت الأوضاع كان مدير عام ومدير المتحف وأحد أمناء المتاحف ينامون داخل الجزء الإداري خارج مبني المتحف لمساعدة القوات المسلحة في معرفة كل شيء عن المتحف حتي يتسني لهم تأمينه, وليلة موقعة الجمل كانت تلقي داخل حديقة المتحف قنابل وكان الجميع يساعد قوات الاطفاء التابعة للجيش في اخماد أي حريق يشتعل داخل أسوار المتحف. الأولويات أمام مدير عام المتحف الآن كما يقول هي تأمين المتحف واستعادة القطع الأثرية التي مازالت مفقودة و تم البدء فعلا في العمل علي زيادة تأمين المتحف بالتعاون مع مجموعة متميزة من المهندسين, منهم د. أيمن حامد وهو مهندس ترميم له باع طويل في ترميم المباني الأثرية الذي تطوع للعمل في المتحف منذ يوم29 يناير وبدون أي مقابل, وقد تمت ازالة السلالم الخارجية التي تؤدي للسطح والاكتفاء بالباب الداخلي الذي يؤدي لسطح المتحف وجار العمل علي تأمينه هو وباقي أبواب المتحف, كما سيقوم المتحف باستبدال فتارين العرض الزجاجية بأخري أكثر تأمينا, وبالنسبة لاسترداد الآثار فيستقبل اليوم المتحف المصري وفد اليونسكو الذي سيساعد في استرداد الآثار التي سرقت في حالة خروجها من البلاد. وأكد أنه وفقا للاتفاقات مع الدول وأنه في غياب مسئول عن الآثار الآن يتحمل المتحف المسئولية الكاملة لإرسال الأمناء وأفراد الشرطة المصرية ومرمم آثار لتأمين الآثار المعروضة في الخارج والتأكد من سلامتها كل شهر ويعمل الجميع ما في وسعه لاستخراج تأشيرات السفر والاتصال يوميا للاطمئنان علي القطع الأثرية. وعن حال المتحف المصري الآن يقول العوضي إن المتحف فتح أبوابه للزيارة يوم20 فبراير الماضي وكان هذا أبلغ رد علي الشائعات التي تناقلتها وسائل الإعلام عن نهب المتحف وإسكاتا لكل المغرضين الذين ظهروا علي شاشات التليفزيون ليعربوا عن قلقهم علي المتحف ولم يحضر أي من هؤلاء بنفسه الي المتحف ليري بعينه مثلما فعل مئات المصريين الذي جاءوا ليطمئنوا علي الآثار الموجودة به وقد سمحت إدارة المتحف للبسطاء بدخول المتحف وحجرة المومياوات مجانا. وزار المتحف في أول يوم87 سائحا واليوم زاد عدد السائحين ليزيد الي أكثر من500 سائح يوميا الي جانب الوفود التي يستقبلها المتحف يوميا من سفارات الدول المختلفة الموجودة في مصر والتي جاءت للاطمئنان علي أحوال المتحف وعرض المساعدة, وهذه الوفود سوف تؤكد لدولها أن المتحف آمن وتدعو رعاياها للزيارة, فالمتحف المصري كان ولا يزال أهم متاحف العالم.