مع تصعيد النظام البائد لمؤامرة الفراغ الأمني بإطلاق شرارة الفتنة الطائفية واشعال نيرانها المدمرة علي كل الأرض المصرية فإن فريضة القضاء البات والتام علي فلول النظام الفاسد اصبحت خيارا لا بديل عنه. للحفاظ علي أمن مصر وسلامتها واستقرارها في مواجهة مخططات العابثين الذين لا يقبلون بديلا عن اعادة عقارب الساعة للوراء وعقارب الزمن إلي الخلف بكل مفاسده وفضائحه وبكل طغيانه وجبروته وبكل استبداده ومظالمه ولا نقاش في التلاقي الشديد في المخططات والأهداف بين خفافيش الظلام الداخلية وبين خفافيش الظلام الإقليمية والدولية التي تسعي بمختلف الطرق والوسائل لهدم الكيان المصري وتمزيق نسيجه واشاعة الفوضي والاضطراب بين ارجائه ومع تصاعد عمليات الترويع والتخويف للمواطن المصري البسيط وتركيزها اضافة لاثارة الفتنة الطائفية علي تهديد سلامة وأمن ابنائه في مدارسهم وجامعاتهم فإن مخططات الترحم علي النظام البائد بمبررات الأمن المفقود والأمان الضائع تجد حجج الاطلال الوقح علي ساحة الأحداث بالرغم من كارثية وفداحة وفجور الفساد الكبير للنظام البائد وما كان يمثله من اعتداء علي كرامة الإنسان المصري وشرفه وامتهان حقير ووضيع لابسط حقوقه وطموحاته المشروعة في حياة حرة كريمة. لا بديل عن وقفة حازمة وجادة ترتقي لمستوي الموقف المصيري الدقيق الذي تواجهه مصر بعد أن تعقدت الكثير من حلقاته وتشابكت الكثير من خيوطه الرئيسية والفرعية تحت مقصلة الميراث البغيض للنظام البائد علي امتداد ثلاثة عقود من الزمن وما صنعه من اجهزة ومراكز قوة خفية ومرئية وما بناه من عصابات مرتزقة الحزب الوطني المنهار وطابور خامس ينتشر كالوباء السرطاني في كامل الجسد المصري ويصل حتي النخاع وهي جميعا تضيع مصالحها وتذهب ادراج الرياح اذا ما تأكد سقوط النظام الفاسد بشكل بات وقاطع مما يدفع كافة بؤر الفساد واللوصوصية بضرورة الحفاظ علي المصلحة وبضرورة الحفاظ علي الوجود والكيان أن تقاتل معاركها مع الثورة حتي النفس الأخير مستخدمة سلاحها الدائم الا وهو سلاح الترويع والتخويف باستخدام كل اساليب القمع وفي مقدمتها سلاح البلطجة وعصابات أرباب السوابق من اللصوص وتجار المخدرات والقوادين الذين كانوا أداة رئيسية من أدوات الدولة البوليسية المستبدة التي اطبقت علي أنفاس العباد وسممت المناخ العام بإعلاء صوت القوة الغاشمة لفرض الأمر الواقع مهما كانت درجة مخالفته للقانون ومهما كانت درجة استخفافه بالنظام العام. اشاعة الفوضي والفراغ الأمني للتخويف من الثورة وحتي لا تصاب الذاكرة الوطنية بمرض فقدان الذاكرة الزهايمر وتفقد قدرة الرصد الدقيق للأحداث القريبة والبعيدة وتقع في فخ مكائد ومخططات قوي النظام البائد الساعية لتعليق جرس الفوضي الأمنية والفراغ الأمني في رقبة الثورة والثوار فإن الاستعادة العاجلة لشريط الاحداث اليومية في ربوع مصر المحروسة علي امتداد السنوات الأخيرة من حكم نظام الفساد والطغيان والنهب تؤكد أن الحياة قد غلب عليها منطق البلطجة واللصوصية في المعاملات وأن البلطجة في العديد من الحالات والاحيان كان لها اليد الطولي في مواجهة قوي الأمن والبوليس اضافة لخروج الجماهير الغاضبة بشكل متواصل لمواجهة قوات الامن ومجرد نظرة فاحصة لدفتر احوال الوطن لرصد حالات الاعتداء علي مراكز الشرطة ومديريات الأمن وقطع الطرق الرئيسية والفرعية وايقاف حركة المواصلات والصدام المباشر الدموي والعنيف مع قوات الشرطة والأمن المركزي قد اصبحت علامة مسجلة ومميزة في الكثير من المحافظات المصرية في الدلتا والصعيد وفي