كتب: محمود حلمي كانت لحظات فارقة بين الحياة والموت تلك التي تعرض لها المتظاهرون في ميدان التحرير طوال أيام الثورة العظيمة التي بدأت يوم52 يناير وانتهت بانتصار الثورة والاعلان عن تنحي الرئيس مبارك عن رئاسة البلاد يوم11 فبراير الجاري. لقد كانت أشد اللحظات صعوبة وقهرا لشباب الثوار تلك الهجمة الهمجية التي تعرضوا لها يوم الأربعاء الثاني من فبراير وهو ما أطلق عليها موقعة الجمال والبغال والكاريتات والتي شهدها العالم أجمع علي شاشات التليفزيون. كنت من الذين شهدوا الهجوم علي شباب التحرير مساء موقعة البغال يوم الأربعاء الدامي حيث ذهبت في تمام الساعة السابعة وحاولنا الدخول إلي قلب ميدان التحرير من ناحية ميدان أمير الشهداء عبدالمنعم رياض وفشلت المحاولة نتيجة للوجود المكثف من بلطجية النظام فدلفنا إلي ميدان طلعت حرب عبر شارع محمود بسيوني. في الطريق إلي ميدان التحرير قابلتنا العديد من سيارات الاسعاف التي كانت تجري مسرعة وهي تحمل العشرات من المصابين.. وفي ميدان طلعت حزب كانت البشارة والتي جعلت كل من شاهدها يوقن بأن النصر قادم وأن النظام السابق إلي زوال لا محالة.. تجمع المئات من البلطجية في قلب ميدان طلعت حرب للهجوم علي الشباب في ميدان التحرير وكان الهجوم منظما من محاور محددة شوارع بعينها تاركين باقي الشوارع المؤدية إلي ميدان التحرير دون هجوم حتي يتمكن الثوار من الهروب في حالة نجاح هجوم البلطجية عليهم. كانت المفردات اللغوية المتداولة بين البلطجية في ميدان طلعت حرب غريبةوتجاوزت كل حدود اللياقة والادب.. أحد الموالين للنظام السابق خاطب زميله الواقف إلي جانبي هما مش عايزين ديمكراتية.. احتا اكتر منهم.. مش هي دي الديمكراتية. كان من الصعب التحاور مع مثل هؤلاء لاقناعهم بالتحول إلي مكان آخر بعيدا عن ميدان التحرير كي يقولوا نعم للنظام السابق.. واعترف ان محاولة اقناعهم كانت تمثل خطورة كبيرة علي حياتنا ومع ذلك تحدثت أنا وزميلي بدوي نجيلة مع البعض منهم ونجحنا في اثنائهم بان يتراجعوا عن الهجوم علي ميدان التحرير بل أن بعضهم ذهب بعيدا عن موقع الهجوم. في ظل الهجوم الضاري علي شباب التحرير من ناحية شارع قصر النيل وميدان طلعت حرب جاءت البشارة حيث نجح شباب التحرير في تحويل المشهد من دفاع عن النفس الي الهجوم واستطاعوا تفريق الجموع الغفيرة التي هاجمتهم في الشوارع المتفرعة من ميدان طلعت حرب.. في هذه اللحظة ايقنت انتصار الثورة ونجاح الشباب في صمودهم رغم الصعوبات الجمة التي واجهتهم.