أما وقد أعلن المجلس الأعلي للقوات المسلحة 19 مارس موعدا لاجراء الاستفتاء علي التعديلات الدستورية, فإنه من الضروري الآن وبسرعة اتخاذ الإجراءات اللازمة لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية حرة ونزيهة بالمفهوم الحقيقي. الأمر المؤكد أنه لن يكون هناك تزوير في الصندوق بعد الاشراف القضائي الكامل علي اللجان الانتخابية ووجود قاض امام كل صندوق.. لكن هذا وحده لايكفي لاجراء انتخابات معبرة بشكل حقيقي عن الارادة الجماهيرية للمواطنين, لأن وصول المواطن الي الصندوق جزء رئيسي من نزاهة الانتخابات, وأي عقبات تحول دون ذلك تنتقص من تلك النزاهة, والمشكلة الأبرز في الانتخابات كلها بما فيها انتخابات الاشراف القضائي التي جرت خلال دورتي 2000 و2005 هي أزمة وصول الناخب الي الصندوق حيث كان يعترضه عقبتان رئيسيتان أولاهما ما كان يحدث من الأمن من تجاوزات خاصة بمنع الناخبين في مناطق نفوذ غير المرضي عنهم وتيسير الأمور في مناطق نفوذ المرغوب فيهم, والعقبة الثانية التي كان يعاني منها الجميع (مؤيدون ومعارضون) هي التلاعب في الكشوف الانتخابية, ولخبطة تلك الكشوف وعدم دقتها مما جعل من التصويت رحلة عذاب امام الناخب وجعلت معظم الناخبين يرفضون الذهاب الي اللجان الانتخابية خشية تعرضهم لعملية كعب داير علي اللجان دون أن يتمكنوا من الادلاء بأصواتهم. العقبة الأولي تم حل جزء منها بقيام ثورة 25 يناير, حيث لن تتدخل وزارة الداخلية لصالح حزب أو شخص أو لن يكون لها علاقة بالفتح أو الغلق للجان كما كان يحدث.. لكن يبقي الجزء الأهم وهو دورها في تأمين اللجان, وهو الدور المطلوب والذي لاغني عنه حتي لايقوم البلطجية بترهيب وتخويف الناخبين, أو منع وصولهم إلي اللجان, وأعتقد أنه من المهم أن تستعيد الداخلية دورها وبسرعة دون إبطاء اذا كنا جادين في اجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية خلال الأشهر الستة المقبلة, ومن الضروري أن يعلن وزير الداخلية الجديد منصور العيسوي جدولا زمنيا محددا لعودة الداخلية إلي كامل لياقتها وانتشارها في مدة لاتتجاوز 3 أشهر علي أقصي تقدير, لكي تصبح جاهزة ومؤهلة لحماية العملية الانتخابية, وان لم يحدث ذلك فمن الأفضل تأجيل اجراء الانتخابات حتي تعود الداخلية الي كامل لياقتها. الأشهر الثلاثة كافية, والمهم ألا يضيع الوقت وألا تستمر حالة الشد والجذب الحالية بين المواطنين والشرطة لأنه لايمكن الاستغناء عن دور الشرطة في حياتنا اليومية او في تأمين اجراء الانتخابات. أما العقبة الثانية المتعلقة بالكشوف الانتخابية فهي الأخطر والأهم ولابد أن يتم وضع الحلول العملية لها من خلال خطوات محددة تضمن تنقية تلك الجداول, وعدم التلاعب فيها, وان تكون الجداول الانتخابية تعكس الواقع الحقيقي للناخبين وأعدادهم, من خلال الاعتماد علي كشوف بطاقات الرقم القومي للمواطنين لينتهي عصر البطاقات الانتخابية الحمراء الي الأبد. اعداد الكشوف الجديدة يحتاج الي قرار سريع من اللجنة العليا للانتخابات التي ستتولي الاشراف علي إجراء الانتخابات المقبلة سواء كانت برلمانية أم رئاسية للشروع في تنفيذها فورا ودون ابطاء, أو انتظار لنتيجة الاستفتاء, لأنه وفي كل الأحوال هذه الكشوف الجديدة لاغني عنها لضمان نزاهة الانتخابات المقبلة سواء تم إجراؤها بسرعة او تم تأجيلها لعدة أشهر أخري. اللجنة العليا للانتخابات مطالبة بالاتصال بمصلحة الأحوال المدنية لتفريغ مالديها من كشوف لبطاقات الرقم القومي, واعادة فهرسة تلك الكشوف طبقا للسجلات المدنية في مختلف المناطق, وحسب النطاق الجغرافي للدوائر الانتخابية, بحيث يتم اعداد كشوف الجداول الانتخابية لكل دائرة حسب اللجان الموجودة بها, وأن تكون الكشوف مرتبة طبقا للحروف الأبجدية, بما يساهم في تسهيل مهمة الناخب, ودون أن يحتاج الي دليل يقوم القادرون من المرشحين باعداده وطبعه علي نفقتهم الخاصة في حين أن الكشوف الجديدة لو تم اعدادها بدقة فلن تحتاج الي دليل للناخب لأنه في هذه الحالة سوف يتوجه فورا إلي لجنته حسب حروف اسمه الأبجدية. بعد الانتهاء من الكشوف الانتخابية يمكن أن يتم نشرها كما اشرت في مقال الأسبوع الماضي علي موقع تخصصه اللجنة العليا للانتخابات في شبكة الانترنت بحيث يسهل الدخول اليه قبل الانتخابات بفترة ليعرف كل ناخب رقمه في الكشف ورقم لجنته. أيضا من المهم أن تأخذ اللجنة العليا للانتخابات حذرها من حمل بعض الأشخاص لأكثر من بطاقة مدون بها أكثر من محل إقامة, وهو ما يجب أن يتم تداركه في الكشوف الانتخابية, وأن تقوم وزارة الداخلية بالغاء تلك الازدواجية فورا, وفي حالة قيام أحد المواطنين بتغيير محل إقامته عليه أن يقوم بتسليم بطاقته القديمة قبل استلام الجديدة.... صحيح أن حالات ازدواج البطاقة باماكن الاقامة قليلة لكنه وفي كل الأحوال يجب ألا نترك ثغرة للتلاعب والطعن. المزيد من مقالات عبدالمحسن سلامة