(يا بن آدم, إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك علي ما كان فيك ولا أبالي, يا بن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني, غفرت لك ولا أبالي, يا بن آدم, انك لو اتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لاتيتك بقرابها مغفرة). يقول الدكتور محمد الشحات الجندي أمين عام المجلس الأعلي للشئون الإسلامية ان هذا الحديث يأتي في التجليات الالهية علي عباد الله بالرحمة والغفران وفيه مزية بمخاطبة الله لعباده بما يقرب المعني علي نحو تستوعبه عقولهم, وقد صدر الحديث بقوله تعالي يابن آدم وهذا من نعم الله علي الإنسان فقد كرمه وفضله علي سائر مخلوقاته يقول تعالي في كتابه الكريم: ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم علي كثير ممن خلقنا تفضيلا ويوضح هذا الحديث ان الله يعطي للمؤمن الذاكر الذي يتقرب إليه ثوابا عظيما وقد جاء في حديث قدسي آخر يقول عز وجل: من شغله ذكري من مسألتي أعطيته أفضل ما اعطي السائلين ويعلم الله سبحانه وتعالي مدي حاجة العبد إلي غفران ذنوبه لذلك فانه من رحمته التي وسعت كل شيء يغفر الذنوب إذا استغفر العبد وتاب مهما كان مقدار ذنوبه حتي وان كانت مثل جبل أحد, كما أن الله سبحانه وتعالي يجيبه إذا دعا, يقول تعالي: وإذا سألك عبادي عني فاني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون. وفي الحديث أيضا اشارة إلي أن ابن آدم ينبغي أن يلتمس إلي الله سبحانه وتعالي العفو والدعاء والهداية وغفران الذنوب حتي ولو كانت هذه الذنوب تملأ الأرض بالمعاصي مادام انه لم يشرك بالله شيئا, وهذا يلتقي بالمعني مع قوله تعالي: إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء فالرجوع إلي الله والاستغفار من أكبر الحسنات فهو يمحو السيئات يقول تعالي: إن الحسنات يذهبن السيئات. ويقول الدكتور الشحات الجندي إنه ينبغي علي المسلم الا يستهين بهذه الرحمة والمغفرة الالهية ارتكانا إلي أن الله غفار للذنوب ويقبل العبد مهما كثرت سيئاته, فان اعتقد ذلك فانه يظلم نفسه ظلما شديدا فهو لا يقدر جلال المنعم عز وجل ولا يستحي من عطائه فالتوبة يجب ان تكون بالنية الصادقة في عدم الرجوع إلي الذنب نهائيا. ويضيف الدكتور الجندي ان هذا الحديث فيه رجاء عظيم وبشري للتائبين وحث لهم علي المسارعة بالتوبة وحسن الرجاء, والتمسك بالتوحيد.