فرضت ثورة25 يناير روحا جديدة ورغبة صادقة في الانجاز والتنمية من اجل النهوض بالوطن والافراد, لذلك من المهم استثمار هذه الطاقات وتحويل المشاعر والافكار الي واقع ملموس. يساهم في ارساء قواعد جديدة لاعادة البناء والسؤال الابرز الآن كيف يمكن استثمار هذه الطاقات بالشكل الذي يحقق هذه الاهداف. يري الدكتور مكرم شاكر أستاذ علم النفس الاجتماعي بجامعة عين شمس, اننا حاليا بلغنا اقصي درجات الحماس والوطنية والرغبة في التغيير واذا لم تستغل وتستثمر سوف نتلاشي ونعود لحالة الركود واللامبالاة ونعاني من انتكاسة لا قدرالله لاتحمد عقباها, ان الجميع يتطلع حاليا للتغيير القادم من المستوي الاعلي سواء من تعديل دستوري او انتخابات رئاسية جديدة او مجلس برلماني جديد او حياة سياسية وتشريعية تضع مصالح الوطن علي نفس درجة مصلحة الفرد. ويجب ان نبدأ عهدا جديدا من المكاشفة والمصارحة ومحاسبة الفاسدين فلابد من محاكمة كل رموز الفساد واعادة التحقيق في القضايا التي اغلقت نظرا لسطوة اصحابها وذلك بتقديم بلاغات جديدة للاجهزة المعنية, وكذلك سرعة انجاز التغيير السياسي والتشريعي مع الحرص علي الدقة والنزاهة عند اعداد التعديلات الدستورية والانتخابات البرلمانية لاننا نخطو في مسار سوف يكون الدليل للسنوات القادمة ونحمي به الاجيال المتعاقبة, كما يجب اختيار القدوة الحسنة عند تعيين المسئولين من اكبر الي اصغر مسئول. وعلي الجانب الآخر يجب الاهتمام بالفئات الاولي بالرعاية لانهم بالفعل كذلك فيجب ان نوفر لهم معيشة كريمة تحفظ كرامتهم وترفع من مستواهم الاجتماعي. لابد ان يكون هناك مشروعات قومية نستغل فيها ثروتنا من القوة البشرية ووضع إستراتيجيات زراعية وصناعية وتجارية واضحة المعالم حتي تكون لنا هوية لذلك يجب ان نعمل علي ان يكون هناك استثمار حكومي وشعبي في تنمية مجال معين تتخصص فيه مثلما فعلت الدول الاسيوية المتقدمة. ويضيف الدكتور مكرم شاكر أن هذه الاصلاحات سوف تبقي علي روح الحماس والانتماء والولاء للوطن ولكن تبقي ضرورة الاصلاح الاخلاقي ولن نستخدم كلمات مثل الشفافية وغيرها من الكلمات التي كانت سيئة السمعة ولكن يجب ان يستشعر كل فرد انه قدوة اخلاقية تتمتع بحرية وتتعامل بالحسني ومكارم الاخلاق وتطبق القانون علي نفسها قبل غيرها وتبعث علي التآخي فنحن جميعا ابناء وطن واحد وتنبذ الفتن وتبعد عن سياسة الصوت العالي فهي دعوة لاصلاح انفسنا ويجب ان نعي ان هذا ليس وقت المطالب ولكنه وقت الايثار فلقد ضحي شباب بارواحهم واستشهدوا من اجل إيجاد فرصة للتغيير لذلك لابد من البعد عن الانقسامات والاضرابات ولنحاول جميعا الحفاظ علي نجاح هذه الثورة التي اظهرت معدن المصري الاصيل. كما يجب ان نعي ولانغفل ان المجتمع مازال مهددا بقنابل موقوتة اذا انفجرت سوف تؤدي الي كارثة وهي الاطفال المشردون ومن لا مأوي لهم والعاطلون ومشكلة الادمان والمخدرات والامية الثقافية والتعليمية علي حد سواء والتطرف الديني وعدم القدرة علي تحمل تكاليف الزواج. وتؤكد الدكتورة سالي مهدي مدرس علم الاجتماع السياسي بالجامعة البريطانية ان هناك تغيرا واضحا طرأ علي السلوكيات في الشارع المصري وهو سلوك حميد وايجابي بدأ مع الثورة الشعبية بعدما شعر المواطن بحبه وانتمائه لهذا البلد ورفع شعار مصر رجعت تاني لينا لذلك فمن حقها عليه ان يحافظ عليها فطالما