لا تجميد بمجرد الطلب, فعلي الرغم من تأكيدات الحكومة البريطانية أنها سوف تتعاون مع طلب السلطات المصرية تجميد أرصدة بعض الشخصيات, فإنها تحتاج الي أدلة قانونية قوية لها مصداقية كي تتحرك لتجميد أي أرصدة أو حسابات, كما قال مسئول بريطاني لالأهرام. فوفقا للقانون البريطاني فإنه لايمكن تجميد أرصدة أي شخص بمجرد تقديم أي جهة طلبا بذلك, وهذا يعني أن السلطة في مصر مطالبة بأن تقدم في أسرع وقت أدلة قضائية الي الخارجية البريطانية كي تحيل بدورها الطلب الي وحدة تجميد الأرصدة بوزارة الخزانة. وقال مسئول بريطاني لالأهرام إن الأدلة المطلوبة يتعين أن تبرهن علي أن صاحب الأرصدة أو الحسابات المصرفية المطلوب تجميدها قد ارتكب في مصر ممارسات غير قانونية أو جرائم فساد تتعلق بإهدار أو سرقة المال العام. كانت السفارة المصرية في لندن قد قدمت الي الخارجية البريطانية, في الرابع عشر من الشهر الحالي, طلبا رسميا مشمولا بقائمة تضم7 أسماء لتجميد أية أرصدة أو حسابات لهم في بريطانيا, وهؤلاء هم أمين التنظيم السابق في الحزب الوطني أحمد عز ووزراء سابقون هم زهير جرانة وأحمد المغربي ورشيد محمد رشيد وحبيب العادلي وزوجته وابنه, وفي اليوم التالي, قدمت السلطات المصرية قائمة أخري بعدد من أسماء الشخصيات المستهدفة, غير أن السلطات البريطانية لم تكشف عن هذه الأسماء. إلا أن معلومات الأهرام تؤكد أن السلطات البريطانية المختصة لم تنتظر مثل هذا الطلب, وكشفت مسئولة في مكتب مكافحة جرائم الاحتيال الخطيرة لالأهرام النقاب عن أن المكتب أجري بعض التحريات المبدئية ليكون مستعدا لتقديم المساعدة عند الطلب, وتؤكد المصادر أن هذه التحريات بدأت عقب اندلاع الثورة في مصر. يضيف المسئولون, عملنا بدأ استنادا الي التقارير الصحفية والمعلومات خلال الأسابيع الأخيرة التي تحدثت عن الارصدة والممتلكات الخاصة بشخصيات في مصر وتونس. في الوقت نفسه, كانت منظمات المجتمع المدني أسبق من السلطة في مصر, وقدمت احدي هذه المنظمات, التي رفض مكتب مكافحة الجرائم الاحتيال الخطيرة البريطاني( المعروف باسم اس.اف.أو) الكشف عنها في الوقت الحالي, طلبا للمكتب للحصول علي أي معلومات حول أرصدة محتملة لشخصيات مصرية في بريطانيا, ومن بين الشخصيات المستهدفة الرئيس السابق حسني مبارك وأفراد عائلته. وتوقعت مصادر بريطانية أن تكون هذه المنظمة هي مجموعة رجال القانون التي تشكلت في بداية الثورة للعمل, بمبادرة منها, لاسترداد ثروة مصر, ومن بين هؤلاء المستشار طارق البشري, قبل تكليفه من جانب المجلس العسكري الحاكم برئاسة لجنة تعديل الدستور, ورفض مسئول بالمكتب نفي أوتأكيد ما اذا كانت هذه المجموعة هي التي تقدمت بالطلب. وأكد المسئول, لم نرد بعد علي الطلب وهو قيد الدراسة الآن, وقال هذه المنظمة ليست بريطانية وأبدت قلقا تجاه ما يحدث في مصر وطلبت الحصول علي معلومات بشأن كيفية ملاحقة أرصدة وحسابات بعض الأشخاص في مصر. وحسب القواعد التي تنظم عمل( اس.أف.أو), فإنه يمكنه مساعدة أي جهات خارج بريطانيا( بما فيها السلطات المصرية) في ملاحقة أية حسابات أو أرصدة لمسئولين سابقين أو حاليين, ولكن المساعدة تقدم بناء علي طلب من وتنسيق مع القنوات الرسمية البريطانية. ولا تقتصر تحريات( اس.اف.