المقابل فإن حوادث ترويع الشرطة للمواطنين وتعذيبهم في أقسام الشرطة العادية وليس فقط في مقار أمن الدولة بل وتعذيبهم والاعتداء الوحشي عليهم في الشوارع العامة كان قد اصبح ظاهرة مجنونة واسعة الانتشار تفضحها يوما بعد يوم الكاميرات واليوتيوب والفيس بوك ويتناقلها عشرات ومئات الآلاف كما في حالة الشهيد السكندري خالد سعيد وهي وغيرها من الحوادث تؤكد أن الفوضي كانت بالفعل قائمة وموجودة تتفاعل حلقاتها وتتسع لاشاعة الخوف والترويع بين جموع المواطنين بالقصد والعمد كما تثبت أن الافراط في استخدام القوة والاستعانة بالبلطجة والبلطجية وطوائف المخبرين السريين الواسعة النطاق قد تسببت في انفلات الاوضاع العامة وتسببت في اشاعة جو من الصدام الفعلي بين المواطنين وجهاز الشرطة تحولت معه الشرطة الي خانة العداء الحقيقي مع كل المواطنين. وحتي لا تتوالي حلقات فقدان الذاكرة الوطنية تحت وطأة صخب الاحداث الدامية المخططة والمرسومة بدقة شديدة ومتناهية فإن التغافل عن الحقائق التي كان يدركها كافة المواطنين القائلة إن الشرطة لا تهتم الا بأمن النظام وأمن رجاله والمقربين منه والمحسوبين عليه فقط لا غير وانها كانت لا تهتم علي الاطلاق بأمن المواطن ولا تهتم بأمن الوطن وتتعامل مع كل ما يرتبط بهما بدرجة عالية من الاستهتار والاستهانة وبدرجة عالية من الغفلة وعدم المبالاة وكل ذلك كان بمثابة الحقائق الدامغة في الحياة المصرية تحول معها جهاز الشرطة الي جهاز لحماية الفاسدين واللصوص ووصل الأمر الي المشاركة الفعلية لقيادات الشرطة في عمليات السلب والنهب واللصوصية للمال العام والأراضي وحققوا ثروات بالغة الضخامة تربحا من وظائفهم واعمالهم تحولوا معها الي جزء رئيسي وهام عن العصابة الحاكمة يتصدرون منها الصفوف ويتسابقون لابداء كافة مظاهر الطاعة والولاء مما يحتم تطهيره من الفاسيدن والمفسدين لتجاوز ما تحقق للنظام البائد من أقصي درجات الراحة والاطمئنان حيث تم اختزال الوطن في النظام وتم اختزال الدولة في شخص رأس النظام الفاسد وأصبح ممكنا استباحة كافة الحقوق وفتح خزائن ثروات مصر بغير قيود وعوائق امام اللصوص والفاسدين لينهبوا ما شاءوا وقتما يشاءوا وكأن الشعب كلاب ضالة لا تملك حتي حق النباح. إشعال الفتنة الطائفية لترويع المواطنين ويستوجب خطر الفتنة الطائفية المشتعل أن يتسلح المصريون ليس فقط بأقصي درجات الوعي والفطنة والادراك ولكن ان يتجنبوا الوقوع في مصيدة فقدان الذاكرة المدمر ولا بديل عن عودة الوعي لإدراك أن النظام البائد كان يرتكز في بقائه واستمراره واستباحته لثروة مصر ونهبها بأعلي درجات الثقة والاطمئنان علي العديد من الركائز في مقدمتها صناعة الفتنة الطائفية وتأجيج نيرانها حتي يضمن تقسيم الدولة وانقسام المجتمع وتفرغ الجميع لخطر وهمي مفتعل يفرض نفسه علي مختلف الأطراف ويقض مضاجعهم مستغلا المشاعر الدينية وسهولة اشعالها بين قطاعات عريضة من البشر في أقصر الأوقات الزمنية وامكانية بقاء النيران دائمة الاشتعال تحت الرماد مهما طال الزمن وسهولة تحويلها الي حرائق ضخمة واسعة الانتشار بحدث أو بحديث لا يترك للتعقل والعقلاء الفرصة اللازمة للتدبر والمواجهة ويثبت ما أثير حول مسئولية حبيب العادلي وزير الداخلية السابق عن حادث كنيسة القديسين بالاسكندرية ودور قواته الخاصة في تدبير الحادث البشع والمروع وتنفيذه المخطط الشيطاني للنظام البائد الذي كان لا يتورع في استخدام مختلف الاساليب القذرة والمجرمة والاجرامية حتي ينشغل المواطن بنفسه وهمومه وأن يكون في المقدمة دائما