النيل في ثقافة الشعوب الإفريقية كان عنوان ومجري مهرجان طيبة الدولي الذي اختتم دورته الثالثة بمدينة الأقصر قبل خمسة أيام, والتي انعقدت تحت رعاية وبحضور الدكتور سمير فرج محافظ الأقصر, ورئاسة الأديب محمد سلماوي رئيس اتحاد الكتاب. , اللذين ألقيا كلمتيهما وسط حشد من المبدعين المصريين والعرب والأفارقة, من أبرزهم الأدباء بهاء طاهر وإبراهيم أصلان وعبد الوهاب الأسواني والشاعر حسن طلب, وعدد من الكتاب والنقاد والصحفيين. وفي جلسة الافتتاح قرئت رسالة من الدكتور بطرس غالي الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة إلي أصحاب المؤتمر تحية لهم علي اختيارهم النيل محورا رئيسيا لملتقاهم, لأهمية قضية المياه لمصر والمنطقة الآن, منوها بقدرة الثقافة في التفوق علي السياسة في الأمور الشائكة. ووافقه الأديب بهاء طاهر ضيف شرف المؤتمر علي أهمية اختيار النيل محورا للمؤتمر, ورحب بالضيوف لكونه أقصريا, ثم جري تكريم الشاعرين أسامة البنا ورمضان عبد العليم, والقاص محمد عبد العال المريسي وهم من أبناء الأقصر. وتزامن الافتتاح مع حدثين آخرين مهمين, مسابقة التجديف الدولية, ومهرجان التحطيب, فانتعشت أنحاء الأقصر بروح كرنفالية منحتها فرحة الأعراس, ولضمت أسباب البهجة في عنقود واحد. فالتجديف في النيل الذي شكل هذا العام سياقا أساسيا لمؤتمر طيبة الثقافي, والتحطيب في باحة معبد الكرنك مزج العراقة بالحداثة, وتمايل الأهالي والضيوف علي إيقاع العصي فيالرقص الشعبي, علي خلفية تاريخية مهيبة, تجلت مصر فيها بلقطة ثلاثية الأبعاد, حيث عانق معبد الأقصر مسجد الشيخ أبو الحجاج, والكنيسة, وتناغمت تيجان زهرة اللوتس علي رؤوس الأعمدة مع هلال المئذنة, والصليب. كأن الأحجار تجسد مكنونات القلوب. وضمت أدبيات المؤتمر ثلاثة كتب, احتوي أكبرها الأبحاث الرئيسية موزعة علي ثلاثة عشرة عنوانا, بين النيل في الأساطير والأدب لدي قبائل وشعوب تعيش علي ضفتيه, وما عداهم من شعراء عرب وأفارقة, وكتاب ثان النهر الخالد جمع فيه الشاعر أحمد سويلم قصائد لشعراء تغنوا بالنيل, والثالث ديوان بالعامية غنيوة للسمرا للشاعر فراج العين. وشهدت جلسات المؤتمر ثراء في الموضوعات, وحيوية الحضور, خاصة الأولي التي تناولت الأساطير في ثقافة القبائل النيلية بجنوب السودان للدكتور شول دينق يونق, والأسطورة والطيب صالح للدكتور أحمد شمس الدين الحجاجي, وحفلت جلسة اليوم الثاني بقراءات إبداعية رائعة لأدباء أفارقة ارتبط بعضها بالنيل, عكست تنوع الثقافة الإفريقية, وأكدت أهمية توسيع أوجه التعاون بين شعوب القارة ثقافيا, وأبدي فيها الكاتب محمد سلماوي خفة ظل لافتة ومهارة في التعريف بالضيوف وأعمالهم والترجمة الفورية للشعر الذي يحتاج لجهد أكبر ووقت أطول. وكانت أولي جلستي اليوم الثالث عن صورة النيل بين شاعرين لرئيس اتحاد أدباء سوريا حسين جمعة, و الفرنسيون ومشروع القناطرللدكتور أحمد يوسف, وطبع الأدب الجلسة الثانية حيث تحدث الشاعر محمد أبو دومة عن علي شلش والأدب الإفريقي, ومحمد الشافعي عن مصر هبة المصريين, وفتحي عبد السميع عن الشعر والأسطورة, وختم أسامة عرابي ببحث في أدب القاص محمد المريسي. وقرأ مأمون الحجاجي أمين عام المؤتمر التوصيات في الختام. أهمها رفض التطبيع مع الكيان الصهيوني, وتأكيد وحدة مصر الوطنية, والتضامن مع الشعب التونسي واحترام ارادته, وإنشاء معهد دراسات ثقافات دول حوض النيل بالأقصر, وإصدار وزارة الثقافة سلسلة للأدب الإفريقي وترجمة الإبداع المصري إلي لغات إفريقية, وإعادة الإذاعات الموجهة لإفريقيا.