أو) علي حسابات وأرصدة الوزراء فقط, بل انها تتضمن أية حسابات أو أرصدة محتملة للرئيس السابق حسني مبارك وأفراد أسرته أيضا, كما قالت المصادر للأهرام. وأكد متحدث باسم المكتب هناك احتمال كبير لأن يكون لمبارك وأسرته الكثير من الأموال التي لايمكن تحديدها الآن, في المملكة المتحدة. وأضاف أن محققيه مازالوا يعملون في ملف مصر وسوف يقدمون تقاريرهم الي الجهات المختصة في بريطانيا. وقال إن القاعدة هنا اننا مستعدون للمساعدة بالخبرة والوسائل الفاعلة لملاحقة الأرصدة في بريطانيا والكثير من دول العالم بما فيها الولاياتالمتحدة. تحريات المكتب سبقت, بأسابيع, إعلان وزير الخارجية ويليام هيج أن وكالة مكافحة الجرائم المنظمة الخطيرة( المعروف اختصارا باسم سوكا) سوف تتولي مسئولية ملاحقة هذه الحسابات في لندن. إلا أن متحدثا باسم الشرطة البريطانية سكوتلانديارد قال ل الأهرام: القانون يمنعنا من تجميد أي حسابات مصرفية دون أدلة علي المخالفات القانونية أو سوء استغلال أموال وأصول الدولة. إعلان هيج لا يعني, حسبما قال مسئولو سوكا للأهرام, ان المهمة سهلة. نحتاج الي طلب رسمي من الانتربول( الشرطة الجنائية الدولية) أو يوروبول( مكتب الاستخبارات الأوروبي لمكافحة الجرائم الخطيرة والمنظمة) أو جهة بريطانية رسمية. ماذا لو أرادت السلطة في مصر تسريع الإجراءات قبل تهريب الأموال من بريطانيا؟ هل يمكنها, مثلا تأجير محققين خاصين يتولون جمع المعلومات وتقديمها, نيابة عن السلطة المصرية الي سوكا؟ لايمكن لهؤلاء أن يتقدموا لنا ببلاغات نيابة عن أي دولة, ويضيف مسئول بالوكالة نحن جهاز بريطاني ولدينا وسائلنا للحصول علي المعلومات وإجراء التحريات مثل وحدة الاستخبارات وجمع المعلومات المالية. وهذا لا يمنع السلطة في مصر من أن تستأجر محامين لإعداد ملفات قانونية بشأن الأشخاص المطلوب ملاحقة حساباتهم وأرصدتهم, ويمكن لهؤلاء, حسب المسئول نفسه, ان يخاطبوا السلطات البريطانية ولكن سوكا لا تستطيع التعامل مع هؤلاء المحامين مباشرة, ويؤكد المسئول لايمكن أن يكون هناك اي تدخل سياسي في عملنا فالذي يحكمنا هو القانون الذي يعد تطبيقه احد اهم مهامنا. ويضرب المسئول مثالا بقضية اغتيال محمود المبحوح احد أكبر قادة حركة حماس الفلسطينية في دبي يقول مسئول سوكا: لعبنا دورا بناء علي طلب الخارجية البريطانية في تتبع أرصدة وحسابات الاشخاص الضالعين في سرقة جوازات السفر البريطانية واستخدامها في العملية. اجرائيا تتولي وحدة تجميد الارصدة في وزارة الخزانة البريطانية مسئولية ابلاغ البنوك والمؤسسات المالية البريطانية بأوامر التجميد. ورغم تحرك مكتب مكافحة جرائم الاحتيال الخطيرة منذ بداية الثورة فإن المعارضة العمالية لم تره كافيا لمنع التلاعب بالحسابات والارصدة وتساءل دوجلاس الكسندر وزير الخارجية في حكومة الظل العمالية: لماذا لم تأذن الحكومة باجراء تحقيق فوري لمنع تهريب الاموال من المملكة المتحدة إلي دول اخري لايوجد فيها نظام مالي صارم. وتري المعارضة انه لو كانت الحكومة قد أمرت بالتحقيقات الشاملة منذ البداية لقطعت الطريق علي احتمال نقل الاموال او محاولة اصحابها تفادي الملاحقة بالتلاعب بها. ويستند المنتقدون لموقف الحكومة إلي بنود معاهدة الاممالمتحدة لمكافحة الفساد( التي وقعت عليها بريطانيا في التاسع من ديسمبر2003 وصدقت نهائيا عليها في التاسع من فبراير2006 هذه المعاهدة تتضمن فصلا خاصا حول آلية دولية لاستعادة الاصول أي.