انشغاله بالتحفز والتنمر للمواطن الآخر الذي يعيش معه ويتعامل معه حتي يفرض النظام الفاسد منطق الأخوة الأعداء الذين يتربصون ببعضهم البعض ليضمن انشغالهم عن العدو الحقيقي الذي يتربص بهم جميعا ويقوم بسرقتهم ليل نهار وهم غافلون عن كوارثه ومصائبه. ومواجهة مؤامرة الفتنة الطائفية الراسخة الاركان الممتدة الحلقات لا يمكن أن يتحمل تبعة أوزارها المجلس الاعلي للقوات المسلحة والحكومة فقط لاغير, بل لابد من تكاتف شعبي واسع النطاق لوأد الفتنة في اسرع وقت ممكن وبأقل الخسائر وبأدني درجات الضرر, وهو ما يستوجب درجة عالية للغاية من الصراحة والشفافية والمكاشفة بين العقلاء من المصريين المحبين لوطنهم الحريصين علي أمنه واستقراره مع ضرورة تحمل رجال الدين المسلمين والمسيحيين لمسئوليتهم كاملة عما يجري من احداث وعما يمكن أن يقع من مصائب وكوارث, ففي وقت وزمن الثورة كان من الامور المبهرة والعظيمة أن يتكاتف الهلال مع الصليب وأن يقام القداس وصلاة الجنازة علي ارواح الشهداء وان تقام صلاة الجمعة وقداس الاحد في ميدان التحرير تعبيرا عن الامة الواحدة والوطن الواحد, كما كان لافتا لانظار الجميع في الداخل والخارج أنه علي امتداد أيام الثورة وبالرغم من الفراغ الأمني المروع والموحش فإنه لم تتعرض كنيسة للاعتداء ولم يتعرض مسجد للاعتداء ولا نقول التعرض للتفجير والتعرض للحرق والتدمير وهو ما يثبت بالدليل القاطع روح التسامح الاصيلة بين المواطنين ويثبت الحرص الشديد من جانب جميع الاطراف كل علي الاخر عندما غابت السلطة المستبدة وغابت اجهزتها القمعية البوليسية الفاسدة, وخضع المجتمع لارادة الشعب فقط لاغير مع غياب المخططات الدنيئة عن ساحة الاحداث وهو ما يتطلب من الجميع درجة عالية من اليقظة والادراك والعظة والاعتبار. فخ الشقاق الطائفي للتغطية علي الفساد الكبير وتؤكد المقارنة بين الاحداث المرتبطة بالثورة وبين الاحداث الطائفية الاخيرة المفزعة والمفجعة سهولة الخضوع لمنطق المؤامرة وسهولة الوقوع في فخ الوقيعة الطائفية خاصة أن هؤلاء الذين تمرسوا علي اطلاق مارد الفتنة الطائفية من القمقم مازالوا يملكون الثروة والمال ومازالوا يملكون الكثير من مفاتيح السلطة والنفوذ وفي مقدمتهم اصابات الامن وجهز مباحث امن الدولة الاجرامي خاصة أن التغيير الكامل والشامل يتطلب فترة من الزمن ويتطلب ترتيبات وتغييرات جذرية لا يمكن أن تتم بين يوم وليلة ويلقي ذلك مسئولية شديدة علي البابا شنودة بطريرك الكرازة المرقسية لتفريغ الاحتقان والغضب الذي رعاه وأججه النظام البائد وافتعل لتصعيده الاحداث الدامية والمؤسفة وروج من اجله القصص الساقطة والشائنة مع الأخذ في الاعتبار أن تلك المسئولية المقدسة ترتبط بالوطن قبل المواطن وترتبط بالدولة قبل الثورة ولا تندرج من قريب أو من بعيد تحت مظلة تأييد الثورة من عدمه أو التعاطف مع رأس النظام من عدمه وهي بذلك مسئولية جسيمة يتحمل جانبا مهما من مسئوليتها الرئيسية رجل واحد بغير شك وبدون نزاع وستتولي محكمة التاريخ الافصاح عن تفصيلاتها وكامل وقائعها بشفافية لا تعرف الرحمة أو التهاون. وعلي الجانب الآخر يتحمل الدكتور أحمد الطيب شيخ الازهر مسئولية أخري جسيمة لمواجهة التصرفات الخرقاء غير المسئولة من البعض وهو ما يستوجب دائما سرعة وفعالية في التصدي والحسم بحثا عن العلاج الحقيقي الذي يستبق الفتن ويزيل اسبابها ودوافعها وهو ما يتطلب منه مبادرة شجاعة لحوار يتولاه بنفسه مع رأس الكنيسة وبمشاركة قله قليلة من الجانبين يتم خلاله طرح الامور بشفافية عالية وبصراحة