كانت الشعارات تعكس ما يجري علي الساحة السياسية والشعور الداخلي ولقد ترجمت هذه المشاعر بشكل تلقائي فيما نشاهده حاليا من حملات تنظيف وتجميل للشوارع, وكذلك الدعوات المنتشرة حاليا علي شبكة الانترنت التي تدعو الي الالتزام بالسلوكيات الجميلة وكذلك الدعوات التي توزع علي المواطنين في الطرق العامة التي تخاطبهم ببساطة وتذكر امثلة لكيفية الحفاظ علي المرافق والطرق والمنشآت وتحثهم علي الخصال الحميدة مثل المعاملة الحسنة بين افراد المجتمع الواحد والتسامح وغيره, ورفض الفساد والرشوة والوساطة. ولاشك ان ما نشاهده حاليا هو صحوة مجتمعية من كل افراد الشعب وكان الفضل فيها للشباب والذي طالما شككنا في قدراتهم علي التغيير واتهمناهم باللامبالاة والتهاون, ان ما يحدث حاليا عملية تطهير تغزو المجتمع المصري للمحافظة علي المكاسب التي حققتها ثورة25 يناير. هناك قوة دافعة يشعر بها جميع اطياف المجتمع ولكن المعضلة هي كيف تستمر هذه الصحوة والقلق علي المستقبل وحلها يتمثل في وضع سياسات تساعد علي بعث هذه الروح وتجديدها باستمرار تقوم علي تلبية الاحتياجات المادية والمعنوية للمواطنين وتضع المواطن في مقدمة أولوياتها وتراعي التفاوت في درجات التعليم والثقافة والطبقة الاجتماعية. وارفع صوتي للمسئولين واصحاب القرار بان المواطنة تتحقق باستثمار طاقات افراد الشعب والشباب في تنمية المجتمع المصري من خلال تشغيلهم في اماكن تتناسب وقدراتهم وكفاءتهم فيتحولون الي مصادر تمويل للدولة فعلي سبيل المثال يمكن للشباب المحترفين في مجال الاتصالات خاصة عبر شبكة الانترنت من تكوين حملات كل في مجاله فالمهتمون بمجال السياحة يمكنهم توجيه حملات لجذب السياح من خلال برنامج منهج تابع لإشراف وزارة السياحة, وبذلك يتم تعيينهم في مجال السياحة وكذلك حملات التنظيف التي يقوم بها الشباب بشكل تلقائي حاليا يمكن ان تتم من خلال برنامج تابع لوزارة البيئة وهكذا. يجب علينا استغلال طاقات الشباب وتسكين كل فرد في منطقة ابداعه وكذلك فالعمالة الماهرة التي تضررت من الخصخصة يجب ان نستعين بها في المصانع والشركات لنقل الخبرات وليعي الجميع ان شعار مصر بلد شهادات لم يعدله وجود بل ان مصر بلد قدرات وكفاءات. ويضع الدكتور هاشم بحري استاذ الطب النفسي بجامعة الازهر روشتة استثمار الطاقات والرغبة في التغيير التي يعيشها جموع افراد الشعب في ضرورة وضع هدف واضح وقومي يقوم علي اسس التفكير العلمي والمنطقي مع تحديد طرق الوصول اليه وتحديد توقيت التنفيذ وتحديد المعوقات التي قد تواجه تحقيق هذا الهدف وكيفية ازالتها وبعدها حجم الانجازات التي تساهم في تنمية ونهضة الفرد والمجتمع. لابد ان يكون هناك منهج واضح ومنظم يحكم الجميع وتندرج فئات الشعب جميعها داخله, لابد ان يقوم النظام علي نظريات البحث العلمي. فعلي سبيل المثال نحن نواجه حاليا اضرابات واعتصامات ومطالبات بالحقوق الضائعة لكي نعالجها من خلال روح التغيير التي نرغب في ان تسود في الفترات القادمة ويجب علينا الاستماع الي شكاواهم باهتمام ورغبة حقيقية في حلها بحلول منطقية يمكن تنفيذها علي ارض الواقع, ثم نعلمهم بحقيقة الوضع الراهن لمؤسساتهم او شركاتهم بصراحة ووضوح ونؤكد عليهم ان زيادة الانتاجية والاخلاص في الاداء, سوف يترجم بأرباح تعود عليهم بالمنافع والعائد الذي يكفل لهم تحقيق مطالبهم.