التضامن تدشن مبادرة «أحسن صاحب» لدمج الأشخاص ذوي الإعاقة ضمن مشروع «هنوصلك» بالشراكة مع وزارة الشباب والرياضة والتحالف الوطني    الخير قادم لأصحاب المعاشات.. تحسين الخدمات التأمينية أبرز رسائل اجتماع وزيرة التضامن ورئيس هيئة التأمين الاجتماعي    قصور ثقافية ودور أوبرا افتراضية وتوثيق التراث المصري رقميا ومنصات لاكتشاف المواهب.. تفاصيل اجتماع وزيري الثقافة والاتصالات    كامل الوزير: توفير مناخ صناعي مناسب لتوطين وتنمية صناعة السيارات والمركبات الكهربائية    تحرير 34 محضر إشغال طريق و44 حالة ضبط بالمنوفية    السفير حجازى: مصر تبذل كل الجهود الممكنة لوقف الحرب فى غزة    300 يوما من محاولات التهجير وتصفية القضية الفلسطينية.. غزة تحت نيران الاحتلال    أزمة مشاركة شهد سعيد «راكبة الدراجة» تصل للأولمبياد.. أول تحرك من وزارة الرياضة بخطاب رسمي    حبس عاطل لحيازة 75 كيلو آيس مخدر بالقاهرة    محافظ الجيزة يتفقد مستشفى الوراق المركزي لمتابعة سير العمل خلال الإجازات الرسمية    «الخشت» يكرم عددًا من قيادات جامعة القاهرة تقديرًا لإسهاماتهم    وزير التعليم يتفقد المدارس ذات الكثافات العالية بإدارة المرج التعليمية|صور    إقالة مدرب المنتخب الأمريكى بعد الخروج من كوبا أمريكا 2024    استطلاع: 30% من الفرنسيين يؤيدون حكومة من "الجبهة الشعبية الجديدة" اليسارى فقط    "بيتكوين" تترقب بيانات التضخم الأمريكى لتحديد مسار سوق العملات الرقمية    انتهت الأزمة.. منتخب مصر الأولمبي ينهي اجراءات السفر إلى فرنسا    تامر عبد الحميد: وفاة أحمد رفعت رسالة لنا جميعا لنتعظ ونبتعد عن الصراعات    وزيرتا البيئة والتنمية المحلية تناقشان التعاون في إدارة المخلفات الصلبة    إصابة 3 أشخاص في حادث تصادم بالدقهلية    مصرع طفلين غرقا في ترعة بالمنيا    إليسا: أنا مش ضد المساكنة    فتح حجز تذاكر حفل كاظم الساهر فى مهرجان العلمين    إيرادات فيلم عصابة الماكس في دور العرض الأربعاء.. بطولة أحمد فهمي    بعد توقفها 5 أعوام عن العمل.. حورية فرغلي تتعاقد على فيلم "المدرسة"    «وكيل صحة بني سويف» تنفذ جولة ميدانية لمتابعة مشروع تطوير مستشفى ناصر العام    لندن: ستارمر وبايدن ناقشا التطلع لوقف إطلاق نار فوري في غزة    حقيقة العرض القطري لضم أحمد قندوسي وموقف الأهلي ورد اللاعب    ضبط كمية من اللحوم الفاسدة خلال حملة تموينية بالعريش    "هذه أمنيتي قبل الموت".. شيخ الأزهر: مستعد لترك كرسي المشيخة لهذا الأمر    رئيس الوزراء الإثيوبي يعلن رغبته في التوسط بين الجيش السوداني و"الدعم السريع"    تزامنا مع ذروة ارتفاع الحرارة.. استشارية تُحذر من مخاطر التعرض لأشعة الشمس    عصير فاكهة يخلصك من البلغم والسعال- تعرف عليه    طريقة عمل طبق عاشوراء بالبسبوسة، سهل التحضير ومذاقه لا يقاوم    لم ولن ننساهم.. رسائل ومفاجآت من «المتحدة» ل فلسطين بحفل الكينج في العلمين    إصدار قواعد وإجراءات الترشح لعضوية مجلس إدارة الوحدات التابعة لشركات قطاع الأعمال    إمام عاشور يرفض عرضاً ب200 مليون جنيه فى الموسم ويفضل البقاء بالأهلى    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى العمرانية دون إصابات    سقوط عنصر إجرامي بحوزته 76 كيلو حشيش وشابو بالقاهرة    حظك اليوم وتوقعات الأبراج