شديدة لوضع النقاط فوق الحروب من منطلق وحيد هو مصر الدولة والوطن والشعب بما يسمح باستجلاء المواقف من الاحداث والقضايا والاتفاق علي دائرة عمل مشترك تمنع تأجيج الفتنة وتمنع امتداداتها, وتملك الجرأة لفضح بؤر التطرف ومخططات التهييج علي أن تخرج من هذه الاجتماعات مواقف كاشفة أي تضع النقاط فوق الحروف وتحمل الجميع بمسئولياتهم في مواجهة الازمة بحكم أن استمرار حالة التربص الحالية يعني امرا واحدا لاغير يؤكد أن النظام البائد مازال ناجحا في مخططاته الشيطانية وفي مؤامراته الدنيئة وأن ادواته القمعية مازالت فاعلة بأقصي درجات النجاح علي ساحة احداث الوطن وهو مالا يمكن أن يقبله احد ويرضاه. وماهو علي المحك الآن لا يرتبط علي الاطلاق بفتنة طائفية تفرق ابناء الوطن الواحد بقدر ما يرتبط بحقيقة ساطعة كان يجب أن تفرض نفسها علي جميع ابناء الوطن وتدفعهم للوحدة والتكتل والتجمع والانشغال فقط لاغير بقضية الوطن وتحريره من قبضة الفساد العاتي الذي نهب وسرق واستباح كل شيء ولم يترك لابناء الوطن الا أقل القليل والا النذر اليسير الذي لا يكفيهم ولا يسد حاجتهم ولا يطعمهم ولا يغنيهم من جوع والاتفاق بين الجميع والكافة علي أن هذه المواجهة للغاصبين المستبدين هي فريضة الجهاد الاكبر وما عداها ما هو الا الجهاد الاصغر الذي يستحق الانتظار والتأجيل حتي يلتقط الجميع والكافة انفاسهم من ظلم وجبروت النظام القمعي الديكتاتوري وحكم الطاغية المستبد. *** في ظل مخططات تقسيم وتجزئة الوطن والشعب الداخلية والخارجية فإن مؤامرات ذيول النظام الفاسد لا تقتصر علي تأجيج الفتنة الطائفية بل تركز علي اشعال نيران الفتنة ضد الثورة وصناعة حملة متكاملة الحلقات لتحميل الثورة مسئولية الفوضي وتحميل الثوار مسئولية فقدان الامن والاستقرار مع ترتيب وتنظيم فرق البلطجية للهجوم علي الثوار والصدام المباشر معهم كانت بدايتها يوم أن زحفت جحافل الظلام علي ميدان الشهداء بالجمال والاحصنة والبغال لترويع المتظاهرين الآمنين المسالمين الذين قدموا للعالم صورة بديعة عن تحضر الانسان المصري ورقيه وقدرته الفريدة علي التظاهر السلمي لفرض ارادة الثورة في مواجهة القوة الغاشمة المستبدة مهما سقط منهم من شهداء ومهما قدموا من ارواحهم ودمائهم قرابين للحرية واستعادة الكرامة والشرف. وقد شهد ميدان الشهداء وغيره من ميادين الثورة عودة منظمة للبلطجية الذين يحركهم فلول النظام الفاسد كما تتحرك فصائل الطابور الخامس محترفي الكلام تطالب بقطع لسان المطالب المشروعة للثورة التي تضمن صحة مصر وعافيتها وتضمن سلامتها وعزتها وقوتها وهو نفس الامر الذي يشهده ميدان مسجد مصطفي محمود كل يوم جمعة لعدة مئات من الشراذم وكذلك المئات القليلة الزاحفة لمنزل احمد شفيق تطالبه بالترشح لانتخابات الرئاسة القادمة وهي في مجملها رسائل دعائية هابطة تستهدف اطلاق شائعات مغرضة تتصور أن ثوب الثورة الناصع البياض يمكن أن تلوثه بقع لا تري من القاذورات والاكثر غرابة أنها تتصور أن الشعب المصري من الغفلة ومن السذاجة إلي الدرجة التي يمكن من خلالها أن يندفع في غمضة عين للانقضاض علي الثورة تحت وهم أنها تعطل الحياة وتعوق دوران النشاط والاقتصاد ناسيا السجل الكارثي المروع لرأس النظام الفاسد ورموزه واذنابه في نهب الثروة والمال وفي ترويع المصريين وتخويفهم واستلاب أمنهم وسلامتهم بالقمع والطغيان والاستبداد وجميع صور التجسس والتلصص والقهر ومئات الالاف من سجناء الرأي والعقيدة في معتقلاته وسجونه الموحشة والمظلمة؟! المزيد من مقالات أسامة غيث