أية.أر وحسب المعاهدة التي هي جزء من القانون البريطاني فانه يحق للحكومة ان تطلب من القضاء اصدار امر سري خاص بمنع البنوك من ابلاغ عملائها بأي استفسارات او تحريات تجري حول حساباتهم او أرصدتهم طالما ان العميل لم يطلب تحويل او نقل أية ارصدة او حسابات إلي مكان اخر وحسب هذه الالية فان الأرصدة التي يمكن استعادتها من اي دولة تشمل الي جانب الاموال السائلة العقارات والسيارات والقطع الفنية والتحف والمعادن الثمينة. ونظرا لكون مصر موقعة علي المعاهدة في التاسع من ديسمبر عام2002 ومصدقة عليها في الخامس والعشرين من فبراير عام2005 فإن هناك اطارا قانونيا يلزم بريطانيا بالتعاون مع مصر في رصد وتجميد ارصدة المسئولين والشخصيات المصرية تمهيدا لمصادرتها واعادتها. ويقول الخبراء ان تتبع الارصدة يحتاج الي جهود كبيرة وخبراء متخصصين ويشيرون الي قضية ملاحقة الرئيس الفلبييني السابق فريندناد ماركوس واكدوا ان الوثائق التي عثر عليها في قصر الرئاسة وشملت بيانات الحسابات في الخارج كشفت الكثير من الغموض حول أرصدته. ويضيف الخبراء ان بعض المصارف البريطانية وغير البريطانية شرعت في السنوات الاخيرة في التعاون مع وحدات الاستخبارات وجمع المعلومات حول الانشطة المالية عن طريق الابلاغ عن أية تحويلات مالية مشبوهة ووفق القواعد المتبعة في أجهزة مكافحة الجرائم المالية في بريطانيا فإنه يفترض ان هذ ماحدث عندما بدأت تحريات مكتب مكافحة جرائم الاحتيال الخطيرة حول الحسابات المصرفية قبل اسابيع. ورغم تأكيدات المكتب انه بدأ العمل مبكرا في ملف الارصدة والحسابات المصرية فإنه رفض لاسباب قانونية الافصاح عما توصل اليه حتي الان. في الوقت نفسه تضطلع وحدة تجميد الارصدة بوزارة الخزانة البريطانية بدور فاعل باعتبارها حلقة الوصل بين المؤسسات المالية والمصرفية التي توجد بها الأرصدة والجهات البريطانية التي تطلب تجميد الارصدة. ووفق معلومات الأهرام فان الوحدة لم تتخذ اي اجراء حتي الان في الملف المصري وقال مالكوم جريفز من المكتب الصحفي لوزارة الخزانة ل الاهرام القضية الان في يد وزارة الخارجية التي تصدر الينا التوجيه بتجميد ارصدة اي شخص. وأوضح ان المملكة المتحدة تفضل العمل وفق خطة اوروبية ضمانا لتفادي مخاطر تنقل الاموال بين دول ومناطق مختلفة ويضيف انه في حالة استيفاء الشروط التي يتطلبها القانون البريطاني وفي حالة توفر ادلة علي مخالفات قانونية او سوء استخدم اموال الدولة المصرية فان الحكومة سوف تتخذ التدابير الصارمة الملائمة. من الذي يقرر وجاهة الادلة مع اختلاف الانظمة القانونية والاجراءات الجنائية وتوصيف الجرائم بين مصر وبريطانيا؟ ومن الذي يضمن الا تكون الادلة ملفقة او مسيسة؟ الأمر يحتاج إلي اتفاق فيما بين دول الاتحاد الاوروبي يجيب جريفز مضيفا لذا يجب ان تقرر دول اوروبية خطة متفق عليها بشأن جميع الجوانب المتعلقة بتجميد الأرصدةوالحسابات نحن في وزارة الخزانة جهة تنفيذ لقرارات وأوامر التجميد. ويستطيع الأهرام ان يؤكد ان الخارجية المصرية تلقت من لندن تقارير وافية تنبه الي ضرورة الاسراع بتلبية الطلب البريطاني بارسال الادلة القانونية حتي تتمكن لندن من احالة الادلة الي اجهزتها المختصة ومخاطبة بقية دول الاتحاد الاوروبي للاسراع بتحديد خطة واحدة لرد اموال مصر.