الخميس 11/7/2024 على الصعيد المهني والعاطفي والصحي    بسبب 100 جنيه.. حبس 5 أشخاص خلال مشاجرة بالشرابية    شيخ الأزهر يلتقي نائب رئيس إندونيسيا ويناقشان سبل مواجهة تصاعد ظاهرة الإسلاموفوبيا    حزب الإصلاح والنهضة: الحوار الوطني تطور بشكل كبير على مدار سنتين    شقيق أحمد رفعت: ننتظر محاسبة من تسبب في موت شقيقي    وزيرا الثقافة والاتصالات يبحثان تعزيز التعاون المشترك    "أنت بس اللي هتتأذي".. ميدو يوجه رسالة قوية لهؤلاء اللاعبين    تعرف علي مواقيت الصلاة اليوم الخميس 11-7-2024 في محافظة البحيرة    عاشور: نعمل على تطوير منظومة التعليم العالي بكل روافدها    سكك حديد مصر تكشف تفاصيل تصادم أحد القطارات    بالفيديو| تقرير ل«القاهرة الإخبارية».. الأحلاف العسكرية تستهدف إعادة رسم خريطة القوة والنفوذ    صحيفة أمريكية: ترامب سيقلص تبادل المعلومات الاستخبارية مع أعضاء الناتو    تناقش الميزانيات و«المسؤولية الطبية».. الانعقاد الثاني للجمعية العمومية العادية ل«الأطباء» غدًا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 11-7-2024    استلهام العبر من الهجرة النبوية الشريفة في حياتنا المعاصرة    بورصة الدواجن اليوم بعد الانخفاض الجديد.. أسعار الفراخ البيضاء والبيض الخميس 11 يوليو 2024    أحمد صيام يكشف تفاصيل إصابته بمرض السرطان    هل تجب الزكاة على ذهب الزينة والجنيهات الذهب؟ أمين الفتوى يجيب    جنة عليوة: شهد كانت تقصد إيذائي بنسبة 100%.. ولم أعود لممارسة اللعبة حتى الآن    أحمد سعد يروج لأغنيته مع إليسا "حظي من السما" غدا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مبارك‏..‏ ميراث الأخطاء القاتلة
نشر في الأهرام اليومي يوم 19 - 02 - 2011

لحظة مخاض صعبة وجراحة استئصالية عسيرة تلك التي مرت بها مصر علي مدي‏81‏ يوما لخلع سلطة وشل نظام ظل متمترسا علي قمة المشهد السياسي في مصر لمدة‏03‏ عاما‏,‏ بفضل اليد الباطشة‏,‏ وقدرته المتجذرة في الأرض بأقدام قصيرة‏,‏ بسلاسل فولاذية يصعب شلها أو قطعها أو حتي حلحلتها ولو قليل‏.‏ من كان منا يتصور ولو للحظة عابرة أن يهبط مبارك وأهله من أصحاب الصلف والجبروت والتعالي من أعلي كرسي السلطان‏,‏ وانتهاء مملكة آل مبارك‏.‏ إنه حقا كان أشبه بحلم يداعب خيال المصريين‏..‏ البعض مازال مستغرقا في هول وهوة الحدث‏,‏ والبعض الآخر خطفته لحظة السقوط فأدارت عقله وذهبت به إلي الأفق البعيد في سماء مصر الزرقاء ليتذكر ويراجع ذكريات وأحداث تمر وكأنها أشبه بالشريط السينمائي الذي يضغط ويوجز الأحداث‏,‏ لكنه لا ينسي تركيز بؤرة الكادر علي أحداث ومواجع مؤلمة‏,‏ ومشاهد مفجعة عاشتها بلاده كانت نتاج وضع سياسات الهزائم والانكسارات السياسية والاقتصادية والمعيشية والحياتية في الأعوام الخمسة عشر الأخيرة تحديدا‏.‏
بدت لحظة غياب مبارك عن المشهد المصري تتبدي بوضوح وترك آثارها في جبين الوطن‏.‏
بعد عام‏69‏ كان الإنزلاق الوطني نحو هوية السقوط والتراجع حيث الداخل ينهار‏,‏ والخارج يقذف بالحضور والحركية السياسية المصرية في غياهب المجهول‏,‏ فيتراجع الدور والمكانة وتتآكل المصداقية والحضور في الإقليم‏,‏ وتتم الإزاحة بمصر بعيدا عن متاهات الأزمات التي صنعها النظام لنفسه‏,‏ ومن ثم يعتلي المشهد آخرون يرسمون أضلاع مثلث إقليمي شعبوي بازغة صاعدة كإيران وتركيا مع إسرائيل ترسم ملامح خريطة شرق أوسطية جديدة بدون مصر بعد دهر من البناء والقوة والحضور الأخاذ في المشهد الإقليمي الدولي‏.‏
ولأول مرة يتلاقي الفشل الداخلي مع التراجحع الخارجي ليتصف منظومة العجز والشلل المصري الكامل‏.‏
وفي تقديري أن رصد وقراءة أسباب هذا العجز والفشل في الداخل والخارج معا ضروري وملح في هذه اللحظة حتي نستوعب كمصريين الدروس والعبر المستفادة وحتي نلهم قادة المرحلتين الحالية والقادمة مراجعات نقدية تستشرف أفقا جديدا‏,‏ وتتجاوز سنوات الفشل العجاف‏,‏ وأعتقد أن أول تلك الأسباب كان شل ورفع مبارك برغبة داخلية منه منذ مشارف التسعينيات عن متابعة ورصد وتسيير إدارة شئون الدولة حيث أصابه الملل بالفعل‏,‏ فترك وفتح المجال لتسرب أشخاص من آل بيته ومكتبه لإيجاد كيانات رئاسية موازية لمنصب الرئيس تدبر وتسير أمور الوطن بمعرفتها عبر منطق أصحاب المزرعة والأبعدية الخاصة‏,‏ ومن ثم توالت الأخطاء التي تحولت إلي خطايا وانزلاقات حتي كانت مرحلة الجريمة الكبري عبر تزاوج المال والسلطة‏,‏ تلك المرحلة التي أشرت إلي دخول مصر نفق الفساد الطويل‏.‏
ومع بداية الألفية الجديدة ترك مبارك مقاليد الأمور كاملة لآل البيت وحوارييه ليديروا بلدا بحجم مصر‏,‏ وهو المغيب قسرا عن أحوال الرعية حتي نجحوا وبرعوا بالفعل في تحويل الجمهورية المصرية إلي جمهورية الفساد والرشوة‏,‏ فتأتي دوما في قمة بيانات وتقارير انعدام الشفافية وجرائم الفساد‏,‏ ومنذ ذلك الوقت انجرفت البلاد إلي الانهيار الكامل ودخلت نفق الشيخوخة الكاملة فتراجعت معدلات الدخل‏,‏ وانزوت الطبقة الوسطي وتاهت في الهرم الاجتماعي‏,‏ ولحقت بمعدلات وأرقام الطبقة المعدومة لتعتلي المشهد برمته طبقة رجال الأعمال الذين استطاعوا امتلاك دخول شهرية وسنوية تعادل ميزانيات دول عدة في المنطقة‏.‏
واستطاع عز وعصابة الخمسة الكبار في مصر أن يقودوا أوركسترا النهب المالي المنظم والمتعدد السرعات مع الإبقاء علي مسافة قريبة وليست متساوية لاستكمال ومواصلة مسيرة النهب تلك لفئة قريبة منهم من رجال الأعمال والأصدقاء المقربين الذين تم الدفع بهم في وزارات الدولة لاستكمال حلقات السيناريو الذي قاد إلي إفقار المصريين وابتلاع ثرواتهم في جوف عصابات وحيتان المال الجدد في مصر‏,‏ بجانب استكمال خطة تعطيل المسار السياسي في مصر عبر حالة من الانسداد والانغلاق السياسي الذي عاشته البلاد مقابل السطوة والسيطرة للحزب الوطني حتي بلغ بهم الفجر السياسي ذروته في سيناريو الانتخابات التشريعية الأخيرة نهاية ديسمبر الماضي بعد أن سعوا لإقصاء وتهميش وإلغاء الحضور والمشاركة للمعارضة والمستقلين في التمثيل بعضوية البرلمان‏,‏ وهي كبري الأخطاء التي فجرت وأشعلت لحظة الغضب التي كانت وقود ثورة الشباب في الخامس والعشرين لتضع نهاية الرحيل التراجيدي لمبارك‏,‏ وليفيق المصريون جميعا علي كارثة ونموذج الدولة الفاشلة الذي تجلي ليلة جمعة الغضب عندما وقعت المصادمات وأعمال القتل والترويع علي يد رجال داخلية حبيب العادلي‏,‏ حيث غابت شرعية الدولة‏,‏ وانكشف خداع اوأكذوبة دولة المؤسسات التي أهلكنا بها مبارك والشريف وسرور لثلاثين عاما‏,‏ لنكتشف سقوط شرعية السلطة ورأس النظام خلال عدة ساعات فقط‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.